سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ليس من قبيل المبالغة القول إن “العالم بعد كورونا ليس هو العالم قبله”، حتى وإن أصبحت الجملة تتداول في سياقات ساخرة، إلا أنها الحقيقة التي لا مفرَّ منها.. بالرغم من عدم انتهاء مرحلة الجائحة حتى هذه اللحظة، وهذا التغيير ليس بسبب التأثيرات السلبية فحسب، التي أحدثتها الجائحة على عدة مستويات، وما زالت تبعاتها قائمة، وفي مقدمتها الركود الاقتصادي، وتزايد البطالة، والأزمات الاجتماعية والنفسية، ولكن الدروس المستفادة والخبرات الجديدة الناتجة عن مواجهة هذه الأزمة أشمل وأعمق، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها في السياسات والممارسة الآنية واللاحقة.
أظهرت جائحة كورونا الحاجة الماسة إلى إعادة النظر في النظام الصحي العالمي، فالاختبار الحقيقي الأول لمنظمة الصحة العالمية أظهر ارتباكًا كبيرًا وتناقضات في المواقف والتصريحات وعدم وضوح الرؤية بالقدر الذي يطمئن المجتمع الدولي ويتعامل مع الظروف والملابسات بالشكل المأمول. وكذلك تظهر الحاجة الماسة إلى إعادة تقييم المنظومة الصحية حتى في أكثر الدول تطورًا، ولا يمكن تجاهل أهمية الالتفات إلى الأمن الصحي القومي بنظرة مختلفة تزيد من أهميته الاستراتيجية، وتستشرف مستقبله، وتوظف الذكاء الاصطناعي توظيفًا جديدًا يسد الفجوات الحاصلة بشكل يتناسب مع قدرات العصر التكنولوجية والتطور العلمي الذي يجب استثماره على نحو أمثل مما هو عليه الآن. أيضًا مما فرضته الجائحة هو إعادة بلورة أساليب التعليم التقليدية، وزيادة فرص الاعتماد على التعليم عن بُعد في كافة المراحل الدراسية، وتطوير المنظومة التعليمية بشكل يستثمر أدوات المرحلة ويقفز على موروث الماضي من أشكال وصور العملية التعليمية التقليدية، وكذلك فتح آفاق أوسع للعمل غير التقليدي والتوسع في مسارات العمل عن بُعد، والخدمات اللوجستية المساندة، وإيجاد أنواع مستحدثة من الاقتصادات الذكية أو التوسع في الفرص المتاحة حاليًا التي لم تحقق نموًا كبيرًا وما زالت في طور البناء.
وتتوسع الدروس المستفادة من جائحة كورونا لتشمل مجالات أخرى كالاتصال والعلاقات العامة، والإعلام، والجهود التنموية، والتطوع، والوعي الصحي، وإدارة الأزمات وهذا المجال تحديدًا من المجالات الخصبة، التي ستتأثر تأثرًا كبيرًا بحكم التجربة الحالية، فالأزمة الحالية تشكل مدرسة، بل جامعة كبيرة للتعلم، تخرج عشرات الدروس الجديدة يومًا بعد يوم، فالممارسة والواقع العملي يشكلان فرصة مواتية لتحقيق استفادة غير معهودة في هذا النطاق بعيدًا عن التنظير.
الجائحة في حد ذاتها والممارسات المصاحبة لها خلفت بطبيعة الحال سلوكيات وعادات جديدة، وأزاحت أو أثرت، وما تزال تؤثر في الكثير والكثير من الأفكار والعادات وحتى بعض المسلمات الاجتماعية أو السلوكية في نظر البعض، وغيرت هذه الأزمة سواء بشكل واعٍ أو غير واع من نظرتنا إلى الكثير من الأمور وطريقة الحكم عليها، والتعامل معها، وهذا التأثير وإن ظهر بعض منه على السطح إلا أن الأيام ما تزال حبلى بالكثير والكثير، وهي فرصة كبيرة لدارسي العلوم الإنسانية، وعلوم الاجتماع، والسلوك، لدراسة هذه المتغيرات وتأصيلها في ضد الممارسة العملية المتسارعة، التي قلما نحظى بها.
ما سبق بعض من كثير، فتأثير “كورونا” ما زال ممتدًا، والجائحة لم تقفل أبوابها بعدُ، وفي هذا الإصدار يسلط “مركز سمت للدراسات” الضوء على ملامح هذا التغيير مستشرفًا المستقبل في جوانب عديدة في محاولة لفهم أكثر عمقًا.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر