سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تاكاتوشي إيتو
منذ اندلاع الأزمة المالية في عام 2008، ارتفعت الديون العامة في غالبية الدول المتقدمة وغيرها، وخاصة أثناء جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد 19).
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، ارتفعت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمال في الاقتصادات المتقدمة من نحو %70 في عام 2007 إلى %124 في عام 2020. لكن الخوف من أن يتسبب الدين العام المتزايد الارتفاع في تغذية أزمات مالية في المستقبل تضاءل كثيراً، ويرجع هذا جزئياً إلى انخفاض عائدات السندات الحكومية بشدة لفترة طويلة.
على الرغم من أن العائدات بدأت تنخفض قبل هذا بفترة طويلة، في تسعينيات القرن العشرين، فإنها ظلت منخفضة بفعل التيسير الكمي بعد الركود في عام 2008 ثم في عام 2020. لا يشك سوى قِـلة من المراقبين في أن النفقات المالية الضخمة كانت مبررة لتخفيف المعاناة خلال مثل هذه الأحداث. لكن دعاة النظرية النقدية الحديثة يدفعون بهذا المنطق بضع خطوات أخرى أبعد.
يؤكد أنصار النظرية النقدية الحديثة على عدم وجود مبرر للخوف من اندلاع أزمة مالية ما دام الدين مقوماً بعملة البلد ذاته، لأن التخلف عن السداد من غير الممكن أن يحدث في هذه الحالة. وعلى هذا فإن أي سحب للحافز المالي يجب أن يكون تدريجياً.
يستشهد أنصار النظرية النقدية الحديثة باليابان كدليل على هذا المفهوم. فبرغم أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في اليابان (بما في ذلك الحكومة المركزية والمحلية) أعلى من 250 %، مقارنة بنحو 160 % في الولايات المتحدة، فإن عائد السندات الحكومية لعشر سنوات ظل قريبا من الصِـفر طوال فترة جائحة كوفيد 19، ولم يتجاوز متوسط معدل التضخم الصِـفر إلا بالكاد طوال عشرين عاماً. ولم تخلف إصدارات السندات السنوية الجديدة ومستويات الديون البالغة الارتفاع أي أثر واضح عل تكاليف الاقتراض.
ولكن، يجب أن تضع في الاعتبار أن سندات الحكومة اليابانية تصدر بالين، وجميعها تقريباً مملوكة لمقيمين في اليابان، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال المؤسسات المالية والبنك المركزي. وهذا يجعل اليابان مختلفة عن الولايات المتحدة، التي يملك سندات خزانتها مستثمرون في مختلف أنحاء العالم.
الشيء الوحيد الذي أصاب فيه دعاة النظرية النقدية الحديثة هو أن الحكومة اليابانية لا تحتاج إلى التخلف عن سداد ديونها، ولا ينبغي لها هذا.
المشكلة أن الأوان ربما يكون فات بحلول ذلك الوقت. مع نمو مخزون الديون إلى مستويات بالغة الارتفاع، يتطلب الأمر خفض العجز والديون المتراكمة بدرجة هائلة لتغطية ثمن استرداد السندات المستحقة السداد. والتوقف المفاجئ عن إصدار السندات عند معدل التضخم 2 % من شأنه أن يُـفضي في الأرجح إلى ركود حاد. الخيار الآخر الوحيد المتاح هو أن يستمر بنك اليابان في شراء الديون، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم، إن لم يكن فرط التضخم.
لا يستطيع الناخبون والساسة اليابانيون أن يستمروا في التعامل مع الأموال النقدية التي تُـجـمَـع عن طريق إصدارات السندات الجديدة والـمُـرَحَّـلة على أنها هِـبة من السماء.
من ناحية أخرى، إذا نشأت الحاجة إلى التحفيز المالي، فيجب أن يكون الإنفاق موجهاً بشكل أكثر حكمة لدعم النمو في المستقبل، من خلال تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري والإبداع على سبيل المثال.. والآن وقد مرت المرحلة الحادة من الأزمة، يُحـسِـن القادة اليابانيون صنعاً بالبدء في التفكير في المخزون الهائل من الديون الذي يثقل كاهل اليابان.
المصدر: صحيفة البيان
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر