سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
د.سعود بن صالح المصيبيح
منذ أن بدأنا نقرأ في التاريخ ونحن نرى تنازع البشر على السلطة والحكم، فتدور الاغتيالات والانقلابات والمؤامرات للوصول إلى الحكم.
وتوالت قراءتنا للتاريخ لتجد الغالب في التاريخ هو عدم الاستقرار والنزاعات والحروب والدماء.
وعندما دخل الملك عبدالعزيز – رحمه الله – الرياض كان يبلغ من العمر 26 عامًا واستطاع أن يؤسس مملكة عظيمة ضخمة المساحة متنوعة في المناطق والقبائل والطوائف، ويجمعها في دولة موحدة قوية، وليطوع النفط لتطوير الوطن ونهضته والسير بحكمة ووعي في السياسة الدولية، ويجنب وطنه ضرر حربين عالميتين سقطت بها دول وتلاشت وتضررت وشملتها الفتن والقتل، وبقيت المملكة العربية السعودية شامخة عظيمة متماسكة تنمو وتزدهر، وتكون محط إعجاب العالم وغبطة الشعوب الأخرى الذين عانوا من ويلات الحروب والفتن، فهاجروا وعانوا الأمرين من ذلك .
وبحكم السن لم أعايش عهد الملك عبدالعزيز – رحمه الله – وإنما قرأت تاريخه وتمنيت أن عشت في عصره. أما عهد الملك سعود، فقد تشرفت بأن أحمل اسمه، وكان الملك صاحب لقب أبو خيرين محبوبًا من الشعب وله جهوده التنموية المعروفة. ثم عايشت في طفولتي ودراستي الابتدائية عصر الملك فيصل واللحمة الوطنية الموجودة في مدارسنا ونشيد “فيصلنا يا فيصلنا” وتحية العلم الصباحية وخروجنا في مدينة الرياض من المدارس لاستقبال زعماء الدول في مظاهر وطنية ندرك فيها حب الوطن وأمنه، ثم متابعة رحلات الملك فيصل ودعوته للتضامن الإسلامي، ثم فترة بداية عملي في الصحافة، وفتنة الحرم المكي في عهد الملك خالد، ثم الوظيفة والابتعاث في عهد الملك فهد، ثم العمل في الحرس الوطني في عهد الملك عبدالله. وخلال هذه المدة الطويلة كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزبز – حفظه الله – حاضرًا في القلب والوجدان والمكان، حيث كان أميرًا للرياض وكان متابعًا للعمل الإعلامي وخير قائد وأمير، حتى وصلت الرياض في عهده إلى مصاف المدن المتقدمة عالميًا، كما كان تأثير والده الملك عبدالعزيز كبيرًا في حسن التعامل والسياسة الواعية وحب الوطن ومعرفة الأسر والناس والفراسة في اكتشاف الرجال وإدراك أهمية وحدة الوطن وعظمته، ثم ملازمته لإخوانه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله وشقيقيه سلطان ونايف، فكان في قلب الحدث ومعاصرًا لكل ما مرت به المملكة من أحداث تاريخية عظيمة داخلية وخارجية؛ ولهذا كان لديه استبصار في رؤية المستقبل بما وهبه الله – عز وجل – من فهم وإدراك، ولهذا كان حريصًا على وحدة الوطن ومدركًا للتطور الزماني والمكاني للمملكة وأهمية استمرار الدولة بروح الشباب، خصوصًا مع الانفجار السكاني الذي مرت به المملكة مع الخير والرفاهية والاستقرار الذي أدى إلى زيادة الفئة العمرية من الشباب، حيث يمثل 83 بالمئة من السكان أقل من 39 .
كما أن الملك سلمان تميز بقراءاته للتاريخ وتعمقه في هذا المجال وبتاريخ الأسرة المالكة الممتد لأكثر من 300 سنة، ولهذا أجزم بأن الملك سلمان أكثر حاكم عربي منذ النصف الثاني من القرن العشرين ثقافة ومعرفة متعمقة بالتاريخ .
كل هذه المعطيات قادت الملك سلمان، وهو الأكثر وفاء وحبًا وقربًا لتاريخ المملكة ومعرفة به، إلى أن يتوسم خيرًا في شخصيتين هما: الأمير محمد بن نايف، والأمير محمد بن سلمان ليكسر دائرة الاختيار حسب العمر ويكون النظر إلى الكفاءة والقدرة والتأهيل، والانتقال من جيل أبناء الملك عبدالعزيز إلى جيل أحفاده. وكانت نظرته ثاقبة في خبرة وجهود الأمير محمد بن نايف في الأمن، وخبرة وجهود الأمير محمد بن سلمان في السمات القيادية والنظرة التنموية والقانونية، فواصل المحمدان عملهما بجهود متميزة. ثم كانت فراسة الملك سلمان واضحة فيما يتمتع به ابنه محمد من نظرة مستقبلية وطموح لتطوير الوطن وما طرحه من رؤية وخطط وأهداف في 2030 والتحول الوطني الذي يريده لوطنه. ورأى الملك سلمان حب الشباب لهذه الشخصية التي ضربت أروع الأمثلة في الجدية والعمل الدؤوب والصبر والمثابرة والإخلاص ومحاربة الفساد والحزم في المواقف السياسية، ثم التواضع ورحابة الصدر وحسن التعامل والانفتاح على الناس. وهذه من أهم سمات القيادة والحكم، ولهذا جاء وقت اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للأمير محمد بن سلمان ليكون وليًا للعهد، وهو الذي أثبت قدرات فذة خلال وقت قصير من الزمن، فقد قاد التحالف العربي والإسلامي ضد التفات الملالي في إيران عبر اليمن وقضى على أحلامهم، ثم قيادة التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، ثم الإعلان عن مشروعه التنموي الطموح للمملكة الشابة (المملكة العربية السعودية) وتطوير آليات العمل ومنح الشباب الفرصة للإنجاز والعطاء، ثم الأحداث السياسية وقدرة هذا الأمير الشاب على عقد مؤتمر ضخم بين قادة العالم الإسلامي والرئيس الأميركي ترمب رئيس أعظم دولة في العالم، ثم لجم الإرهاب والدول الداعمة والجماعات الحزبية التي ذكرها الأمير في حديث له والتي تخطط وتتآمر كدول وجماعات ضد المملكة، فكتب الملك سلمان التاريخ في يوم تاريخي مشهود، إذ اختار الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد وبتأكيد كبير من هيئة البيعة بالأغلبية العظمى (31 صوتًا من 34 صوتًا)، ومبايعة الأمير محمد بن نايف لشقيقه الأمير محمد بن سلمان، وهو الذي أدرك من خلال معرفته عن قرب بهذا الأمير الشاب من أن الوطن سيكون في أيد أمينة، وهو الأمير الوطني الذي حارب الإرهاب ونجح فيه وقاد منظومة الأمن، وبالتالي يدرك أن الوطن سيكون في مستقبل عظيم وطموح مع هذا الشاب الحكيم الجاد المثابر.
كما أن الملك سلمان دفع بالشباب إلى مناصب قيادية، وهو الذي يدرك حاجة المملكة إلى عطاء وجهد وطاقة وعمل الشباب .
وفي مشهد قيادي فريد، وبحمد الله ومنته، رأينا الانتقال السلس، ورأينا الجميع هبوا وبايعوا الأمير محمد بن سلمان على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم بالحق حيث ما كنا، ودعوا الله – عز وجل – أن يكون خير خلف لخير سلف وأن يحفظ الله خادم الحرمين الشريفين ويمد في عمره، وأن يحفظ المملكة العربية السعودية شامخة موحدة طموحة مستقرة آمنة متماسكة، وتوالت أبيات جميلة تمثل الواقع:
خل المهمة مع رجال المهمة
ماني على مستقبل الدار خايف
هذا ولد نايف وسلمان عمه
وهذا ولد سلمان والعم نايف
وكذلك:
هذا ولد سلمان عزمن وهمة
يجسر على الصعبات راعي مواقف
فخر الحزم يبقو للأوطان قمه
وتبقى بلاد الخير فوق الوصايف
هذه اللحمة الوطنية العظيمة لهذا الوطن العظيم، كان بمثابة الصفعة القوية في الرد على الأعداء المتربصين الذين أدهشتهم مظاهر الحب والولاء داخل بيت الحكم وبين الشعب وقيادته.
وفي قراءة ذاتية سريعة، نرى أن الأمير محمد بن سلمان رجل جاد ومثابر ومخلص وصاحب رؤية حضارية وطموح كبير، همّه الإنسان ونهضته وسعادته، ويكفي أنه من مدرسة سلمان الحزم والعزم والحكمة والوفاء والنبل.
وهنا أوجه رسالة للمواطن السعودي الوفي النبيل بأن عليه مسؤولية كبيرة في استشراف رؤية 2030 والانطلاق بجد وعمل وإخلاص وأمانة وانضباط واحترام للوقت وبناء الوطن؛ للانطلاق إلى العالم الأول تحت القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. فنحن نعيش في وطن عظيم، هو وطن الحرمين الشريفين، وطن العقيدة الإسلامية، وطن التوحيد، وطن الأمن والأمان؛ ولهذا حري بنا أن نشكر الله – عز وجل – على نعمه، وأن نعمل جاهدين لذلك. كما أن المملكة العربية السعودية ضمن العشرين دولة الأقوى اقتصادًا في العالم، وهي رائدة العالم الإسلامي ومهبط الوحي، وتملك مقومات حضارية وتنموية عظيمة. وبحمد الله.. كم هي نعمة عظيمة أن تنام آمنًا قرير العين، ثم تصحو على مقطع يقبّل فيه الخلف يد السلف، في وقت ترى فيه القتل والتنازع وانعدام الأمن والأمان في بلدان أخرى .
كما سيحكي التاريخ، ومن أطهر بقاع الأرض (مكة) عن قصة اجتماع الأدب مع روح القيادة والاحترام مع الحزم والمحبة مع العزم.. قصة المحمدين يجب أن تدرس للأجيال في العلاقات الإنسانية وحسن التعامل وتحقيق الصالح العام .
المستشار في مكتب وزير الداخلية سابقًا والمتخصص في الاستشارات والخدمات التربوية والإعلامية*
@269saud4
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر