سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ندى عبدالله
جزء كبير من الاتصالات الواسعة في العولمة الثقافية والإعلامية، هو قضية تحدٍّ في نظرية الاتصالات الدولية والبحوث؛ لذا الكثير من النظريات المبكرة لتأثير وسائل الإعلام التي يشار إليها عادةً بـ“الرصاصة السحرية”، أو “الإبرة تحت الجلد“، تؤكد أن وسائل الإعلام لها تأثير قوي على الجماهير.
عولمة الإعلام ليست مصطلحًا عالميًا، لأنه لا توجد وسائل إعلام عالمية بطبيعتها. وعلاوة على ذلك، فإن نسبة المتعرضين لوسائل الإعلام العالمية قليلة جدًا؛ والسبب أنها غنية للغاية، ومفرطة في التحدث باللغة الإنجليزية فقط، مما يجعل من المستحيل اعتبار هذه الوسائل شاملة.
هناك القليل من الأدلة التي تدعم وجود مجال عام عالمي، والمجال العام لا يزال إلى حد كبير موجهًا نحو الدول؛ لذا لا شك أن العولمة أصبحت ممكنة بمساعدة وسائل الإعلام على الصعيدين المحلي والدولي.
لم يكن مفهوم العولمة موجودًا، قبل منتصف الثمانينيات، لكن في العقود الأخيرة، أصبحت العولمة هي المفهوم الأساسي الذي يستخدمه العلماء من أجل تفسير تجربة العيش في الحداثة أو ما بعد الحداثة. لا يوجد أحد يوافق على عولمة العولمة؛ لذا، فإن المفهوم مشكلة واحدة، خاصة عندما يتعلق الأمر بفهم وسائل الإعلام بشكل جيد.
العولمة بمفهومها العام، هي انتقال الأفكار والمعاني والقيم بطريقة تمدد وتوسع العلاقات الاجتماعية والثقافية والسياسية وغيرها، حيث تتميز هذه العملية بالاستهلاك المشترك للثقافات التي انتشرت عبر الإنترنت ووسائل الإعلام الثقافية الشعبية والسفر الدولي.
كثيرًا ما يتم تصوير العولمة كقوة إيجابية تربط بين القواعد الاجتماعية الاستثنائية ودمجها في مدينة عالمية واحدة، وتحسينها في كل حين من خلال التعرض لوسائل الإعلام.
إن العولمة ليست – بالضرورة – تطورًا طبيعيًا ينبثق من التواصل والتفاعل العاديين بين الناس والثقافات في جميع أنحاء العالم، بل إنها تنجم عن اختيار الشخص نفسه للتعرض لمحتوى إعلامي معين لمجموعة قوية من الدول والمنظمات الإعلامية الدولية والعالمية المساهمة في عملية العولمة.
كثرت الأبحاث والدراسات والندوات والمؤتمرات حول ظاهرة العولمة، حتى استحوذت على اهتمام عدد كبير من المفكرين والكتّاب والباحثين في كل أنحاء العالم؛ لذلك غدت العولمة بمثابة موجة فكرية وإعلامية، لكنها في كل الأحوال فرضت نفسها على أجندة الفكر والواقع العالمي.
لقد أصبحت العولمة الإعلامية، مؤخرًا، ممكنة بفضل التغييرات والتطورات الجارية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. إن الكبل، والشبكة الرقمية للخدمات المتكاملة، والرقمية، والأقمار الصناعية المباشرة، وكذلك الإنترنت، خلقت وضعاً يمكن فيه نقل كميات هائلة من المعلومات حول العالم في غضون ثوانٍ، فضلاً عن دمج الكمبيوتر الشخصي والتلفاز بالتوازي مع بدء البث التلفزيوني والإذاعي الرقمي، مما يتيح إمكانيات أوسع أمام تلك الفئة القادرة على تحمل تكاليف وسائل الإعلام الجديدة.
أدت العولمة الإعلامية الناتجة عن أنشطة التكتلات الإعلامية، باستخدام التقنيات الجديدة، إلى تغيير جذري في المشهد الإعلامي، ولكنها ليست في اتجاه واحد، في حين أن جماهير وسائل الإعلام موجودة الآن في بيئة إعلامية متغيرة بشكل متواصل؛ لذا، فإن الجماهير تتشكل وتشكلها عولمة وسائل الإعلام.
لذلك، زادت العولمة من إمكانية أن يكون المجتمع أكثر انتقادًا لبيئتهم المباشرة عن طريق السماح لهم بمقارنة تجاربهم مع أولئك الذين يعيشون في مجتمعات أخرى، أو في إطار ترتيبات سياسية مختلفة. لذا، هناك الكثير من الحكومات سابقًا كانت تحاول فرض الرقابة على محتوى وسائل الإعلام، مثل الصحف والراديو، أو الكتب وفلترتها، كالقيود التي فرضتها السلطات الصينية في عام 2001 – 2002 على استخدام الإنترنت. والصين ليست الوحيدة في هذا الصدد، هناك العديد من السوابق التاريخية للحكومات التي تحاول فرض الرقابة على المحتوى الإعلامي العالمي والموجه.
الكثير ممن كان يرفض عولمة وسائل الإعلام في السابق، ويبشرون بأنها غير قابلة للتنفيذ، هم أنفسهم أولئك الذين يتحدثون الآن عن “المعلومات الغنية” و”المعلومات الفقيرة”، وكذلك “الرقمية”. والسبب في ذلك، أن منظور الإمبريالية الثقافية، دفعت انتباه الناس إلى ما يحدث لجمهور الإعلام المعولم في حياتهم اليومية.
لذا، فإن النظرة الإيجابية للعولمة، هي التي تجعل عملية العولمةالإعلامية تجلب معها إمكانية إنشاء مجتمع عالمي حقيقي غني بالمعلومات من جميع أنحاء العالم، أكثر من أن تكون العولمة هي مجرد إمبريالية رأسمالية غربية.
كاتبة سعودية*
@nonita_75
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر