سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مانوج بانت
فضَّلت الهند عدم المشاركة في الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة بسبب خوفها من الهيمنة الاقتصادية للصين، التي من شأنها أن تغرق السوق الهندي بصادراتها، بالإضافة إلى الخوف من المصدرين الزراعيين، مثل: أستراليا ونيوزيلاند، وتأثيرهم على مصالح المنتجين الهنود.
وبصفة عامة، يبدو الاعتراض على الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، راجعًا لأسباب اقتصادية، ولكن كافة الاتفاقات التجارية الإقليمية لديها شقان: اقتصادي واستراتيجي. وتتعلق الاتفاقات التجارية، سواءً ثنائية أو متعددة الأطراف، بضوابط دخول الأسواق لكل طرف. ولكن من المفترض أن ترتبط خسائر المنتجين المحليين بمكاسب للمصدرين. ولكن، إجمالاً ينبغي التوضيح أن الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، تركز بشكل أساسي على التجارة في السلع (كما هو الحال في الاتفاقية بين الهند ورابطة دول جنوب شرق آسيا). ولكن في هذا السيناريو، ليس من الصعب افتراض خسارة المنتجين الهنود. بالإضافة إلى أنه لا يخفى على أحد أن رابطة دول جنوب شرق آسيا والصين تتسبب في حوالي 80% من العجز التجاري في الهند. وهذا لا يعني أن كل المصدرين للهند يعتبرون من المعتدين، وذلك لأن الهند لديها أعلى معدل تعريفات صناعية، وأي تخفيض نسبي للتعريفات بموجب أي اتفاقية سيعني أن مزايا الأسعار للمصدرين الهنود سيكون أقل جدًا من مزايا الأسعار للمصدرين في الدول المشاركة في اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. وهذا ما يحدث بالفعل، ولكن بما أن التجارة بين الهند ورابطة دول جنوب شرق آسيا، أقل من 10% من إجمالي التجارة؛ لذا، فإن الخسارة بسيطة. ولكن إذا دخلت الصين مع هذه الكتلة، فستتضاعف الخسارة. إذ في هذه الأوقات التي تعاني من كساد عالمي، على الأرجح لن تقبل فرضيات المكسب من تحرير التجارة إلا في حالة خفض التعريفات التي تفرضها الهند على سلعها الأساسية حتى نهاية الحد الذي تفرضه الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة.
أمَّا على صعيد الزراعة، منذ جولة أورغواي في 1995، ولأسباب سياسية، فقد حمت الهند قطاع الزراعة لديها بواسطة رفع التعاريف الجمركية في ظل اتفاقية منظمة التجارة العالمية.
ومن ثَمَّ، مع زيادة التعريفة الهندية على السلع المصنعة، ستجعل الاتفاقات التجارية، مثل الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، المنتجين الهنود أقل تنافسية مقارنة بالآخرين.
وقد تتمتع الهند ببعض القدرة على المساومة إذا أضيف للشراكة بند يضمن إتاحة الصادرات الخدمية للهند. فعندما بدأت اتفاقية رابطة دول جنوب شرق آسيا في 2005، كان من المزمع توسعها لتشمل الخدمات. ولكن كافة دول الآسيان (ما عدا سنغافورة) ترددت كثيرًا في هذا الإجراء حتى عام 2015 عندما وافقت هذه الدول على بدأ التفاوض حول قيود التجارة الخدمية. وحتى اتفاقية الخدمات المحدودة التي تعدُّ جزءًا من اتفاقية التعاون الاقتصادي الشامل بين الهند وسنغافورة، فقد شهدت بطأً شديدًا في التنفيذ. في حين تصل حصة الهند في التجارة العالمية في مجال التصنيع حوالي 1.7%، تبلغ حصتها من صادرات العالم الخاصة بالخدمات التجارية حوالي 3.5%. ومن الواضح، أن القطاعات الخدمية في الهند لديها بعض المزايا التنافسية التي يجب أن تشملها إحدى الاتفاقيات.
ولكن، يجب أن نعي أن الاتفاقات التجارية أيضًا لها بعد سياسي واستراتيجي. فعلى سبيل المثال، فإن توسع اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة وكندا لاتفاقية “نافتا”، أو اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية يهدف سياسيًا إلى التقريب بين الأميركتين والولايات المتحدة الأميركية. كما يرجع التوسع في اتفاقية الاتحاد الأوروبي EU15 إلى اتفاقية EU27 وفقًا لمعاهدة “ماستريخت” لاعتبارات أمنية بعد انفصال أوروبا الشرقية عن الاتحاد السوفييتي سابقًا.
ومن المحتمل أن يكون للشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، دوافع استراتيجية مماثلة على ضوء سياسة الهند بشأن الوضع الاقتصادي للصين في بحر جنوب الصين. ولكن، من الصعب في ظل الوضع الاقتصادي الحالي أن يتم قبول هذا الهدف الاستراتيجي بسهولة. في حين أن ذلك قد يكون الدافع الحقيقي للشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، فمثل هذه المكاسب الاستراتيجية يجب أن تخضع للتكامل الاقتصادي. وحتى يتم إبرام اتفاقية خدمات قوية، ويتم حل قضية الحواجز غير الجمركية في الصين، لا يبدو أن الهند ستشارك في اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: livemint
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر