سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تركي صالح العتيبي
رحل صالح، رحل الشويش العقيد الزعيم القائد الخائن رجل الدولة، رحل الصديق العدو الأخ الحليف الرئيس المخلوع السابق، رحل ولم ترحل مشاكل اليمن، ولا تعقيداته، ولا حروبه، ولا صراعاته، ولا فقره، ولا فشله.. رحل رجل المراحل دون أن يغلق مرحلته، وحيدًا شريدًا دون الدولة، ولا الحرس، ولا القبيلة، ولا حتى الستين مليارًا.
رحل وحيدًا؛ لأنه في الأصل واحد، ولا يمكن لرجل متوحد بالسلطة والنفوذ والقوة والمال أن يترك بعده دولة ولا جيشًا ولا اقتصادًا، كانت حسنته الوحيدة في آخر يومين أنه خرج من حكومة الضرار ورفع الغطاء المؤسسي عن عصابة الحوثي الإيرانية المجرمة .
لم يكن أحد من العارفين بالسياسة وسياقاتها، يرجو أملاً ولا يعلقه تجاه دور عسكري حاسم يقوم به صالح ضد الحوثي، لأنه ومنذ أول يوم في خيانته لشعبه وللدولة وتسليمه صنعاء للعصابة الحوثية وهو خارج لعبة توازنات القوى، هو مجرد كرت سياسي ساهم عبر سيطرته على حزب المؤتمر وإرغامه عناصره على الدخول كديكور في حكومة إيرانية في صنعاء، في إضفاء وجه مدني سياسي لهذه السلطة المغتصبة لليمن وعاصمته .
رجل السياسة القديم أحرق كروته واحدًا تلو الآخر بدافع الحقد والكره والانتقام، رجل العقل الراجح الذي كان يجيد التنقل بين المربعات وضع كل سلاله في مربع أمني ضيق في حضن عدوه العتيد الحوثي، كل ذلك بدافع الانتقام من الأصدقاء والحلفاء السابقين داخليًا وخارجيًا، صنع طوال تاريخه الأعداء والأصدقاء وخلط بينهم، صادق وعاهد ونكث وخان، لكنه لم يفلت خيوط اللعبة، لم يتنازل عن عسكره ولم يسلم سلاحه، ولم يدرج قادته ولا عسكره تحت قوة أيًّا كانت تلك القوة إلا هذه المرة، لكنها كانت القاضية، فقد سقط صريعًا في يد طلاب دم .
لكن حدث مقتله كبير بقدر قيمة الرجل التاريخية والسياسية والقبلية. وإن كنَّا لا نعول على التاريخ والسياسة في هذه الحالة، فإن القبيلة تبقى لغزًا وحلاً في ذات الوقت، لذلك فإن السؤال الملح هنا هو: هل القبيلة التي صعد عبرها وحكم من خلالها وتلاعب بها، هي ذات القبيلة المعهودة في اليمن؟ هل زاد نفوذها، أم ضعفت وتراخت، أم أنها انتهت كقوة وتحولت إلى أسر كبيرة؟
الجواب على هذا السؤال هو الفاتحة لقراءة مستقبل صراع اليمنيين مع الحوثي، وربَّما مستقبل اليمن، أو اليمنين، أو اليمنات .
يختلف صالح عن غيره من الحكام العسكر في ناحية مهمة ألا وهي العصبة القبلية، ذلك الباب الذي دلف منه والذي استمر يعول عليه، لكن القبيلة عبر تاريخ صالح مرت بتغيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية، لا من ناحية الوجود الجغرافي ولا الروابط ولا الفوارق الاجتماعية (الطبقية) التي صنعتها الرشوة السياسية، حتى إن بعض زعماء القبائل الذين لم تكن لهم حظوة لدى صالح، كانوا يكسبون المال عبر اختطاف الرهائن والتهريب بكافة أشكاله. أمَّا القبائل الحليفة، فصعد رجالها سلم السلطة وفتحت لأعيانها خزائن المال، وغرقوا كغيرهم في فساد الدولة وساهموا في فشلها، وفي فقر أهلها، ونهب ثرواتها .
كاتب سعودي*
@turkysaleh
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر