سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تتحدث جماعة الإخوان عن ضرورة إقامة دولةٍ إسلامية تحكم بما أنزل الله سبحانه، وتزخر أدبياتها المستقاة من حسن البنا وسيد قطب، وقبلهما أبو الأعلى المودودي، بتنظيرات لشكل المجتمع والدولة في ظل الحاكمية. وظلت الجماعة على هذه الحال منذ تأسيسها في 1928، إلى أن تحقق المثال أمامها واضحًا بظهور الدولة الإسلامية في إيران، مما شكل نموذجًا محتملًا للجماعة حتى تقتدي به.
البحث عن حليف
قبل أعوامٍ طويلة على صعود الخميني إلى سدة الحكم، مدعومًا بآمال الشعب الإيراني بالحرية -الآمال التي خيبها فيما بعد- كان حسن البنا منتصف أربعينيات القرن الماضي، يبحث عن دوافع إسلامية من أجل تشكيل مجتمعٍ إسلامي، دون توجهاتٍ طائفيةٍ محددة، سنيةً كانت أم شيعية، وهو ما يؤكده الباحث السوري محمد سيد رصاص في دراسته “الإخوان المسلمون وإيران الخميني – الخامنئي”.
ويقول رصاص في دراسته: “بعد زواج شاه إيران محمد رضا بهلوي، قاد الأزهر توجهًا للتقريب بين المذاهب، فأدرج المذهب الجعفري للتدريس في الأزهر”.
ويشير الباحث إلى أن “نهج الأزهر هذا شجع حسن البنا ليقوم باستضافة محمد القمي، أحد أعلام الشيوخ الشيعة، في المقر العام لجماعة الإخوان في القاهرة، ثم استقبل آية الله الكاشاني عام 1948، وذلك قبل مقتله في 1949″، وهو ما مهد لعلاقاتٍ بين الجماعة وإيران قبل الثورة الإسلامية، اقتصرت برأي رصاص على إحداث الأثر المتبادل، خصوصًا ترجمة كتاب سيد قطب “المستقبل لهذا الدين” إلى اللغة الفارسية، وإعجاب الملالي الإيرانيين به وبمبدأ الحاكمية. ولعل زيارة مؤسس حركة “فدائيان إسلام” الإيرانية المتطرفة “نواب صفوي”، إلى سيد قطب في القاهرة عام 1945، تدلل على مدى التقارب المبكر بين “مشروعي الإخوان وقياديي الثورة الإسلامية”، وفقًا لما ورد في وثائقيٍ لقناة “العربية”.
التفاهمات بعد 1979
من المعروف سياسيًا أن جماعة الإخوان تتمتع بالواقعية والبراغماتية. والعلاقات التي بنيت مع رجال دين شيعة قبل الثورة الإيرانية كما ذكر سابقًا، لم تمنع من “تشكيل وفدٍ في 11 شباط/فيراير 1979 من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، وزيارة الخميني لتهنئته بانتصار الثورة الإسلامية”، وذلك بحسب مجلة “كريسنت إنترناشونال” التي تضيف في عددٍ لها عام 1984 كذلك، أن “عمر التلمساني، المرشد العام لجماعة الإخوان آنذاك، يرى أنه لا يوجد أحد من الجماعة يهاجم إيران بأي حالٍ من الأحوال”، حتى في حربها مع العراق فيما بعد.
ويرد في كتاب “المتغيرات الدولية والدور الإسلامي المطلوب”، للقيادي اللبناني في جماعة الإخوان فتحي يكن: “تنحصر المدارس التي تتلقى منها الصحوة الإسلامية عقيدتها وعلمها ومفاهيمها في ثلاث مدارس: مدرسة حسن البنا، ومدرسة سيد قطب، ومدرسة الإمام الخميني”.
ويبدو أن ما قاله فتحي يكن ليس مجرد رأيٍ سياسيٍ، إذ شهد العام 1979 تأسيس “جماعة الدعوة والإصلاح في إيران”، وهي جماعة سنية، تمثل التنظيم الدولي للإخوان في إيران. وفي دراسةٍ موثقة لمركز “المزماة” للدراسات والأبحاث، يظهر أن تأسيس الجماعة جاء على أساس توافقٍ إيرانيٍ إخواني، إذ تأسست على يد “ناصر سبحاني، المرشد الروحي لإخوان إيران، أحد كبار مؤسسي جماعة الدعوة والإصلاح، الذي سرعان ما تراجع تأثيره نهاية الثمانينيات بسبب انتقاده إيران خلال الحرب العراقية الإيرانية”.
وفي هذا السياق، تكشف الدراسة المنشورة بتاريخ 11 نيسان/إبريل 2018، أن “رجلًا آخر هو أحمد مفتي زادة، كان نصيرًا للصحوة الإسلامية… كما أسس مجلس شورى السنة والجماعة في إيران”. لكن الدراسة تشير كذلك إلى عدم استمرار العلاقة المتوقعة بين جماعة الإخوان وجماعة الإصلاح في إيران، بسبب تضييق السلطات الإيرانية على الأخيرة، بل إن إيران تولت مباشرةً إدارة علاقاتها مع الإخوان.
وتذكر الدراسة، أن السلطات الإيرانية ظلت تتساهل مع جماعة الإصلاح لاعتبارها ممثلةً لجماعة الإخوان لأسبابٍ عديدة؛ منها أن “جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها، تتساهل إزاء عقائد الشيعة ومخططاتهم، إذ باركت ثورة الخميني فور وصوله إلى السلطة، كما أنها تستخدم كحلقة وصل مع الدول العربية والإسلامية السنية، حتى في شؤون تحسين العلاقات أو تخفيف حدة الخلافات مع دولٍ كالمملكة العربية السعودية”.
ولعل كل الشواهد المذكورة في هذا التقرير، تكشف أن فكرة التنافر بين إيران ومشروعها (الصحوي الإسلاموي)، مقابل جماعة الإخوان، ليس سوى تنافر مستحيل من ضرب الخيال؛ إذ شهدت معظم مراحل العلاقات بين البلدين، قبل الثورة وبعدها، نوعًا من التلاقي في الأفكار والأدبيات والمواقف السياسية.
كيف كشفت علاقة حماس بها عن موقف الإخوان؟
بعد اتضاح تداخل الجوانب الفكرية بين إيران وجماعة الإخوان، فإن الجانب السياسي المتمثل بالعلاقات طويلة الأمد والمتقلبة بين حركة حماس وإيران لا يمكن تفسيرها إلا بوجود علاقاتٍ سياسية إيجابية بين الجماعة وإيران؛ إذ تعد الجماعة حركة حماس ذراعًا متقدمًا لها عسكريًا، لا يحقق مصالح مقاومة العدو الصهيوني فحسب، لكنه يعكس رؤية الجماعة الدينية والسياسية أيضًا، ومصالح إيران كذلك، بحسب خبراء كثر على مدى عقود.
وربما أن الأزمة الخليجية التي تفاقمت منذ منتصف 2017، وتحركات التحالف العربي في اليمن ضد الإرهاب الحوثي، يعطيان صورةً واضحة عن أساليب تدخل إيران في اليمن والعراق، ومن قبلهما لبنان، إذ تستند إلى خزانٍ بشريٍ وجغرافيٍ طائفي شيعي، من أجل تحقيق مصالحها، وهو ما لم يشهد أي انتقاداتٍ واضحةٍ من جماعة الإخوان، حتى خلال أحداث ما يسمى الربيع العربي.
أيضًا، من الواضح أن السنوات الأخيرة تشهد خلافًا سياسيًا حقيقيًا بين الإخوان ودول التحالف ممثلةً بكلٍ من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، إذ تعمل جماعة الإخوان ضد توجهات البلدين للأمن في اليمن، خصوصًا ما أوردته صحيفة “الخليج”، بتاريخ 14 كانون الثاني/يناير 2017، أنّ “حزب الإصلاح الذي يمثل ذراع الإخوان المسلمين في اليمن، حاول التعايش مع جماعة الحوثي الإرهابية، ولم يدافع عن مصلحة الشعب اليمني، بل وأسهم في إعاقة استعادة الدولة؛ عبر العراقيل التي كان يضعها أمام تحرير المدن والمناطق اليمنية من سيطرة الحوثيين”، وهو ما يكشف من جديد عن تلاقي مصالح إيران الداعمة لجماعة الحوثي الإرهابية، مع مصالح جماعة الإخوان.
المصدر: كيو بوست
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر