علاقات ألمانيا وأمريكا | مركز سمت للدراسات

بايدن والعلاقات الألمانية الأميركية

التاريخ والوقت : الأحد, 7 فبراير 2021

د. أسعد عبد الرحمن

 

تدهورت العلاقات الألمانية الأميركية بشكل ملحوظ، عقب وصول الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض عام 2016. وقد أدى اختياره المواجهة مع أوروبا بدءاً من ألمانيا، ولجوئه إلى التهديد بإجراءات عقابية، واعتماده أسلوب الضغط لتحقيق بعض طموحاته.. أدى إلى وصول العلاقات بين برلين وواشنطن أسوأ مراحلها تاريخياً.

هذ العلاقة المتوترة بين برلين وواشنطن، تجلت أولاً عبر تركيز ترمب على تقليص الفائض التجاري الألماني مع بلاده، باعتبار أن ألمانيا تكسب في هذه الحالة أكثر من أميركا. كما اتهم برلين بالعمل مع روسيا لتنفيذها مشروع خط «نورد ستريم 2» لنقل الغاز. كذلك، بادر ترمب إلى سحب حوالي ثلث القوات الأميركية المتمركزة في ألمانيا (11900 جندي) بهدف إخضاع برلين وإجبارها على تسديد نسبة 2% من ناتجها المحلي الإجمالي لحلف شمال الأطلسي المتفق عليها في قمة ويلز ببريطانيا عام 2014، علماً بأنّ المهلة لتحقيق ذلك سارية حتى عام 2024.

لقد عاشت العلاقات الألمانية الأميركية في عهد ترمب وضعاً غير مستقر لم تشهده منذ سقوط جدار برلين عام 1989. وبالفعل، وصلت أزمة الثقة بين البلدين إلى ذروتها، انطلاقاً من الموقف الترامبي القائم على مسألة التفكير بشكل أقل في أوروبا، لأن المحيط الأطلسي لم يعد مجالاً للجاذبية الاقتصادية والسياسية والعسكرية في العالم، بعد أن باتت الصين المنافس التكنولوجي والاقتصادي الجديد للولايات المتحدة.

ولأنه «في السياسة لا توجد صداقات أو عداوات دائمة ولكن مصالح مشتركة»، كان كذلك حال العلاقات الألمانية الأميركية. فرغم أنهما حليفتان مقربتان، لم تكن العلاقات الدبلوماسية بين برلين وواشنطن سلسة على الدوام، حتى في الفترة التي سبقت الولاية الرئاسية لترامب. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن «أي شخص يعتقد بأن وجود (ديمقراطي) في البيت الأبيض سيعيد الشراكة عبر المحيط الأطلسي إلى ما كانت عليه من قبل، هو شخص لا يحسن تقدير حجم التغيرات الهيكلية التي حدثت». ويتفق معه وزير الخارجية السابق زيغمار غابرييل الذي يؤكد على أن «العلاقة بين برلين وواشنطن لا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه. أوروبا، وألمانيا بالتبعية، فقدت تأثيرها العالمي لصالح آسيا على مدار العقود القليلة الماضية».

ومع تجديد الرئيس الأميركي (الديمقراطي) جو بايدن التزاماته تجاه «الحلف الأطلسي»، قد يكون ذلك مؤشراً إيجابياً يدفع بالعلاقات إلى مستوى أفضل نسبياً. وهو أيضاً ما عبّرت عنه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل حين قالت: «نحن الألمان والأوروبيون نعلم أنه في هذه الشراكة في القرن الحادي والعشرين علينا أن نتحمل المزيد من المسؤولية.. أميركا أهم حليف لنا وستظل كذلك، لكنها تتوقع منَّا -وعن حق- أن نبذل جهوداً أكبر من جانبنا لضمان أمننا والدفاع عن قناعاتنا في العالم». كما أكدت المستشارة أن «ألمانيا ستقف جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة والرئيس بايدن لمواجهة المشكلات العالمية، على غرار الاحتباس الحراري وجائحة كورونا».

ورغم رحيل ترمب، ما زالت التحليلات الألمانية تخشى على مستقبل العلاقات بين البلدين، باعتبار أن «وصول ديمقراطي إلى البيت الأبيض، لا يعني تحسّناً تلقائياً في الشراكة عبر الأطلسي، ولا يجب الاستهانة بالمتغيرات، وعلى أوروبا بقيادة ألمانيا التوقّف عن النظر إلى الثعبان في الولايات المتحدة وكأنه أرنب». ورأت هذه التحليلات أنه «مع ترمب أو من دونه، الوضع سيزداد صعوبة، وحتى حلف الأطلسي لن يكون آمناً، لأن هناك أغلبية في أميركا تقول الآن وداعاً لدور الشرطي العالمي. وعلى المدى المتوسط، سيتم تقليل الوجود العسكري في الشرق الأدنى والأوسط، وهذا ما سيجعل ألمانيا أقل أهميةً».

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر