سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عمر فارس
في عام 1968، تنبأ عالم البرمجيات الأميركي “إيفان ساذرلاند” بمستقبل الواقع المعزز والافتراضي من خلال مفهومه “العرض النهائي” Ultimate Display، الذي اعتمد على تأثير العمق الحركي لإنشاء صور ثنائية الأبعاد تتحرك مع مستخدميها، مما يعطي الإيحاء بعرض ثلاثي الأبعاد.
وبينما يقتصر مفهوم الواقع الافتراضي على إنشاء بيئات ثلاثية الأبعاد، فإن الميتافيرسmetaverse – وهو مصطلح صاغه “نيل ستيفنسون” في كتابه الصادر عام 1992 Snow Crash – ، وهو مفهوم أوسع كثيرًا يتجاوز كل ذلك.
ورغم عدم وجود تعريف رسمي للميتافيرس، يقدم “ماثيو سباركس” تعريفًا أكثر تناسبًا، إذ يعرفه بأنه “مساحة مشتركة على الإنترنت تتضمن رسومات ثلاثية الأبعاد، إما على الشاشة أو في الواقع الافتراضي.” ومنذ ظهور هذا المصطلح، ظلت فكرة الميتافيرس تمثل مفهومًا خياليًا أكثر من كونه مفهومًا علميًا. وبالرغم من ذلك، فمع التقدم التكنولوجي في السنوات الأخيرة، أصبح الميتافيرس أكثر واقعية. فقد حدث الكثير من الضجة بعد أن أصدر “مارك زوكربيرج” إعلانًا بإعادة تسمية العلامة التجارية للفيسبوك إلى ميتافيرس. ومنذ ذلك الحين، قفز العديد من تجار التجزئة على متن قطار ميتافيرس.
فقدمت شركة نايكي Nike، مؤخرًا، علامات تجارية متعددة تسمح لها بإنشاء أحذية وملابس نايكي وبيعها تقريبًا. وافتتحت وكالة جي بي مورجان JP Morgan أول فرع لبنك افتراضي لها. وأعادت شركة سامسونج Samsung إنشاء متجرها الرئيسي في مدينة نيويورك بالمنصة الافتراضية القائمة على المتصفح ديسينترالاند Decentraland ، حيث تطلق منتجات جديدة وتقيم فعاليات عديدة.
وفي حين أن العديد من تجار التجزئة يستفيدون المتيافيرس في وقت مبكر، إلا أنه لا يزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن إن كان الميتافيرس يمثل حقًا مستقبل البيع بالتجزئة، أو إن كان سيكون (موضة) قصيرة العمر.
الميتافيرس تبدد الأساطير
تنبع الكثير من حالة عدم اليقين حول الميتافيرس من الارتباك حول التكنولوجيا. فأثناء فحص أهم ارتباطات الكلمات الرئيسية ذات الصلة بالميتافيرس على كل من جوجل Google وتريندس Trends ، تبين أن “ما هي الميتافيرس وماذا تعني” يمثل المصطلح الأكثر بحثًا بين العملاء. وللتخفيف من بعض هذا الالتباس، من المهم تبديد الخرافات الشائعة حول الميتافيرس.
الأسطورة الأولى: تحتاج إلى سماعة رأس (VR) للوصول إلى الميتافيرس
بينما يمكن تحقيق تجربة مثالية في الميتافيرس من خلال سماعات الرأس، يمكن لأي شخص الوصول إلى الميتافيرس من خلال أجهزة الكمبيوتر الشخصية الخاصة به. فعلى سبيل المثال، يمكن للعملاء إنشاء صورهم الرمزية والوصول إلى الميتافيرس في ديسينترالاند على الشاشة بدون سماعة الرأس.
الأسطورة الثانية: إن الميتافيرس سوف تحل محل التفاعلات الواقعية
بدلاً من استبدال أنماط الاتصال الحالية، توفر الميتافيرس طريقة اتصال أكثر تفاعلية. فدائمًا ما تقدم التقنيات الجديدة تنبؤات بنهاية التفاعلات المادية. ومن المفيد مقارنة الميتافيرس بظهور الهواتف الذكية التي تعمل على تحسين الاتصال من خلال السماح للأشخاص بالتفاعل مع شبكاتهم الاجتماعية، لكنها لم تحل محل التفاعلات المباشرة (وجهًا لوجه) بالكامل، إذ ستكون الميتافيرس هي نفسها التي تقوم بذلك.
الأسطورة الثالثة: إن الميتافيرس مخصصة للألعاب فقط
تظل الألعاب هي المحرك المهيمن لمشاركة المستخدم معها، إذ يعتقد 97% من المديرين التنفيذيين للألعاب أن الألعاب ذات مركزية في الوقت الراهن) فهي ليست النشاط الوحيد الذي يمكن للأشخاص المشاركة فيه).
وفي استطلاع حديث، سألت شركة ماكينزي وكومباني McKinsey & Company العملاء عن النشاط المفضل لديهم على الميتافيرس في السنوات الخمس المقبلة، فاحتل التسوق المرتبة الأولى تقريبًا، ويليه حضور مواعيد الخدمات الصحية عن بُعد، ثم الدورات المتزامنة الافتراضية.
إبقاء التوقعات قائمة
إن الميتافيرس في شكلها الحالي تفتقر إلى البنية التحتية التكنولوجية لتقديم توقعات السوق. فربما يكون من المناسب مقارنة الميتافيرس مع فقاعة الـdot-com التي ظهرت خلال الفترة بين عامي 1995 و2000 والتي نتجت عن المضاربة في الأعمال التجارية القائمة على الإنترنت.
وبالمثل، يبدو أن هناك ضجيجًا وتوقعات هائلة حول ما يمكن أن تقدمه التكنولوجيا في شكلها الحالي. فقد وجدت دراسة استقصائية حديثة شملت 1500 مستهلك أن 51% من الناس يتوقعون أن تكون خدمة العملاء أفضل في ظل الميتافيرس، بينما يتوقع 32% أقل إحباطًا وقلقًا أثناء التعامل مع وكلاء خدمة العملاء في الميتافيرس مقارنة بالتفاعلات الهاتفية، و27% يتوقعون التفاعلات مع مساعدي الصور الرمزية الافتراضية للميتافيرس لتكون أكثر فعالية من روبوتات الدردشة عبر الإنترنت.
وفي حين أن مثل هذه التوقعات يمكن أن تبدو معقولة، فإن تكنولوجيا الميتافيرس لا تزال في مرحلتها الأولى، إذ يظل التركيز على تطوير البنية التحتية والعمليات للمستقبل. فقد تؤدي التوقعات غير الواقعية إلى فقاعة ميتافريسية (نسبة إلى الميتافيرس) بحيث يكافح الواقع لتلبية التوقعات.
التحديات التي تواجه تجار التجزئة
كما هو الحال مع أي تقنية ناشئة، يحتاج تجار التجزئة إلى الاستعداد للتحديات التي تفرضها الميتافيرس، ويمكن الإشارة إلى بعض هذه التحديات فيما يلي:
أمن وخصوصية البيانات: مع حداثة تكنولوجيا الميتافيرس ووفرة البيانات الشخصية التي تم جمعها، سوف تكون الميتافيرس هدفًا جذابًا للمتسللين عبر الإنترنت. وبالتالي يجب النظر في الأساليب والطرق الجديدة من أجل الميتافيرس الآمنة التي يمكن للعملاء الوثوق بها.
الموهوبون وأصحاب الخبرات: إن امتلاك المواهب المناسبة التي يمكنها إنشاء وإدارة ودعم الخبرات في الميتافيرس يجب أن يكون في مقدمة التعامل مع التكنولوجيا. ومع ذلك، ونظرًا لحداثة التكنولوجيا، فإن العثور على هذه المواهب سيكون أحد التحديات أيضًا.
اللوائح: مع عدم وجود تشريعات ولوائح واضحة في مكانها الصحيح، قد تتعرض سلامة المساحات الافتراضية في ظل الميتافيرس للخطر وينتهي الأمر بدفع العملاء بعيدًا. ويحتاج تجار التجزئة إلى التأكد من أن هذه المساحات آمنة ومحمية.
إدارة توقعات العملاء: يحتاج تجار التجزئة إلى تثقيف عملائهم حول ما يمكن فعله حاليًا مع الميتافيرس، وما يجب أن يتوقعه العملاء من الأعمال التجارية بشأنها.
ورغم هذه التحديات، فإن تجار التجزئة سوف يظلون قادرين على صياغة تجربة تسوق جديدة للميتافيرس، إذ سيتطلب الأمر فقط أشخاصًا مؤهلين وذوي مهارات مناسبة لتحقيق ذلك. ومن خلال التخطيط والإعداد المناسبين، سيتمكن تجار التجزئة من مواجهة هذه التحديات.
فرص لتجار التجزئة
مع تطور التكنولوجيا، ستنمو الاستخدامات المحتملة للميتافيرس لتجار التجزئة. ففي الوقت الحالي، تقدم الميتافيرس لتجار التجزئة ثلاث فرص رئيسية لتحسين تجربة التسوق عبر الإنترنت.
تتمثل الفرصة الأولى في عرض العلامة التجارية. إذ يمكن لبائعي التجزئة توسيع وجودهم من خلال اللوحات الإعلانية الافتراضية والإعلانات التفاعلية مع ضوضاء أقل، وذلك مقارنة بالقنوات الموجودة على الإنترنت والجوّال. وهنا نشير إلى شركة كلاود ناينCloud Nine ، وهي شركة لخدمات تكنولوجيا المعلومات، وواحدة من أوائل الشركات التي أعلنت عن خدماتها على لوحات إعلانية افتراضية في ديسينترالاند. ذلك أن إعلانات اللوحات الإعلانية الافتراضية أصبحت شيئًا يجب على المسوقين أخذه في الاعتبار.
وتتمثل الفرصة الثانية التي تتضمنها الميتافيرس في أنها تقدم تجربة فريدة للعملاء من أجل التفاعل مع العلامات التجارية من خلال الأحداث والمسابقات والميزات الشبيهة باللعبة. ويمكن أن تزيد مثل هذه التجارب من الولاء ومشاركة العلامة التجارية. ويعد أسبوع الموضة في الميتافيرس مثالاً على كيفية قيام تجار التجزئة بإنشاء فرص مشاركة فريدة للعلامة التجارية. فقد شارك تجار التجزئة ومنهم “تومي هيلفيجر” Tommy Hilfiger و”بيري إليس” Perry Ellis و”دولسي أند جبانا” Dolce & Gabbana جميعًا في المحاولات التجريبية، مما أدى إلى موجة تفاعلات غامرة وفريدة من نوعها مع العلامة التجارية للعملاء.
أخيرًا، توفر الميتافيرس لتجار التجزئة الفرصة لتخصيص تجربة العملاء. فعلى غرار كيف يمكن لتجار التجزئة تخصيص تجربة العملاء عبر الإنترنت من خلال جمع البيانات، يمكن لتجار التجزئة تخصيص تجربتهم في البيئة الافتراضية. ففي شركة ميتا هورايزون وورلد Meta’s Horizon Worlds ، على سبيل المثال، أصبح بإمكان المستخدمين إنشاء عوالم افتراضية خاصة بهم ودعوة الأصدقاء وتخصيص تجاربهم الخاصة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: The Conversation
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر