سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ميغدا بهارادواج
تنطوي المزايا التي تتصف بها طائرات الـ”رافال” Dassault Rafale على أهمية استراتيجية بالنسبة للهند وقواتها الجوية، وتلفت الانتباه إلى الحاجة المتزايدة لمثل هذه التكنولوجيا بالنسبة للهند.
ففي 29 يوليو 2020، تسلمت الهند الطائرات المقاتلة الفرنسية من طراز “رافال” والتي طال انتظارها. وقد وصلت الدفعة الأولى المكونة من خمس طائرات من أصل 36 طائرة مقاتلة إلى “أمبالا”، ما يمثل صفقة تاريخية من قبل وزارة الدفاع الهندية. فهذه الطائرات المقاتلة تعدُّ جزءًا من صفقة بقيمة 8.78 مليار دولار تمَّ التوقيع عليها مع فرنسا في عام 2016. وهي الصفقة التي يقال إنها ستحدث ثورة في الاستراتيجيات القتالية والهجومية والدفاعية لسلاح الجو الهندي.
وقد سبق أن استخدمت القوات البحرية والجوية الفرنسية الطائرات الثلاث ذات المقعدين الفرديين والمقعدين مع جناح على شكل دلتا، بالإضافة إلى شرائها واختبارها أيضًا من قبل دول عديدة، وقد اعتبرت طائرات متعددة الاستخدامات يمكنها استيعاب إمكانيات عدة طائرات في نفس الوقت. إنها مقاتلة من الجيل 4.5 وهي خفية إلى حد ما، على الرغم من أنها أقل من الجيل الخامس من طائرات “إف – 35” F-35الأميركية. ويمكنها أن تحمل أسلحة مثلSCALP /Storm shadow التي يمكن أن تشتبك مع الأهداف بدقة في أي ظروف جوية أثناء النهار والليل، ويبلغ مداها أكثر من 300 كم. ويمكنها أن تقضي على الأهداف بدقة بالغة.وهناك أيضًا الصاروخ “ميتيور” METEOR، وهو من نوعية الصواريخ (جو – جو)، حيث ينتمي إلى الجيل التالي، وهو صاروخ نشط موجه بالرادار يتجاوز مدى الرؤية(BVRAAM)، ويتكون من نظام دفع نفاث فريد من نوعه. ويوفر محركهذا الصاروخ قوة دفع على طول الطريق لاعتراض الهدف، مما يوفر أكبر منطقة محظورة للهروب من أي صاروخ (جو – جو.(
ويشير ذلك إلى أنه يمكنها إطلاق النار على الطائرات الصينية من مدى بعيد، ومهاجمة القواعد العسكرية المسلحة على بعد 600 كيلومتر في باكستان دون عبور خط السيطرة أو التعقب. وتمتلك “رافال” أيضًا نظام “القطاع الأمامي”Front Sector Optronics (FSO)، وهو محصن ضد التشويش على الرادار أثناء التشغيل في الأطوال الموجية الضوئية. ويتم إجراء العديد من التعديلات وفقًا لمعايير واحتياجات سلاح الجو الهندي؛ بما في ذلك الشاشة المثبتة على خوذة.
الحاجة إلى “رافال”
إن الميزات التي تتصف بها هذه الطائرات تعزز الوضعية الاستراتيجية للهند وتثري قطاع القوات الجوية بالجيش الهندي. ففي الأشهر الماضية، شهدت منطقة جنوب آسيا بشكل عام توترات متزايدة، في الوقت الذي تعيش فيه الهند، على وجه الخصوص، نزاعات مستمرة مع باكستان، كما أنها شهدت اشتباكات حدودية مع الصين خلال الآونة الأخيرة. علاوة على ذلك، فإن أخطر ما يمكن اعتباره تهديدًا أمنيًا كبيرًا للهند هو الوجود المتزايد للصين في الدول المجاورة، مثل: جزر المالديف وسريلانكا. لذلك، فإن شراء طائرات “رافال” المقاتلة يرتبط بالكثير من المخاوف والاحتياجات الأمنية المتزايدة للهند، بالإضافة إلى الحاجة للإصلاح المطلوب بشدة في التكنولوجيا التي اعتمدتها منظومة الدفاع.
وبمقارنة طائرات الـ”رافال” بطائرة “تشيندو – 20” Chengdu J-20 الصينية، وهي طائرة مقاتلة من الجيل الخامس، تقول السلطات الصينية إن “رافال” لا تسفر عن تغيير نوعي كبير. ومع ذلك، يمكن رؤية أداء “J-20″،بينما شوهد أداء “رافال” بالفعل في أفغانستان وليبيا ومالي. إضافة إلى ذلك، ففي حين أن الاختلاف والقدرة القتالية لطائراتF-16 المتوفرة لدى باكستان و”رافال” الهندية متشابهة تمامًا، فقد تمَّ تخصيص “رافال” وفقًا لتجربة الحرب الهندية، وهي طائرات مقاتلة ذات قدرة نووية تفتقر إليها طائراتF-16 التي تمتلكها باكستان. ويوفر هذا الوضع بالنسبة للهند ميزة على خصومها، كما يعزز القوة الجوية لديها، وهو أمر مطلوب جدًا في ظل الظروف الحالية.
المعضلة الأمنية للهند
أصبحت الهند واحدة من أكبر مستوردي الأسلحة في العالم. وقد كانت هناك زيادة في المشتريات والاستثمار من قبل السلطات الهندية في التقنيات المتقدمة والمعدات الحديثة للأغراض العسكرية والدفاعية. وهو ما يمكن النظر إليه باعتبار أنه جاء كرد فعل على زيادة القدرة العسكرية للصين. فقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة في ميزانية الجيش الصيني وجعلت الصين ثاني أكبر دولة من حيث الإنفاق العسكري. علاوة على ذلك، فمع العلاقات الوثيقة بين باكستان والصين، نجد أن ثمة تطورًا كبيرًا حدث في برنامج الأسلحة النووية والعسكرية الباكستانية. وتعدُّ زيادة القدرة العسكرية لجيران الهند وتشكيل تحالف قوي، دافعًا ملحوظًا لترسيخ المعضلة الأمنية التي دفعت الهند إلى اتخاذ إجراءات مماثلة وزيادة أمنها.
وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة تعدُّ شائعة في النظام الدولي، بالنظر إلى الوضع الحالي بين الهند وباكستان والصين، فإن هناك احتمالات لزيادة الصراعات الحدودية والتوسع من قبل خصوم الهند. ووفقًا لـ”روبرت جيرفيس” الخبير في الشؤون الدولية في جامعة كولومبيا، فإن “جعل الخصم أكثر انعدامًا للأمان سيزيد في كثير من الأحيان اهتمامه بالتوسع؛ لأن التوسع غالبًا ما يزيد من الأمن”. بعبارة أخرى، يمكن أن تؤدي الحاجة المتزايدة لتعزيز أمن الفرد إلى دفع الخصم إلى فعل الشيء نفسه من خلال وسائل مختلفة، من بينها الاستيلاء على المزيد من الأراضي والموارد. وبالنسبة للهند، قد يعني هذا فرصًا أكبر للنزاعات الحدودية مع كلا البلدين.
لذلك، كان تسليم المقاتلات الـ”رافال” بمثابة تغيير في قواعد اللعبة بالنسبة للهند. فقد أشار ذلك إلى النمو والازدهار، ليس فقط فيما يخص التنظيم العسكري، ولكن للأمة بشكل عام. إضافة إلى ذلك، فإن تسليم الطائرات المقاتلة لا يمكن أن يكون أكثر من توقيت مثالي، إذ يعطي رسالة صاخبة وواضحة لخصومها، مما يجعل هذا الحدث رمزيًا أكثر من كونه موضوعيًا، وسط مخاوف أمنية مكثفة في الهند.
ومع استمرار الاشتباك الحدودي الأخير بين الصين والهند، واستمرار سياسة “شد الحبل” بين باكستان والهند بشأن كشمير، ستستمر المخاوف الأمنية لكل دولة في الارتفاع. وسعيًا وراء الحفاظ على الأمن، انخرطت الدول في عملية شراء وتطوير تقنيات عسكرية جديدة، ولكن في هذه العملية، بدا أن هناك حالة متفاقمة من سباق التسلح.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: ساوث آسيا مونيتور South Asia Monitor
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر