سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أرتيم ريميزوف
في الوقت الذي يستمر فيه فرز الأصوات في أوكرانيا، يبدو من الواضح أن الرئيس “فولوديمير زيلينسكي” حصل على السلطة التشريعية، وبالتالي يسيطر على السلطة التنفيذية الممثلة في الحكومة. فقد حقق ظهيره السياسي، “حزب الشعب”، فوزًا ساحقًا في الانتخابات البرلمانية المفاجئة في 21 يوليو 2019، فلم يفقد سوى 3 فقط من أصل 24 مقعدًا في قائمته الحزبية وفاز بما يكفي من المناطق ذات العضو الواحد لضمان الأغلبية.
وفي الواقع، فإن هذه النتيجة تبدو غير عادية، إذ لم تتح الفرصة لأي من الأحزاب السياسية في أي وقت لممثلها في رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة من جانب واحد؛ وهو ما ينطوي على فرص وتحديات كبيرة للنظام السياسي في أوكرانيا.
ولكن كيف سيبدو البرلمان المنتخب حديثًا من حيث صورة النواب؟ سيشهد المجلس الأعلى (البرلمان الأوكراني) الجديد “Rada” أحد أعلى مستويات التجديد، لأن حوالي 80٪ من نواب الشعب سيكونون جددًا.
أيضًا، ووفقًا لبيانات الشبكة المدنية “OPORA”، سيكون المجلس الأعلى الجديد أصغر كثيرًا (بنسبة 7.4 سنوات)؛ لأن متوسط عمر ممثلي الأحزاب “المبتدئون”، يتراوح بين 37 و40 عامًا.
علاوة على ذلك، فإن تمثيل المرأة في البرلمان الجديد سيسجل رقمًا قياسيًا جديدًا بالنسبة للهيئة التشريعية الأوكرانية من خلال زيادة من 12٪ إلى 21٪ تقريبًا. إذ تجدر الإشارة إلى أن تيار التضامن الأوروبي التابع للرئيس السابق “بترو بوروشينكو” سيتألف من حوالي 40٪ من النساء. أمَّا بالنسبة للفصيل الموالي لنجم الروك “سفياتوسلاف فاكارتشوك”، فيمثل 50٪ تقريبًا.
كما سيكون من بين أعضاء المجلس الأعلى القادم أول عضو مصارع يوناني روماني وحائز على الميدالية الفضية الأولمبية، وهو “زان بيلينيوك”.
لكن الميزة الأبرز لهذه الانتخابات هي أن الدعم الشعبي الهائل للعلامة التجارية السياسية لـ” زيلينسكي” سمح للكثير من عديمي الخبرات السابقة في العمل السياسي بدخول البرلمان. وعلى وجه الخصوص، هزم هؤلاء الوافدون الجدد العديد من “الإقطاعات” المحلية القوية وأعضاء البرلمان من ذوي الخبرة في المناطق ذات الأعضاء الفردية.
ومع ذلك، فقد كان اختيار الناس في العديد من الحالات عشوائيًا في رغبتهم في التخلص من النخب التقليدية، حيث اختار الناخبون المرشحين الذين يفتقرون إلى أي خبرة، وكذلك الذين تكون وجهات نظرهم السياسية غامضة إلى حد ما.
فعلى سبيل المثال، كانت إحدى الحالات التي ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي، هي فوز “مصور الزفاف” البالغ من العمر 29 عامًا على صاحب أحد أكبر المصانع في مدينة “زابوريزهيا” (لا يعني ذلك بالفعل أن الانتخاب سيكون هو الخيار أفضل).
علاوة على ذلك، فمن بين أعضاء البرلمان المستقبليين، 30 فردًا ممن أعلنوا أنهم عاطلون عن العمل (وقد كانوا أقل من خمسة في المجلس الأعلى السابق)، أو أنهم يجدون صعوبة في العثور على أي معلومات على الإنترنت.
وتجدر الإشارة إلى أن قائمة النواب المستقبليين تضم ممثلين عن المجتمع العلمي والأكاديمي والشركات الصغيرة والمتوسطة والخبراء القانونيين والصحفيين، فضلاً عن العديد من المساعدين السابقين للنواب.
ثم إن العديد من نشطاء المجتمع المدني والإصلاحيين الذين يتمتعون بسمعة طيبة وأثبتوا أنهم مهنيون في مجال تخصصهم، يدخلون أيضًا في المجلس الأعلى الجديد على وجه الخصوص، عبر قوائم “خادم الشعب” و”الصوت”. في الوقت نفسه، فإنهم لا يمثلون الأغلبية.
وبالتالي، فوسط تركُّز السلطة بين يدي السيد “زيلينسكي”، يبقى السؤال مركزًا على: هل يمكن هؤلاء الأعضاء الجدد أن يتخذوا موقفًا مبدئيًا ضد المصالح الخاصة في البرلمان، والتي من شأنها في الواقع العملي أن تتصدى لإساءة استخدام الفريق الرئاسي المحتمل للسلطة، على حدٍ سواء داخل وخارج المجلس التشريعي؟
في الواقع، نجد أنه إذا كانت هناك إرادة سياسية قوية، فإنه من الممكن استخدام الشرعية العامة والأدوات الإدارية التي وفرتها للفريق الفائز من أجل إعادة إطلاق وتسريع تنفيذ الإصلاحات اللازمة في مختلف المجالات.
ومع ذلك، وبالنظر إلى عدم وجود الضوابط والتوازنات ذات الصلة، فإن ثمة خطرًا من أن تؤدي السلطة المطلقة للرئيس، والتي تتعزز بشعاراته الشعوبية، إلى تقلص الحريات السياسية وتطهير المجال السياسي من أي منافسة. إذ يمكن أن يظهر الأخير أيضًا داخل الفريق الفائز نفسه.
وفي هذا الصدد، وضع الظهير السياسي المساند للرئيس اقتراحًا لتمكين المواطنين من استدعاء أعضاء البرلمان من جانب المجلس الأعلى؛ وهو ما يمكن أن يوفر للحزب نفوذًا سياسيًا ليس فقط على المعارضة، ولكن أيضًا على “المنشقين” الداخليين المحتملين.
وباختصار، فقد أظهر التاريخ الحديث أن تعزيز البرلمان بـ”وجوه جديدة” ليس ضمانًا لفاعلية أدائه، في حين أن الكثير ممن يدخلون البرلمان لأول مرة لن يكونوا أقل عرضة لمخاطر الفساد والتلاعب ممن يعملون في الظل، وبخاصة من ذوي الخبرة.
علاوة على ذلك، ونظرًا لأن الحزب الأكبر تمَّ تأسيسه أخيرًا، وبالنظر إلى عدد النواب الذين تمكنوا من دعمه ليصبح مشاركًا في المقاعد البرلمانية، يبقى أن نرى كيف سيتم ضمان التنسيق الفعال للفصيل.
أخيرًا، يعدُّ العمل المثمر في اللجان وجودة الصياغة القانونية مسألة خطيرة أخرى، بالنظر إلى المستوى غير الكافي من الخبرةِ لدى العديد من أعضاء البرلمان المنتخبين حديثًا.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: نحو الحرية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر