عبير خالد

بصفتي امرأة سعودية مهتمة بالإعلام ودراسات النوع الاجتماعي، عندما شاهدت الفيلم الهندي “ماري كوم” للمرة الثانية في عام 2014، اعتقدت أن هذا هو المثال النموذجي لتمكين المرأة على شاشة التلفزيون، مما دفعني إلى كتابة رؤية نقدية عنه باللغة العربية تدعو إلى أفلام محلية مماثلة.

تستند “ماري كوم” إلى القصة الحقيقية للملاكمة الهندية “تشونجنيانج ماري كوم همانجتي” التي اجتازت رحلتها لتصبح ملاكمًا في حياة مليئة بالكفاح والصعوبات، إلى أن توجت رحلتها تلك بفوزها أخيرًا ببطولة العالم للملاكمة لعام 2008 في “نينغبو”.

وقد تضمنت هذه الصعوبات، كما يظهر في الفيلم، مواجهة القيم الاجتماعية الجنسية والاستبداد على أساس النوع الاجتماعي والتحرش. فتقوم بطلة العمل “بريانكا شوبرا” بدور رائد في الملاكمة، مع “دورشان كومار” و”سونيل ثابا” الذي قام بدور زوجها ومعلمها.

وعندما شاهدت الفيلم، قبل خمس سنوات، أُعجِبت بطريقة عرضه لامرأة تعمل على تمكين نفسها من الفوز ببطولة العالم للملاكمة. وقد تمنيت لو كانت هناك أمثلة مماثلة من النساء في الدراما والسينما المحلية. وفي فبراير 2018، دهشت عندما شاهدت مسلسلاً تلفزيونيًا سعوديًا من بطولة الممثلة السعودية ميا الزهراني، التي قامت بدور ملاكمة. ويقدم هذا المسلسل للشابة التي تعود إلى الوطن بعد دراستها في الولايات المتحدة، حيث تواجه قيودًا اجتماعية.

لقد كان الأمر الأكثر إثارة للاهتمام أن هذا المسلسل يظهر كيف يساعد المجتمع المحلي خاصة من خلال تحدي التصورات النمطية به حول ما يجب أن تفعله النساء، وما لا يجب عليهن فعله. في أحد المشاهد تظهر الملاكمة بغضب حيث تقول: “هل هذا كل ما تريد مني أن أفعله: الزواج، ولادة الأطفال، واستئجار خادمة لرعايتهم؟”.

والمثير للاهتمام حقًا أن نرى الإصلاحات الأخيرة التي طرأت على وضع المرأة في المملكة العربية السعودية تنعكس في وسائل الإعلام بهذه السرعة. ويعدُّ ذلك مثالاً على حوار تلفزيوني منفتح، ليس شائعًا في التلفزيون الوطني على حد علمي. فقد تمَّ السماح للنساء السعوديات، أخيرًا، بممارسة لعبة كرة القدم، كما تمَّ إنشاء فرق كرة القدم النسائية في جميع أنحاء البلاد.

وتزخر الدول المجاورة، مثل الإمارات العربية المتحدة، بأمثلة على الإنتاج الدرامي الحديث الذي يمكّن النساء وتمثيلهن.

ولعل أحد الأمثلة على ذلك هو برنامج Netflix show Justice الذي يعرض المحامية الطموحة، فرح، التي عادت إلى وطنها بعد حصولها على شهادتها من الولايات المتحدة وتريد دفع الحدود القانونية والثقافية مع قضاء وقت ممتع مع العائلة كامرأة شابة مستقلة.

ويقال إن هذا العرض هو أغلى إنتاج تلفزيوني إماراتي على الإطلاق، وفقًا لما ذكره الرئيس التنفيذي لشركة “إميج نيشن” Image Nation، “مايكل جارين”.

ومن المثير للاهتمام هنا، أن كليهما يعرض شابات نجمات عائدات من الخارج، وتحديدًا من الولايات المتحدة، ويواجهن قيودًا اجتماعية وثقافية مماثلة. ولكن بدلاً من عزل أنفسهن، فإنهن يساعدن مجتمعاتهن وعائلاتهن من خلال تحدي الصور النمطية السلبية عن النساء.

إن الطرق التي اتبعنها في القيام بذلك، هي أنهن ببساطة يعبرن عن أنفسهن كنساء ناجحات ومستقلات. ومن الواضح أن ذلك يعدُّ تحولاً في تمثيل المرأة بوسائل الإعلام في دول مجلس التعاون الخليجي، وربَّما كان ذلك نتيجة للإصلاحات الواسعة الأخيرة التي طرأت على الوضع الاجتماعي للمرأة في المنطقة.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: The Beaver