يستعد رؤساء الحي المالي في لندن لتشديد الرقابة في أعقاب أكثر الانهيارات المصرفية دراماتيكية منذ الأزمة المالية، حتى أثناء مضاعفة حكومة المملكة المتحدة جهودها لتحقيق رؤيتها في تعزيز القدرة التنافسية للندن بإعادة كتابة لوائح الخدمات المالية.
قال المستشار جيريمي هانت لمجلس اللوردات الأسبوع ما قبل الماضي “إن الحكومة ستمضي قدما في خطط إنعاش الحي المالي من خلال تغيير القوانين، المعروفة باسم إصلاحات إدنبرة، التي تعد على نطاق واسع تخفيفا تنظيميا”.
“التمسك بالوضع الراهن ليس بالضرورة أفضل ما يمكن فعله لضمان الاستقرار المالي”، حسبما قال هانت في اليوم الذي يلي اندماج “كريدي سويس” مع “يو بي إس” القسري، الذي مثل أحد أكبر إفلاسات البنوك في العالم على مر التاريخ.
“يجب أن نتأكد من تحقيقنا التوازن الصحيح بين الاستقرار وإمكانات النمو”.
تشمل حزمة إدنبرة إصلاح نظام الإدراج في لندن، وتحرير ما يمكن لشركات التأمين الاستثمار فيه، ومراجعة بعض لوائح ما بعد الأزمة مثل إجراءات تحويط الأصول -التي أجبرت على الفصل بين الخدمات المصرفية للأفراد والتجارة- وقوانين لتحسين المساءلة والثقافة عبر شركات الحي المالي.
وعد بنك إنجلترا من جانبه بنظام قوي وبسيط جديد لتقديم تنظيم متناسب أكثر للبنوك التي تقل أصولها عن 20 مليار جنيه استرليني.
قال مسؤول سياسي بارز في أحد البنوك الكبيرة “إن تأثير الإصلاحات يمكن أن يتضاءل الآن، حتى لو لم تتمكن وزارة الخزانة من الانسحاب من برنامج إدنبرة، لأنه كان سمة أساسية في هدف الحكومة المتمثل في تعزيز الإنتاجية والنمو في المملكة المتحدة”.
“أظن أن أجندتها التنافسية ستواجه الآن اعتراضا أقوى من الجهات التنظيمية، التي لديها بعض البيانات الآن للضغط من أجل زيادة السيولة ورأس المال حتى”.
كرر وجهة نظره ديفيد بوستينجز، الرئيس التنفيذي لجمعية التجارة المصرفية، يو كي فاينانس، الذي قال “إن الاضطرابات الأخيرة يمكن أن تعطي الجهات التنظيمية مزيدا من الثقة بمناقشاتها مع الحكومة”، وعضو آخر في جماعة ضغط قال “إنه سيكون مندهشا إذا لم تستغل الجهات التنظيمية الأحداث الأخيرة لرفض أي تخفيف للوائح التنظيمية”.
حذر أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا الحكومة علنا في كانون الأول (ديسمبر) من نسيان الدروس المستفادة من الأزمة المالية، وعارض بشدة إصلاحات رأسمال التأمين تحديدا.
قال مسؤول سياسات في بنك كبير ثان “إن المراجعات الموعودة لقوانين تحويط الأصول وقوانين المساءلة، المعروفة باسم نظام كبار المديرين، من المرجح أن تتم متابعتها بحماس أقل الآن. ستكون الحكومة أقل تمسكا تجاه أي تراجع لأنك لا تريد أن ينظر إليك، في فترات الأزمات، على أنك متساهل مع البنوك”.
قال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال التأمين في المملكة المتحدة “إن إفلاس سيليكون فالي بنك -مقرض أمريكي متوسط لصناعة التكنولوجيا- وكريدي سويس أثار مخاوف من أن الجهات التنظيمية قد تتبنى فجأة رأيا معاكسا للنظام المقترح لتخفيف قوانين التأمين في الاتحاد الأوروبي، المعروفة باسم نظام الملاءة 2”. لكنه أضاف أن “صانعي السياسة لم يعطوا مثل هذه الإشارات، وأن الجذور الخاصة وغير البريطانية لمشكلات البنك جعلتها احتمالا ضئيلا في الوقت الحالي”.
من جهة أخرى، من المتوقع أن تصبح هيئات الرقابة البريطانية أكثر حذرا في نهجها الإشرافي وفي تغيير القوانين ضمن صلاحياتها.
تحت شعار “قوي وبسيط”، وعد المشرفون المصرفيون في المملكة المتحدة بنظام أكثر “تناسبا” للبنوك الصغرى والمتوسطة التي لا تشكل خطرا على النظام كاملا.
التزمت الولايات المتحدة بمبادرة -وإن كانت أكثر شمولا- بنية مماثلة من 2018 بإعفاء البنوك التي تقل أصولها عن 250 مليار دولار من قوانين رأس المال العالمية واستراتيجية الحلول المتبعة. شملت قائمة البنوك المعفاة بنك “سيليكون فالي”.
كان انهيار “سيليكون فالي” هو ما أثار حالة الذعر في السوق العالمية التي أودت بالفعل ببنكي سجنتشر وكريدي سويس، وعرضت للخطر مقرضا أمريكيا ثالثا ليس مؤثرا على مستوى النظام، “فيرست ريببليك”.
قال جيك جانتي، الشريك التنظيمي المالي في “ويدليك بيل” القانونية، “إن نظام المملكة المتحدة القوي والبسيط المقترح لا يزال في مرحلة التشاور فقط، لذا تتمتع هيئة التنظيم الاحترازي بالمرونة للتوقف وتقييم كيفية تأثير الأحداث الأخيرة في مقترحاتها”، مضيفا أن “الهيئة قد تتخذ الآن نهجا أكثر حذرا”.
يعترف بوستينج، مؤيد قوي للنظام، بأن الجو العام لتقديمه “ربما يكون أصعب الآن”، مع أنه يواصل الدعوة إلى زيادة الحد الذي يجب على البنوك عنده الاحتفاظ برأسمال يستوعب خسائر ليصبح 25 مليار جنيه استرليني، من 15 مليار جنيه استرليني الآن.
قوانين السيولة الأكثر صرامة هي محور تركيز محتمل آخر. قال أحد المسؤولين التنفيذيين في البنوك البريطانية “لن أفاجأ إذا بدأت تسمع ضجة أكبر عما إذا كانت نسب تغطية السيولة أو نسب صافي التمويل المستقر مناسبة”، في إشارة إلى قانونين من القوانين الحاسمة الصادرة بعد الأزمة لتخفيف مشكلات السيولة.
قال المسؤول التنفيذي الثاني للسياسات “إن الاضطرابات الأخيرة قد تدفع الجهات التنظيمية أيضا لتضغط على البنوك لتستخدم بنوكا تابعة بدلا من فروع، لأن قرار ذراع سيليكون فالي في المملكة المتحدة أظهر مدى سهولة التعامل مع القرارات في شركة تابعة، التي هي كيان قانوني منفصل يخضع لرقابة أشد صرامة من الجهات التنظيمية في الدول المضيفة.
رفض بنك إنجلترا وهيئة السلوك المالي الإدلاء بتعليق.
قالت الحكومة “نحن مستمرون في إتمام إصلاحات إدنبرة، التي تدرك الأسس التي بني عليها نجاح المملكة المتحدة بصفتها مركزا للخدمات المالية: الاستقرار، والمعايير التنظيمية العالية، والمرونة، والانفتاح”.
“مثلما أكد بنك إنجلترا المستقل، لا يزال النظام المصرفي في المملكة المتحدة آمنا وسليما وممولا برأسمال كاف”.