كورونا وانتخابات الرئاسة الأميركية | مركز سمت للدراسات

تأثير جائحة كورونا على حملات انتخابات الرئاسة الأميركية 2020

التاريخ والوقت : الجمعة, 24 يوليو 2020

محمد عبدالهادي – شيماء فاروق

سيتوجه الناخب الأميركي في الثامن من نوفمبر القادم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية، وتأتي انتخابات الرئاسة الأميركية هذا العام تزامنًا مع جائحة كورونا (COVID-19) التي تسببت في العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية داخل الولايات المتحدة الأميركية وعلى المستوى العالمي, وبالرغم من ذلك لم يمنع فيروس كورونا الحزب الديمقراطي من تحديد مرشحه فقد فاز “جون بايدن” -نائب الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما- في الثلاثاء الكبير 3 مارس 2020 بعد انسحاب السناتور الديمقراطي، بيرني ساندرز، وأنهى حملته الانتخابية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. مما مهد الطريق أن تعقد الانتخابات الأميركية المقبلة بين الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب ونائب الرئيس الأميركي السابق جون بايدن في ظل الاختبار الذى ستفرضه جائحة كورونا وانعكاساتها على سياسة ترامب الداخلية أو الخارجية.

يعد النظام الانتخابي الأميركي أحد النظم الانتخابية المعقدة, ولعل هذا النظام بتركيبته الحالية من المحتمل جدًا أو إلى حد ما أن يتأثر بتفشي فيروس كورونا، وينعكس على الحملات الانتخابية والبرنامج الانتخابي لكل من المنافسين ترمب وبايدن, لذلك تعد جائحة كورونا محددا هاما فى حسم الانتخابات القادمة وتزيد من فرص المرشح القادر على العبور بالأزمة الوبائية وتداعياتها. تنطلق هذه الورقة البحثية من عدة تساؤلات تدور حول: كيف تعاملت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع جائحة كورونا؟ ولماذا؟. وهل يمكن تطويع النظام الانتخابي الأميركي الحالي لملائمة جائحة كورونا؟ وكيف؟. وأخيرا ما السيناريوهات المستقبلية التي تنتظر الانتخابات الاميركية المقبلة؟.

أولاً- سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في التعامل مع جائحة كورونا

سجلت الولايات المتحدة الأميركية حتى الرابع من يوليو 2020 أكثر من (2500000) حالة إصابة لفيروس COVID-19 وحوالي (130000) حالة وفاة في حين تعافى لديها حوالى (1000000) حالة, هذه الأرقام جعلت الولايات المتحدة الأمريكية في صدارة الدول التي تفشى فيها وباء كورونا, لعل ذلك يرجع إلى سوء إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأسلوب تعاطيه مع خطورة الفيروس منذ اللحظات الأولى, فقد تعامل الرئيس الأميركي مع جائحة كورونا فيما لا يضر بقطاع الأعمال والتجارة فقد استمر السفر التجاري بالرغم من تفشي الوباء في عدد من البلدان الآسيوية والأوروبية بغاية عدم إعاقة حركة الأموال والسلع والعمال.

إن فيروس كورونا هو ظرف استثنائي يحتاج إلى وسائل وأدوات استثنائية, للتدخل السريع من أجل تحجيم حجم الخسائر البشرية, لكن سيطرة الرأسمالية على الفكر الجمهوري بصورته الكلية أدى الى بطئ في التعامل مع إدارة الأزمة على حساب المواطنين.

فقد تم الإعلان عن أول أصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة الأميركية في 21 يناير 2020 وهي حالة كانت قادمة من الصين, تزامن ذلك مع تفشي فيروس كورونا في الصين وكانت على وشك إغلاق مدينة ووهان, بالإضافة الى انتقال الوباء الى أربع دول أخرى, بالرغم من ذلك فقد صرح ترمب في مقابلة أجراها في دافوس في 22 يناير بأن “لا توجد مخاوف بشأن فيروس كورونا وأنها أصابه واحدة قادمة من الصين”.

من هنا كان التراخي والاستهانة من قبل الرئيس الأميركي بشأن فيروس تفشى في الصين واغلق الحياة بأكملها واستند ترامب في  تهاونه بالأمر بأن الصين لم تعلن عن الاعداد الحقيقية بشأم فيروس كورونا, واكتفى بتبادل الاتهامات بين البلدين في حين تجاهل ترمب تحذيرات الخبراء الأميركيين, فقد انصبت مخاوف الرئيس الأميركي على عدم التهويل من الفيروس حفاظًا على قطاع الاستثمار الأجنبي.

فقد تعامل ترمب مع انتشار فيروس كورونا بشكل سيء أدى الى تفاقم الأعداد والإصابات في المقابل الحفاظ على الاقتصاد الأميركي, فلم يشكل ترمب منذ بداية الأزمة لجنة لدراسة الوضع ومدى خطورته, بل شكلت تصريحات ترمب عامل خطير على تفشي الوباء, فقد كانت كتصريحاته كالتالي:

في 24 يناير غرد على حسابه في تويتر: ” كل شيء سيعمل بشكل جيد” .

في 30 يناير في خطابه في ميتشغان صرح : ” الأمور تحت السيطرة بشكل جيد, ولدينا خمس حالات, وهي مشكلة صغيرة, وسوف يتعافون”.

في 31 يناير أصدر ترمب قرار بمنع الأجانب الذين زاروا الصين مؤخرًا من الدخول في حين استمر دخول الأميركان حتى بعد زياراتهم للصين, لعل ذلك يرجع الى تجسيد المنافسة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين, وليس كأجراء  وقائي من فيروس كورونا.

اتسمت تصريحات الرئيس ترمب بعدم الانضباط في التعامل مع الأزمة فقد صرح بأن أزمة تفشي المرض سوف تنتهي في 10 من فبراير, وبعدها تنبأ بانتهاء الأزمة بحلول الربيع واعتدال الجو مع بداية أبريل, لكن الواقع انعكس بتفشي المرض وازدياد الوضع سوءًا, أيضًا صرح في 19 فبراير بأن الوضع سوف يتحسن تدريجيًا, في حين  أعلنت منظمة الصحة العالمية بأن المرض تفشى في 30 دولة وأصبح يتضاعف بصورة كبيرة, بالرغم من ذلك كان ترمب مهتم بسوق الأسهم  في حين قد أعلنت إيطاليا عن تفشي الوباء وتحول إيران لبؤره من بؤر الوباء, بينما ترمب غير مبالي بتصاعد الوضع وخطورته التي وصلت الى مرحلة تهدد الصحة العامة للمواطنين في الولايات المتحدة الأميركية.

في 29 فبراير توفت أول حالة بفيروس كورونا, فأعلن ترامب قيود على السفر لإيران, إيطاليا, وكوريا الجنوبية, قد صرح في نفس اليوم: ” أننا لا حاجة لنا بتغيير أي شيء نفعله في حياتنا اليومية, ولا تزال المخاطر منخفضة, وإن كان هذا يمكن أن يتغير”

في بداية مارس أكد الخبراء الأميركيين بأن فيروس كورونا قد تصل الاصابات به الى 215 مليون أميركي, وسوف تصل الوفيات الى 107 مليون, بالرغم من خطورة ما تم الإعلان عنه, إلا أن أولوية الرئيس الأميركي لازالت الاقتصاد الأميركي أولاً, متجاهلاً هذه الأرقام المخيفة.

في 11 مارس أعلن البيت الأبيض تعليق السفر من معظم الدول الأوروبية, وقد جاءت هذه الخطوة بعد تفاقم الوضع في الولايات المتحدة وأصبح خارج السيطرة, وهذا ما أعلنه ترمب في 16 مارس حيث قال: ” عند التحدث عن فيروس كورونا فهو ليس تحت السيطرة في أي مكان بالعالم, ولكن أقصد أن ما نقوم به حيال الفيروس تحت السيطرة وليس عن الفيروس”.

في منتصف مارس بدأ ترمب يلقي اللوم على الصين بشأن اخفاء المعلومات الحقيقية حول إحصاءات فيروس كورونا, في حين أعلن الرئيس الصيني “شي جين” في 20 يناير إن الفيروس يجب أن يؤخذ على محمل الجد وأنه من اخطر الفيروسات فهو لديه القدرة على الانتقال بين البشر سريعًا, بينما أعلنت منظمة الصحة العالمية انتشار الفيروس في 100 دولة, وقد حذر أحد علماء الأوبئة في وزارة الخارجية الأميركية من احتمالية انتشار الوباء في جميع أنحاء العالم في مدة قصيرة, وهو ما أكدته تقارير المخابرات الوطنية.

وقام باتخاذ العديد من الاجراءات بعد منتصف مارس حيث أجرى اتصاله بحكومة الولايات (50 ولاية) من أجل التنسيق بين الجهود التي تجريها الحكومة الفيدرالية وحكومة الولايات, حرص ترمب على جعل الاقتصاد متماسك أمام جائحة كورونا فقام بتأجيل مدفوعات الضرائب بدون فوائد أو عقوبات, , ثم تعاقد مع شركة Google للتوعية بالفيروسات التاجية, وكيفية الوقاية منها, أعلنت وزارة الدفاع في 17 مارس توفير خمسة ملايين قناع و2000 جهاز تنفس وقع ترمب على قانون العائلات الأولى, الذي يوفر الاختبار مجانًا واجازة مرضية مدفوعة الاجر للعامليين.

18 يناير أعلن أغلاق مؤقت بين الولايات المتحدة وكندا من جانب والمكسيك من جانب أخر لحركة المرور الغير ضرورية, وتبعت هذه القرارات تزايد في حالات الإصابة وحالات الوفيات, مما أدى الى اتخاذ الادارة الأميركية جملة من القرارات التي تعزز من محاولة التعايش مع  جائحة كورونا والمحافظة على الاقتصاد الوطني من جانب أخر مع توفير امدادات النفط, منع تصدير الأقنعة التنفسية والجراحية والقفازات, كما أعلن في إبريل أن الامريكيين غير المؤمن عليهم سوف يخضعون لعلاج كورونا باستخدام التمويل من قانون (CARES).

على الرغم من التقدم الهائل في قطاع الصحة والتي استطاعت الولايات المتحدة الأميركية تحقيقه في السنوات السابقة حيثُ تعد من أكبر الدول التي تقوم بالإنفاق على قطاع الصحة, ولكنها تتبع شكل سيء في نتائج الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض.

ثانياً- جائحة كورونا والنظام الانتخابي الأميركي

يعتمد انتخاب الرئيس الأمريكي ونائبه عن طريق المجمع الانتخابي (Electoral college ) فهو عبارة عن هيئة انتخابية مهمتها اختيار الرئيس ونائبه (اقتراع غير مباشر), حيث يتم تشكيل المجمع الانتخابي من نواب عن كل ولاية (50 ولاية) عدد ممثلي كل ولاية بحسب عدد المقاعد لها في مجلس النواب والشيوخ فعدد النواب 538 يجب على الرئيس الحصول على الأقل 270 صوت من الاصوات الانتخابية في المجمع الانتخابي, حتى تتم الانتخابات يسبقها انتخابات تمهيدية بحسب كل ولاية, يتم تحديد الانتخابات في أول ثلاثاء بعد أول اثنين من شهر نوفمبر. ولا يعترف بنتائج الانتخاب الشعبي وما يتم اقراره هو نتائج المجمع الانتخابي.

تتباين طرق اختيار أعضاء المجمع الانتخابي، حيث تختار بعض الولايات ممثليها بالتصويت الشعبي، عبر وضعهم على ورقة الاقتراع‎، وهناك ولايات أخرى تختارهم خلال المؤتمرات العامة للأحزاب بالولاية، أو يختارهم الكونغرس المحلي لكل ولاية, بالرغم من أن المندوبين غير مجبرين على التصويت لصالح المرشح الفائز بالتصويت الشعبي داخل الولاية التي يمثلونها، إلا أنهم في الغالب يتبعون القاعدة “الفائز يحصل على كل شيء”، لكن قوانين 25 ولاية تفرض على مندوبيها التصويت للفائز، بل وتفرض عقوبات متفاوتة عليهم، في حال عدم التصويت لصالح الفائز, بينما تترك بقية الولايات لممثليها حرية الاختيار, بالتالي التصويت الشعبي في بعض الولايات ضروري لحسم العملية الانتخابية.

من أجل منح حرية التصويت لأكبر عدد ممكن من الناخبين، زود النظام الانتخابي الأميركي الراغبين بالاقتراع بفرص عدة لفعل ذلك، منها التصويت الغيابي، وهو أن يقوم المقترع بتقديم طلب رسمي لتزويده ببطاقة الاقتراع الغيابي، والتي سيتم إرسالها له ليقوم بملئها وإرسالها إلى المجلس الانتخابي لمنطقة سكناه، عن طريق البريد أو الرسائل الالكترونية أو الفاكس، بحسب ما تسمح به قوانين ولايته.

أدى التطاحن الحزبي بين الجمهوريين والديمقراطيين والتي وصلت الى حد مسألة الرئيس ترمب في فبراير الماضي في مجلس النواب والشيوخ لسحب الثقة منه, فقد أدت فترة الرئيس ترمب ذلك الى تراجع الديمقراطية وتصاعد الأوتوقراطية, هذه الجملة من المشكلات التي تعيشها الولايات المتحدة أتت عليها جائحة كورونا لتخلق أزمة انتخابية حادة في ظل الصدام الحزبي والمجتمعي.

فاستمرار جائحة كورونا الى موعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر القادم قد يؤدي الى تداعيات جذرية على الانتخابات الرئاسية الأميركية, فقد تحدث خلل داخل المجتمع نتيجة العديد من الاسباب والسيناريوهات, فالانتخابات الرئاسية الأميركية تواجهه عدد من الصعوبات التي كشفت عنها جائحة كورونا كالتالي:

1. كشفت جائحة كورونا عن غياب التنسيق بين كل من الحكومة الفيدرالية وحكومة الولايات, فالبعض شدد في الاجراءات الوقائية من البداية, والبعض الأخر تهاون, فقد غاب عن المشهد السياسة المتكاملة بالرغم من أن خطورة الوباء متماثلة على جميع الولايات.

2. الانقسام الحزبي بين الجمهوريون والديمقراطيون بشأن مدى خطورة الوباء, وأولويات الاقتصاد الأميركي, حيثُ يرى الجمهوريون ضرورة المحافظة على الاقتصاد الوطني, بينما يرى الديمقراطيون ضرورة الحفاظ على المواطنين.

3. تأجيل الانتخابات التمهيدي في عدد من الولايات يكشف عن صعوبة إجراء الانتخابات الأميركية في أغلب الولايات, وخاصة الولايات التي تتزايد فيها حدة انتشار الوباء.

4. حيثُ يرى استيفين والت ( أستاذ الشئون الدولية في كلية جون أف كيندي بجامعة هارفارد),  أنه ربما لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية قد يحدث انقسام حول نزاهة الانتخابات, وحول الرئيس الشرعي فإذا فاز جون بايدن ربما يتمسك ترمب بمقاليد السلطة ولا يعترف بالانتخابات وينكر نتائجها.

جسدت الانتخابات التمهيدية التي جرت في عدد من الولايات, وتأجلت في البعض الأخر صورة من المشهد المقبل والمتوقع في نوفمبر القادم, فقد تم تأجيل الانتخابات في عدد من الولايات منها:

1) (ولاية ألاباما) تم تأجيل انتخابات الإعادة الأولية لمجلس الشيوخ من 31مارس الى 14 يوليو.

2) (ولاية ألاسكا) تم إقرار  التصويت بالبريد وتأجلت الانتخابات من 4 إبريل الى 10 إبريل

3) (ولاية كونيتيكت) تم التأجيل من 28 أبريل الى 2يونيو

3) ( ولاية نيويورك) تم التأجيل الى 23يونيو .

4) (ولاية كنتاكي) تم التأجيل الى 23يونيو.

5) لويزيانا تم التأجيل الى 29 يونيو .

وغيرهم من الولايات التي لم تستطيع حسم النتائج التمهيدية جراء جائحة كورونا.

ليس هذا فحسب ولكن القانون والدستور يعد أحد العوائق التي لا تتعاطى مع جائحة كورونا, وفقًا للمؤتمر الوطني للهيئات التشريعية بالولايات 12 ولاية فقط تسمح للحاكم بإعادة جدول الانتخابات في حين البعض الأخر مجهولة, الشاهد على ذلك أزمة حاكم أوهايو عندما أراد تأجيل الانتخابات التمهيدية في 17مارس رفض القاضي وحكم باستمرار الانتخابات ولكن الحاكم أصر على تأجيل الانتخابات فصدر مسئول الصحة الكبير في الولايات أن مواقع الاقتراع تشكل خطرًا وقام بأغلاقها, يتضح من خلال هذه الحادثة الانقسام المؤسسي حول أهمية تطبيق القانون وأولوية حياة المواطنين.

ثالثاً- السيناريوهات المستقبلية للانتخابات الأميركية 2020

في ظل انتشار وباء كورونا وتصاعد عدد الاصابات الأميركية التي تخطت الملايين, لذلك لابد من اجراء تغييرات شاملة في جميع الولايات الخمسين لبدء أول انتخابات رئاسية في ظل وباء عالمي, فقد اتخذ الكونجرس الأميركي خطوة من خلال توفير 400مليون دولار من المنح الفيدرالية التي يمكن للولايات استخدامها من أجل اجراء الانتخابات العامة لمواجهة فيروس كورونا, بالرغم من أن التكلفة التي حددتها الولايات من أجل اجراء التغييرات حوالي 2 مليار دولار, لهذا ينتظر الانتخابات الأميركية عدد من السيناريوهات أهمها سيناريو عقد أو تأجيل الانتخابات التي يمكننا طرحها:

السيناريو الأول: عقد الانتخابات الأميركية في نوفمبر 2020

أجرت الولايات المتحدة الأميركية في فترات صعبه ولن تشهد أي تأجيل سواء جراء الحرب الأهلية الأميركية أو الحرب العالمية الثانية التي استطاع فرانكلين روزفلت الفوز فيها, إلا أن الظرف التاريخي مختلف والحائل هو فيروس كورونا الذي يهدد حياة الملايين ومن الصعب تأمين لجان الاقتراع وضمان سلامة المواطنين, لذلك عقد الانتخابات الأميركية قد يتخذ صورة البريد الإلكتروني عن طريق توفير “بطاقة الغائب” حيثُ يهدف برنامج الاقتراع للغائبين للسماح للمواطنين الذين يكونوا خارج الولايات وبعيدين عن مراكز اقتراعهم المحلية في يوم الانتخابات من التصويت عن طريق البريد, ويجب على الناخبين الغائبين أن يطلبوا بطاقات اقتراعهم 60 يوما على الأقل قبل موعد الانتخابات, وتطبيق البطاقة البريدية الفدرالية (FPCA) هي بطاقة بريدية “مدفوعة الثمن من البريد الأميركي” مطبوعة، وتوزّع من قبل الحكومة الفدرالية لاستخدامها من قبل الناخبين الغائبين, ويعمل تطبيق (FPCA) في نفس الوقت کاستمارة تسجيل وطلب للحصول علي اقتراع غائب, غير أن نطاق وطريقة استخدامه تخضع لقانون الولاية وأحيانا من خلال الإجراءات المحلية, من هنا يمكن تعميم بطاقة الغائب وإجراء الانتخابات.

السيناريو الثاني- تأجيل الانتخابات الأميركية

تأجيل الانتخابات الأميركية إن كان أمر صعب ولكنه مطروح وقد حدث في فرنسا والمملكة المتحدة البريطانية, بوليفيا وتشيلي,  ويمكن أن تضطر اليه الولايات المتحدة خصوصًا وأن التصويت المباشر للمواطنين جسدياً غير أمن جراء جائحة كورونا, ألا أن الرئيس الأميركي ترمب لا يملك صلاحية إلغاء أو تأجيل الانتخابات عن طريق أمر تنفيذي رئاسي، بالرغم من أن الرئيس يتمتع بالكثير من الصلاحيات في النظام السياسي الأميركي، لكن ليس منها ما يتعلق بالانتخابات, تنظم القوانين الفدرالية الانتخابات الرئاسية، ولا يستطيع الرئيس أو الولايات تغيير موعد إجرائها, بالتالي هناك معضلة انتخابية, بالتالي سوف يقع طلب التأجيل على عاتق الكونجرس لاتخذ إجراء التأجيل لحماية المواطنين.

أخيرًا سواء عقدت الانتخابات (عن طريق البريد) أو تم تأجيلها فهي تتضمن جوانب عدة يمكن من خلالها أن تحدث انقسام داخل المجتمع الأميركي قد يصل للحرب الأهلية خاصة في ظل الانقسام الحزبي وعدم توحيد الرؤى سواء بين الجمهوريين أو الديمقراطيين, كما أن الانتخابات عبر البريد فشلت سابقًا فيما سمي بفضيحة تزوير انتخابات كارولينا الشمالية في 2018, عندما قام نشطاء الحزب الجمهوري بتغير توقعات الناخبين وتزوير بطاقات الاقتراع وتمت إعادة الانتخابات في 2019, بينما تكن التخوفات من التصويت عبر البريد الكترونية من أمكانية الاختراق السيبراني من قبل دول أخرى للتأثير على نتيجة الانتخابات, لذلك تأجيل الانتخابات الأميركية بالرغم من كونه بعيد التحقيق إلا أنه يجنب المجتمع الامريكي العديد من الصراعات المستقبلية جراء عقد انتخابات ترتفع بها نسبة الشكوك حول من سيحكم الولايات المتحدة؟.

المصدر: المركز العربي للبحوث والدراسات

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

[mc4wp_form id="5449"]

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر