الهند.. تحديات صاعدة وتكتلات جديدة | مركز سمت للدراسات

الهند.. تحديات صاعدة وتكتلات جديدة

التاريخ والوقت : الأحد, 26 سبتمبر 2021

د. ذِكْرُ الرحمن

 

عُقد أول حوار 2+2 بين الهند وأستراليا الأسبوع الماضي. الحوار بين وزيري الدفاع ووزيري الخارجية في البلدين كان نتيجة اتفاق تم التوصل إليه خلال القمة الافتراضية التي عقدها الزعيمان الهندي والأسترالي في يونيو العام الماضي، من أجل الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى شراكة استراتيجية شاملة.

وعقب اللقاء مع نظيرته الأسترالية ماريز باين هذا الأسبوع، صرّح وزير الخارجية الهندي جاي شانكر بأن «الناتو» مصطلح من زمن الحرب الباردة ويمثّل الماضي، في حين أن «المنتدى الأمني رباعي الأطراف» يمثّل المستقبل.

هذا التصريح حول«الناتو» يعكس في حد ذاته الأهمية التي توليها الهند لـ«الرباعي» مستقبلا، وسط التحديات العديدة التي تواجها المنطقة، من التعاطي مع القوة المتزايدة للصين إلى التطورات الحالية في أفغانستان، والتي يمكن أن تكون لها تأثيرات طويلة المدى على المنطقة. الهند تخلت عن أي تردد في الاصطفاف إلى جانب الولايات المتحدة، وهو تحوّلٌ تعزز أكثر العام الماضي خلال أسوء اشتباكات حدودية مع الصين منذ أكثر من أربعة عقود. كما كان هذا التحول واضحا أيضا في قرار توجيه الدعوة لأستراليا – بعد سنوات من التردد في الانضمام إلى مناورات مالابار البحرية، التي تشارك فيها اليابان والولايات المتحدة.

ويتألف «المنتدى الأمني رباعي الأطراف» من اليابان وأستراليا إلى جانب الولايات المتحدة والهند. وقد انطلق حقا هذا العام مع عدد من المبادرات التعاونية مثل مبادرة اللقاح لتقديم مليار جرعة من لقاح فيروس كورونا بنهاية 2022 مع تركيز على جنوب شرق آسيا. ومن المقرر عقد القمة المقبلة على مستوى الزعماء بشكل حضوري الأسبوع المقبل في البيت الأبيض بدعوة من الرئيس جو بايدن. غير أن الكثير يتوقف على الكيفية التي ستتقدم بها مبادرة «الرباعي» إلى الأمام. وإذا كان من الواضح أن لديها الإمكانية لتتحول إلى تكتل مهم، فإنه من غير الواضح ما إن كانت ستستطيع تحقيق هذه الإمكانية، لأن ذلك يعتمد على ما إن كانت البلدان الأعضاء تستطيع العمل معاً على المجالات التي حددتها، والانتقال من التصور إلى التطبيق.

وبينما يكتسب تكتل «الرباعي» زخماً، وتشرع البلدان في العمل معاً، هناك تكتل آخر تنتسب إليه الهند، وكان يُنظر إليه أيضاً في السابق على أنه يمتلك الكثير من الإمكانيات وأسباب النجاح، ألا وهو تكتل الـ«بريكس». وهي كلمة تتألف من الحروف الأولى لخمسة اقتصادات نامية كبيرة صاعدة هي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. ويمثّل التكتل 45 في المئة من سكان العالم. وقد صعد ببطء إلى الواجهة باعتباره صوتاً مؤثراً باسم الاقتصادات الصاعدة في العالم بحكم أنه يركز على أولويات البلدان النامية.

زعماء«بريكس» اجتمعوا الأسبوع الماضي، وعبّروا عن قلقهم على خلفية «التطورات الأخيرة» في أفغانستان ودعوا إلى «الامتناع عن العنف وتسوية المشكلة بالوسائل السلمية». كما أكد الزعماء «أولوية محاربة الإرهاب، بما في ذلك منع محاولات التنظيمات الإرهابية من استخدام الأراضي الأفغانية كملاذ إرهابي ومن تنفيذ هجمات ضد بلدان أخرى، إضافة إلى تجارة المخدرات». وأشار الإعلان أيضا إلى أن البلدان الأربعة «ملتزمة بمحاربة الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره». وشكّلت الأزمة الأفغانية ووباء كوفيد- 19 الموضوعين الرئيسيين اللذين طغيا على نقاش هذه الاقتصادات الناشئة.

هذا التكتل يُنظر إليه على أنه ساعد على التعاطي مع مشكلات تواجه العالم النامي. ولئن كان يُعتقد على نطاق واسع أنه لم يحقق كل إمكانياته، فما من شك في أنه تكتل مهم، ولاسيما أن المشكلة الأفغانية، التي تؤثر على المنطقة وخارجها، سلّطت ضوءا أقوى أيضا على أهمية التعاون متعدد الأطراف. وفي هذا الصدد، شهدت الأسابيع الماضية تحركات دبلوماسية مكثفة، ليس بشأن أفغانستان فحسب وإنما بشأن عدد من المشكلات الأخرى أيضا، إذ أجرت الهند اتصالات متعددة، بما في ذلك مع روسيا إلى جانب أستراليا واجتماع دول الـ«بريكس».

وفي الوقت نفسه، شملت تحركات الهند التواصلية أيضا روسيا الأسبوع الماضي، حيث زار سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف الهند من أجل مشاورات حول أفغانستان، وذلك عقب اتصال هاتفي بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء ناريندرا مودي في وقت سابق. وبالنسبة للهند، كانت تلك الزيارة مهمة نظرا لأن روسيا، التي كانت تُعد حليفا وثيقا للهند قبل خمس سنوات فقط من اليوم، أخذت تتقرب من باكستان والصين خلال السنوات الأخيرة بينما ازدادت الهند قربا من الولايات المتحدة. ولكن من الواضح أن التطورات التي تعرفها المنطقة تقتضي إعادة تفكير من جانب روسيا، وخاصة أن هناك تخوفات داخل كل من روسيا والهند من إمكانية أن يؤدي ظهور نظام جديد في أفغانستان إلى استخدام بعض التنظيمات المتعصبة أفغانستان كقاعدة لعملياتها. والوا قع أن قادة «طالبان» ما انفكوا يؤكدون على أنهم لن يسمحوا لتنظيمات أخرى باستخدام الأراضي الأفغانية، ولكن التخوفات تظل قائمة مع ذلك.

ومن جانبها، استضافت الصين أول اجتماع لوزراء خارجية جيران أفغانستان، اجتماع لم تُدع إليه روسيا.

والأكيد أن هناك اجتماعات متعددة الأطراف عديدة قادمة، بما في ذلك اجتماع «منظمة شنغهاي للتعاون».

وبالنسبة للهند، من الواضح أن الاجتماعات متعددة الأطراف تكتسي أهمية بالغة في هذه الظرفية.

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر