سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Christophe Blassiau, Michael Daniel, Michele Mosca
لسنوات عديدة، كان مصطلح “حاسوب الجيل القادم” يعني في الواقع آلة أسرع. كانت تلك الحواسيب الجديدة تقوم بنفس الأشياء وتحسب بنفس الطريقة التي كانت عليها الآلات السابقة، ولكن بسرعات أعلى ومساحة تخزين أكبر فقط.
اليوم، تعني الحوسبة للجيل القادم شيئًا آخر تمامًا. إنها تعني أنواعًا مختلفة من الآلات وطرق الحساب، تتمتع بقوة وانتشار وسرعة غير مسبوقة. وهي تشمل ما هو أكثر بكثير من مجرد الذكاء الاصطناعي.
إنها تشمل تسخير قوة ميكانيكا الكم لصنع أجهزة يمكنها معالجة البيانات بطرق مختلفة جوهريًا، باستخدام بتات “bits” قادرة على تجسيد حالتين متميزتين في آن واحد، وليس مجرد التشغيل أو الإيقاف. وهي تعني محاكاة بنية ووظائف الدماغ البشري لإنشاء حواسيب عصبية الشكل “neuromorphic computers” واستخدام الجزيئات البيولوجية لإجراء العمليات الحسابية. كما تعني أيضًا وضع الحواسيب في الفضاء والاستفادة من تلك البيئة.
ستقوم حوسبة الجيل القادم بتوسيع ما نسميه الفضاء الإلكتروني بطرق هائلة وستمكّن من ظهور أنشطة جديدة بالكامل عبر الإنترنت.
ومع ذلك، ستكون أيضًا عرضة بشدة للهجوم والتلاعب والتعطيل، ما لم يتم بناء الأمان في هذه الأنظمة منذ البداية. سيتطلب ذلك من المستهلكين والشركات والدول العمل معًا لتشكيل عملية التطوير والنشر.
تضمين الأمن
كما هو الحال مع الأجيال السابقة من الحوسبة، يمتلك الجيل القادم القدرة على تحقيق فوائد هائلة. لكن هذه الآلات يمكن أن تصبح أيضًا أهدافًا وأدوات للجهات الخبيثة إذا لم يتم بناؤها بشكل صحيح.
الحوسبة موجودة في كل مكان، في كل جهاز، ومعاملة، ومدار. مع هذه القوة والاعتمادية المنتشرة، لم يعد بإمكان العالم الاعتماد على اللحاق بالركب من خلال ترقيع كل تهديد جديد فور ظهوره. بدلاً من ذلك، يجب على قوى السوق أن تقدم نظامًا مناعيًا إلكترونيًا قويًا وقابلاً للتكيف.
يجب تضمين الأمن في حوسبة الجيل القادم منذ البداية لمنع الجهات الخبيثة من مهاجمة أو تعطيل هذه الأنظمة لإحداث الضرر. وفي الوقت نفسه، يجب أيضًا استخدام هذه الأدوات الجديدة لجعل الدفاعات الإلكترونية الحالية أكثر فعالية.
قد يعني الفشل أن حواسيب الجيل القادم ستتسبب في ضرر كبير، ربما ضرر أكبر من النفع. لكن النجاح سيخلق المرونة والقدرة على تسخير هذه التقنيات بثقة لدفع الإنتاجية والقيمة الاجتماعية، حتى مع تطور الخصوم أيضًا.
في الواقع، يظهر تاريخ الحوسبة أن الجهات الخبيثة ستجد في نهاية المطاف طريقة لاستخدام التقنيات الجديدة لأهداف ضارة.
المثال الكلاسيكي هو القلق من أن الحوسبة الكمومية ستمكّن المهاجمين الإلكترونيين من كسر التشفير غير المتماثل “asymmetric cryptography” الحالي بسهولة، مما يجعل كل معاملة تقريبًا على الإنترنت عرضة للخطر. ستتفوق الحواسيب العصبية الشكل في التعرف على الأنماط، مما يمكّن الخصوم من تحديد نقاط الضعف المحتملة في شفرة البرامج أو الأخطاء في إعدادات الشبكات بسهولة أكبر.
لذا، بينما ننشر هذه الأدوات، يجب أن نأخذ في الحسبان حقيقة أن الجهات الخبيثة ستسعى لتسليحها وإيجاد طرق لجعل سوء الاستخدام هذا أصعب تحقيقًا.
المرونة بالتصميم
كل نظام يحتوي على عيوب، ولكن التصميم والهندسة المناسبين يمكن أن يقللا من عدد نقاط الضعف في هذه الأنظمة. وهذا يجعلها أكثر مرونة في مواجهة التهديدات. ومع ذلك، إذا تم نشر حواسيب الجيل القادم دون أخذ الأمن السيبراني في الحسبان، فسيتم تكرار الأخطاء نفسها التي ارتُكبت في فجر عصر الإنترنت. بعبارة أخرى، ستكون هذه الأنظمة غير آمنة بشكل أساسي وقد لا تتمكن أبدًا من اللحاق بالركب إذا تمت إضافة الأمان ببساطة في وقت لاحق.
إن بناء الأمان في هذه الأنظمة لا يعني التنازل عن القدرة، أو حتى إبطاء النشر بشكل كبير. بل يعني بناء الأمن السيبراني ضمن عمليات الهندسة والنشر.
يمكن أن توفر التكنولوجيا مزايا دفاعية أيضًا. ستعمل الشبكات الكمومية على تحسين القدرة على حماية روابط الاتصال ضد المتنصتين الأقوياء. يمكن استخدام الحوسبة العصبية الشكل للعثور على نقاط الضعف في الشفرة الجديدة قبل نشرها أو لفحص الشبكات بحثًا عن الأخطاء في الإعدادات قبل أن يجدها الفاعلون السيئون.
تفتح الحوسبة البيولوجية آفاقًا لأدوات تشفير مبتكرة أو معالجة متوازية ضخمة بتكاليف طاقة أقل بكثير. يجب أن تفكر صناعة الأمن السيبراني بالفعل في كيفية توظيف هذه التقنيات الجديدة.
تشكيل حدود حوسبية آمنة
لقد كانت التغييرات التي أحدثها الإنترنت والأجيال القليلة الأولى من الحوسبة هائلة. وقد أدت التطورات في الذكاء الاصطناعي إلى تسريع هذه التغييرات. وكانت العديد من التطورات الناتجة إيجابية، حيث غذّت النمو الاقتصادي والتواصل البشري.
لكن، لسوء الحظ، ترافقت تلك السمات الإيجابية مع جانب مظلم، وهو انفجار في الجرائم الإلكترونية والاضطراب. بدأ الذكاء الاصطناعي بالفعل في تمكين الجهات الخبيثة. وإذا أُريد لحوسبة الجيل القادم أن تتجنب المصير نفسه، فيجب بناء الأمن السيبراني في صميمها، في حمضها النووي.
سيتضمن هذا الأمر أكثر من مجرد التكنولوجيا. لقد قامت الحكومات، سواء عن قصد أو عن غير قصد، بهيكلة الأسواق لتفضيل السرعة على عوامل أخرى مثل الاعتبارات البيئية أو المخاوف الأمنية. ونتيجة لذلك، غالبًا ما تُحفَّز الشركات على نشر التكنولوجيا التي تحتوي على عيوب أمنية معروفة أو المخاطرة بفقدان ميزتها التنافسية.
إن تغيير هياكل السوق لتحفيز الشركات على أخذ مصادر القيمة المهمة الأخرى في الحسبان، مثل الأمن السيبراني أو السلامة العامة، سيتطلب تعاونًا من العديد من الدول المختلفة، وليس دولة أو دولتين فقط. ويحتاج المستهلكون أيضًا إلى تضمين هذه الاعتبارات في قرارات الشراء الخاصة بهم. سيؤدي هذا إلى توليد إشارة طلب على السلامة والأمن في منتجات حوسبة الجيل القادم.
إذا تمكنت المجتمعات من مواءمة هذه الحوافز بشكل صحيح، فسوف تستمتع بفوائد حوسبة الجيل القادم مع تقليل تكاليفها أيضًا. وهذا قد يعني أن حوسبة الجيل القادم ستصبح أقوى درع للبشرية بدلاً من أن تكون أكبر نقطة ضعف لها.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر