سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
د.ذِكْرُ الرحمن
خلال الأسبوع الماضي زار رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي» ثلاثَ دول، في تجسيد للتقارب الهندي المتزايد مع بلدان تشترك مع نيودلهي في الموقف من عدد من القضايا العالمية، في وقت تسعى فيه الهند للعب دور عالمي بخصوص المشاكل التي تواجه العالم.
كان لدى «مودي» جدول دبلوماسي مزدحم في هذه الجولة الدولية التي بدأت باجتماعات مهمة مع مجموعة السبع في اليابان، إلى منتدى الأمن الرباعي في أستراليا، ومنتدى التعاون بين الهند وجزر المحيط الهادي. هذه الأخيرة هي عبارة عن تجمع متعدد الجنسيات أُسس في 2014 من قبل رئيس الوزراء الهندي بعيد توليه السلطة، وذلك من أجل التعاون بين الهند و14 جزيرة من جزر المحيط الهادي.
وكان الهدف من وراء هذه الاجتماعات تعزيز مكانة الهند في كل هذه التجمعات.
خلال زيارته إلى اليابان من أجل المشاركة في أشغال قمة مجموعة الدول السبع الاقتصادية المتقدمة، التقى مودي بزعماء العالم وناقش معهم مجموعة من المشاكل العالمية التي تواجه العالم، من تغير المناخ إلى أمن الطاقة. وتمثِّل مجموعة السبع، التي تضم كلاً من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وألمانيا وكندا واليابان، أغنى ديمقراطيات العالم. وكانت اليابان، التي تتولى رئاسة مجموعة السبع، وجّهت دعوة إلى الهند وسبع دول أخرى من أجل المشاركة في القمة كضيوف. ومن بين القادة الذين التقى بهم رئيس الوزراء الهندي على هامش هذه القمة رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي الذي وعده «مودي» بأن تبذل الهند كل ما في وسعها من أجل المساعدة على إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وكان هذا أول لقاء بين «مودي» وزيلينسكي منذ أن بدأت الحرب في أوكرانيا. وتوجد الهند في وضع فريد نظراً لأنها لم تندد بروسيا التي تُعد شريكاً وثيقاً لها في مجال الدفاع، وتضغط حالياً من أجل إيجاد مخرج من الحرب من خلال الدبلوماسية والحوار. وفي هذا الإطار، دعا رئيس الوزراء الهندي الذي عبّر عن رغبته في إنهاء الأعمال العدائية، إلى التصدي لـ «المحاولات أحادية الجانب الرامية لتغيير الوضع القائم». كما شدّد «مودي»، أثناء حديثه في جلسة بعنوان «نحو عالم سلمي ومستقر ومزدهر» خلال قمة مجموعة السبع في هيروشيما، على موقف الهند، مشيراً إلى أن الهند كانت منذ البداية تؤمن بأن الحوار والدبلوماسية هما السبيل الوحيد لتحقيق التقدم. وأعاد التأكيد على موقف الهند ببذل كل جهد ممكن للمساهمة بأي طريقة ممكنة في حل هذه المشكلة.
كما التقى «مودي» مع عدد من قادة العالم الآخرين، من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول إلى نظيره البريطاني ريشي سوناك. وعلى هامش الاجتماع، حضر رئيس الوزراء مودي أيضاً القمةَ الرباعية الحضورية الثالثة، إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيز.
وعقب زيارته لليابان، توجّه مودي إلى بابوا غينيا الجديدة لحضور «منتدى التعاون بين الهند وجزر المحيط الهادي»، وهو عبارة عن تجمع يضم 14 دولة من جزر المحيط الهادي ويشمل جزر «كوك، وفيجي، وكيريباتي، ومارشال، وميكرونيزيا، وناورو، ونيوي، وبالاو، وبابوا غينيا الجديدة، وساموا، وسليمان، وتونغا، وتوفالو، وفانواتو»، وخلال رئاسته المشتركة للقمة الثالثة للتجمع، قال مودي إن الهند تؤمن بالتعددية وتدعم منطقة هند ومحيط هادي حرة ومنفتحة وشاملة، مضيفاً أن دول جزر المحيط الهادئ هي «دول محيطية كبيرة وليست دولاً جزرية صغيرة».
يذكر هنا أن الهند ما فتئت تركّز على المحيط الهندي، وهو أمر مهم جداً لمصالحها الاستراتيجية والتجارية.
رسالة رئيس الوزراء الهندي إلى التجمع هي أن الهند فخورة بكونها شريكاً لدول المحيط الهندي في التنمية، وأن بإمكان هذه الأخيرة الاعتماد عليها لتلبية احتياجاتها التنموية. وكانت الرسالة التي مفادها أن نيودلهي تؤمن بالتعددية وتدعم منطقة هند ومحيط هادئ حرة ومنفتحة وشاملة رسالةً مهمة على خلفية النزاعات الإقليمية.
وقد أكدت الاجتماعات كيف أن الهند تنخرط في منتديات متعددة مع دول متعددة من أجل تأمين مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية. والجدير بالذكر هنا أيضاً أن الهند تتولى هذا العام رئاسة مجموعة العشرين ومنظمة شنغهاي للتعاون. ولا شك أن كل هذه الاجتماعات تعزّز حضور الهند على الساحة العالمية.
ووسط كل هذه الاجتماعات، أخذت الهند على عاتقها أيضاً مسؤولية نقل مخاوف بلدان «الجنوب» وتوقعاتها وتطلعاتها إلى العالم من خلال مجموعة العشرين. وهذا هو الهدف الذي سعى لتحقيقه مودي أيضاً خلال اليومين الماضيين في قمة مجموعة السبع.
ويشير مصطلح «الجنوب» بشكل عام إلى المناطق النامية في أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا وأوقيانوسيا. وقد اغتنمت الهند فرصة ترؤسها لمجموعة العشرين وتجمعات أخرى هذا العام لتكون صوت «الجنوب العالمي». فبينما ينمو الاقتصاد الهندي، كذلك يفعل نفوذ الهند العالمي. والنمو الاقتصادي الهندي يمثّل محركا للنمو العالمي. وإلى جانب زيادة النفوذ الاقتصادي للهند، ازدادت أيضا أهمية الهند العالمية مع الزيارة التي قام بها مودي إلى دول متعددة والتي تمثِّل شهادة على هذه القوة العالمية المتنامية على المسرح العالمي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر