سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مصطفى صلاح
في تطور جديد في باكستان، أطاح البرلمان الباكستاني برئيس الوزراء عمران خان من السلطة من خلال التصويت على حجب الثقة عن حكومته. وانتخب البرلمان الباكستاني شهباز شريف رئيسًا للوزراء، بعد التصويت بحجب الثقة عن رئيس الوزراء السابق عمران خان. وقال القائم بأعمال رئيس البرلمان سردار أياز صادق “تم انتخاب ميان محمد شهباز شريف رئيسًا للوزراء”، بحصوله على 174 صوتًا من أصل 342 في المجلس، بعد محاولتين فشل فيهما في تحقيق هذا الهدف حيث قضت المحكمة العليا بأن خان خالف الدستور، الأحد الماضي، عندما عرقل تصويت على الثقة، وحل البرلمان، ودعا لإجراء انتخابات مبكرة، فيما أمرت المحكمة بانعقاد البرلمان مرة أخرى.
وضمن السياق ذاته، سيشكل شريف الآن حكومة جديدة يمكن أن تبقى في السلطة حتى أغسطس 2023، وهو موعد إجراء الانتخابات العامة، بعدما عمل البرلمان على سحب الثقة من رئيس الوزراء الباكستاني السابق، عمران خان الذي خسر تصويتًا على الثقة أجراه البرلمان، وذلك بعد أن تخلى عنه شركاء الائتلاف الحاكم، محملين إياه مسؤولية تدهور اقتصاد البلاد، وعدم الوفاء بوعوده الانتخابية. وأعلن رئيس مجلس النواب، أياز صادق، نتيجة التصويت، بعد جلسة استغرقت 13 ساعة، وتوقفت عدة مرات. بالإضافة إلى ذلك، أعلن رئيس المجلس الأدنى بالبرلمان الباكستاني استقالته، على خلفية تفاقم الأزمة حول تصويت في البرلمان للإطاحة بخان، وهو ما قد يزيد من حالة الغموض السياسي والاقتصادي في الدولة المسلحة نوويًا.
ملامح جديدة
على الرغم من أن شهباز شريف انتقد الجيش سابقًا، لا سيما بعد الإطاحة بحكومة شقيقه نواز، وسجنهما ونفيهما، إثر الانقلاب العسكري عام 1999، إلا أنه اتخذ نبرة أكثر تصالحية خلال السنوات الأخيرة؛ حافظ شريف على علاقة ودية مع الجيش وكان رئيس وزراء يتمتع بشعبية في إقليم البنجاب ذي الأهمية السياسية والأكثر اكتظاظًا بالسكان في باكستان.
وقد تم الإشادة به لمشاريعه الإدارية والبنية التحتية الطموحة في البنجاب، والتي شهدت تطورات في قطاعي التعليم والصناعة. وكان لشريف دور فعال في قيادة الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات، وهو جزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية، ويحافظ على علاقة إيجابية مع بكين.
وفي الفترة التي سبقت انتخابات 2018، قال شهباز إن البلاد بحاجة إلى المضي قدمًا وتجاوز الخلافات مع الجيش، عارضًا العمل مع الجنرالات إذا تم انتخابه رئيسًا للوزراء. عندما أُقيل رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف من منصبه مرة أخرى عام 2017، على خلفية اتهامات بالفساد، كان شريف أحد المرشحين لخلافته، لكنه خسر انتخابات 2018 أمام عمران خان، ومنذ ذلك الحين، شغل شهباز منصب زعيم المعارضة ورئيس حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية.
وتقول أحزاب المعارضة إن خان أخفق في إنعاش الاقتصاد الذي تضرر من جائحة كوفيد-19، ولم يف بوعوده لاستئصال الفساد من البلاد وبجعل باكستان أمة مزدهرة تحظى بالاحترام على الساحة العالمية؛ حيث أصبح خان أول رئيس وزراء باكستاني يُطاح به من خلال تصويت لحجب الثقة عنه في البرلمان، واغتنم معارضو خان الفرصة ووجهوا ضربتهم بعد شهور من حالة السخط على إدارته لاقتصاد البلاد، وانهيار علاقاته مع الجيش الباكستاني القوي، واجتمع شهباز شريف مع نواب المعارضة الآخرين لحشد الأصوات للإطاحة بخان.
تداعيات خارجية
يشير تقرير نشرته صحيفة الغارديان (The Guardian) البريطانية إلى أن خطاب خان أصبح مناهضا للولايات المتحدة منذ وصوله إلى السلطة في عام 2018، كما أعرب عن رغبته في التقارب مع الصين، ثم عقد مؤخرا محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 24 فبراير/شباط الماضي عشية بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفيما يبدو أنه إشارة لاستياء الولايات المتحدة من بعض مواقف خان وتصريحاته، يلفت التقرير الذي نشرته الصحيفة إلى أنه بالرغم من أن الجيش الباكستاني القوي يحكم قبضته على السياسة الخارجية وعلى الدفاع، فإن خطاب خان العام الذي يتسم أحيانا بالحدة أثر سلبا على بعض العلاقات الرئيسية لباكستان.
وفيما يتعلق بالموقف الأميركي من الأزمة السياسية في باكستان، تعزو الصحيفة لخبراء في شؤون جنوب آسيا مقيمين في الولايات المتحدة القول إنهم يستبعدون أن تكون الأزمة السياسية في باكستان ضمن أولويات الرئيس الأميركي جو بايدن، المنشغل بالحرب على أوكرانيا ما لم تؤدِّ إلى اضطرابات شعبية في باكستان أو تسفر عن تصاعد التوتر مع الهند.
من ناحية أخرى، يرجح التقرير استمرار العلاقات والمشاريع التجارية والتنموية بين باكستان والصين كما كانت عليه في عهد خان، بما في ذلك الجسر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي تبلغ قيمته 60 مليار دولار ويربط البلدين الجارين. ويشير التقرير في هذا الصدد إلى أن خليفة خان المحتمل شهباز شريف سبق أن أبرم صفقات تجارية عديدة مع الصين مباشرة عندما كان حاكمًا لإقليم البنجاب شرقي باكستان.
في الختام: تواجه باكستان بعد سحب الثقة من عمران خان وتعيين شهياز شريف رئيسًا للوزراء تحديات كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي، وهو ما يتطلب مجموعة من السياسات لتجاوز هذه الأزمات، من أهمها العلاقة مع الجيش والموقف من الهند والقوى الكبرى، بالإضافة إلى ما أعلنه خان بأنه يشعر بخيبة أمل من قرار المحكمة، لكنه وافق عليه. وكان قد دعا إلى إجراء انتخابات بعد حل البرلمان، لكنه أوضح أنه لن يعترف بأي حكومة من المعارضة تحل محله. وقال في خطاب للأمة: “لن أقبل حكومة مستوردة”، مشيرًا إلى أن خطوة الإطاحة به جزء من مؤامرة أجنبية ودعا إلى احتجاجات سلمية، وأنه مستعد للنضال.
المصدر: المركز العربي للبحوث والدراسات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر