بعد سنوات من الأزمة.. “مادورو” يبدو مستعدًا لقبول بعض المساعدات في فنزويلا | مركز سمت للدراسات

بعد سنوات من الأزمة.. “مادورو” يبدو مستعدًا لقبول بعض المساعدات في فنزويلا

التاريخ والوقت : الإثنين, 21 يناير 2019

راشيل كريجير

 

ربَّما وصلت فنزويلا – حاليًا – إلى نقطة تحول؛ فبطبيعة الحال، لا تزال البلاد تعيش حالة من الفوضى، إذ يعاني ما يقرب من 12% من السكان من سوء التغذية، وانتشار الأمراض المعدية بشكل متسارع، وذلك وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للصحة والسكان (اليونيسف). ومما زاد الطين بلة، أن إحدى الدراسات الاستقصائية المستقلة التي أجريت على 40 مستشفى، كشفت أن ثلث الأسرَّة لا تعمل، وأن نحو نصف غرف الطوارئ لا تحتوى على أدوية، وأن 95% من أجهزة الأشعة المقطعية، و51% من أجهزة الأشعة السينية معطلة.

لذا، فإن بعض المراقبين باتوا متفائلين بأن حكومة الرئيس “نيكولاس مادورو” اعترفت بشكل أساس بعمق الأزمة الإنسانية في بلاده، ووافقت على قبول بعض المساعدات المالية، وإن كانت تلك المساعدات متواضعة.

وعلى مدار سنوات مضت، اعتادت الحكومة ذات التوجه اليساري في أمريكا الجنوبية، على إلقاء اللوم في صراعاتها الاجتماعية المثيرة على “الحرب الاقتصادية” من قبل بعض الجهات الأجنبية؛ فمنذ عهد الرئيس الراحل “هوغو تشافيز”، الذي قاد الثورة البوليفارية ومات عام 2013، رفضت الحكومة المساعدات المالية علنًا، إذ كان هناك الكثير من العروض الخارجية للمساعدة من قبل بعض القوى الإمبريالية العالمية.

لكن خلال الأسبوعين الماضيين، أعلنت الأمم المتحدة أنها ستقوم بتوجيه 9.2 مليون دولار إلى فنزويلا من خلال “صندوق الاستجابة المركزي للطوارئ” التابع لها وذلك للمرة الأولى، وهو المبلغ الذي وافقت الحكومة الفنزويلية عليه ليوجه إلى الوكالات التابعة للأمم المتحدة العاملة بفنزويلا. ودعا “مادورو” رئيس شيلي السابق “ميشيل باتشيليت”، رئيس مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى زيارة البلاد. وقد جاءت الدعوة بعد رفض دخول المفوض السابق هذا العام. ويشاع أيضًا أن البنك المركزي للبلاد، الذي رفض المشاركة في الإفصاح عن المعلومات المالية خلال العامين الماضيين، يُعِدُّ بيانات جديدة لصندوق النقد الدولي.

وكما يقول “لويس فيسينتي ليون”، المحلل السياسي، ومدير وكالة الاستطلاعات في “هيئة تحليل البيانات” Data Analysis،فإنه من المحتمل أن تغير الحكومة رأيها بشأن كيفية التعامل مع الأزمة المتفاقمة والمزيد من العقوبات الدولية بدافع الضرورة، فقد أصبحت تكلفة المخاطرة بسمعتها أقل من تكلفة التعامل مع الأزمة من تلقاء نفسها.

لقد بقيت وكالات الأمم المتحدة في فنزويلا، لعقود من الزمان، إلا أنها أصبحت – حاليًا – تُعطى – بشكل متزايد – الضوء الأخضر لتطوير برامجها. ففي أكتوبر، على سبيل المثال، وافقت “اليونيسف” على توسيع نطاق عملياتها ومضاعفة ميزانيتها بنحو 6 أضعاف، إلى 32 مليون دولار، وهي الخطوة التي لم تكن لتحدث بدون مباركة فنزويلا. وقد صرَّح المتحدث باسم “اليونيسف” في فنزويلا “راكيل فرنانديز”، أن الأزمة قد تطورت، وكذلك الحاجة للدعم والمساعدة، وهو ما يفسر تنامي التعاون تدريجيًا أيضًا. لكن منتقدي الحكومة يحذرون من ألا تُحدث تلك الخطوة تغييرًا كاملاً. كما أعلن “مادورو” في خطاب متلفز بتاريخ 26 نوفمبر 2018 “أن الفنزويليين في حاجة إلى الحماية بسبب الاعتداءات الأجنبية، وأنه من خلال العقوبات، ومثلما اضطهد هتلر اليهود، فإن دونالد ترمب يضطهد الشعب الفنزويلي”، إذ كان “مادورو” يشير إلى سلسلة من العقوبات المالية التي فرضتها الإدارة الأميركية تحت رئاسة دونالد ترمب إلى جانب نيكاراغوا وكوبا، وذلك في إطار ما يعرف بـ”ترويكا الاستبداد”.

ثم أعلن “مادورو” عن التعديلات الاقتصادية التي أوضحت أن خطته الأصلية للتعافي قد فشلت. فقام برفع الحد الأدنى للأجور بنسبة وصلت إلى 150% بعد أن رفعها قبل ذلك بستة أشهر. ومع ذلك، انخفضت قيمة الأجور بنسبة 30 دولارًا في أغسطس إلى 9 دولارات في الوقت الراهن. وقال “مادورو” إن “التضخم قد تباطأ”، مضيفًا أن “هناك أخبارًا جيدة لتوقعات العام المقبل”.

وبعد مرور أيام على خطاب الرئيس الفنزويلي، أعربت السفارة الأميركية في فنزويلا عن أسفها؛ لأن فنزويلا لن تقبل المساعدات الإنسانية من جارتها الشمالية، إذ أعلنت الحكومة في تغريدة أن “الولايات المتحدة مستعدة لتقديم مساعدة طارئة في الغذاء والأدوية لفنزويلا”، وأنه “إذا كانت حكومة مادورو فقط ستقبلها، فإن عقوباتنا تسمح بذلك”.

وكما تقول الخبيرة في الاقتصاد المحلي، “تمارا هيريرا”، فإن قبول مساعدات الأمم المتحدة، والعمل على إعداد البيانات الخاصة بصندوق النقد الدولي تعتبر تغييرات مهمة، لكنها ليست تغييرًا كاملاً في الاستراتيجية، لأن تلك التغييرات جاءت قبل أقل من شهرين من أداء “مادورو” اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة مدتها 6 سنوات في يناير الجاري. وتذهب “هيريرا” إلى أن “مادورو” يسعى لتجنيب سمعته من التشويه في الخارج من خلال “اتخاذ خطوات يمكن أن يحافظ عليها في حدود دنيا بقدر الإمكان”. وكما يقول “خوسيه مانويل أوليفاريس”، وهو أحد البرلمانيين في المنفى وأحد المشاركين في الدراسة الخاصة بالمستشفيات المذكورة آنفًا، فإن الحكومة تعترف الآن فقط بوضع إنساني مستمر منذ سنوات. فإذا كان قد تمَّ إنقاذ العديد من الأرواح، فإننا نحتفل بذلك على أي حال، إلا أننا نأمل أن يشهد هذا الأمر تغييرًا في الاستراتيجية لأي سبب من الأسباب، فليس هناك شك في أن “مادورو” قد يئس من الحصول على الشرعية.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: واشنطن بوست

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر