سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
“لطالما اشتكت إسرائيل من معاملة الهند لها كعشيقة… تتمتع سرًا بسحر أسلحتها وتكنولوجياتها المتطورة، وتخجل من جعل تلك العلاقة علنيّة”، جزء مما كتبه المحلل الإسرائيلي في صحيفة (هآرتس) “ديفيد روزنبرغ”.
انتهى زمن هذا الوصف، وأصبح الإسرائيليون يتفاخرون بعلاقة علنية مرضية بالنسبة لهم مع الهند، علاقة لم تقتصر على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قبل أيام إلى الهند، ولا على زيارة رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي إلى إسرائيل في تموز/ يوليو الماضي، تلك العلاقة التي يعود تاريخها إلى حين أعلنت الهند التبادل الدبلوماسي مع إسرائيل في عام 1992، وصولاً إلى العلاقة الوثيقة والاستراتيجية الراهنة بين الطرفين، الأمر الذي يضعنا أمام ضرورة للتطرق لماضي هذه العلاقة وأسباب تحولها الجذري على حساب القضية الفلسطينية والعلاقة مع الدول العربية.
مودي يأخذ الهند نحو “تل أبيب”
منذ وصول رئيس الحزب القومي الهندوسي، ناريندرا مودي، إلى منصب رئيس الوزراء في الهند في مايو/ أيار 2014، وهو يسعى لفرض الهند كقوة إقليمية، بالتقارب مع العديد من الحلفاء الذين يعتقد أن بإمكانه الاستفادة منهم في كبح جماح الصين وباكستان.
كان وصوله إلى سدة الحكم مبهجًا بالنسبة لإسرائيل، إذ إن له تصريحات عديدة قبل توليه السلطة، تشيد بإسرائيل وأهمية تعزيز العلاقة معها في كافة الجوانب. وبالفعل، أضحى التقارب مكشوفًا بين الهند وإسرائيل ومرتبطًا بشكل واضح مع تولي مودي السلطة، فسرعان ما بدأ توقيع سلسلة من الاتفاقيات في مجالي الدفاع والتكنولوجيا، وكذلك الاتفاقيات التجارية حيث وصل التبادل التجاري بين الدولتين إلى 3.4 مليار دولار بعد تسعة أشهر من توليه المنصب.
وهو معني أيضًا بتطوير الاقتصاد، إذ يؤمن بالبراغماتية الاقتصادية التي تدفعه نحو إقامة علاقات مع دول العالم بموجب السياسة التي تتطلع إلى نمو اقتصادي، وهذا التوجه يتلاءم مع توثيق العلاقات مع إسرائيل التي تملك الخبرات في مجالات التكنولوجيا العالية والزراعة والاتصالات والأمن.
وكما جاء في دراسة “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، المعنونة بـ”العلاقات الهندية – الإسرائيلية وسياسة الهند تجاه الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني” للباحثة أوشريت بيرودكار، فإن: “صعود مودي إلى الحكم كان مؤشرًا إلى تغير السياسة الهندية للأفضل تجاه إسرائيل، وللأسوأ تجاه الفلسطينيين، فالنمو الاقتصادي في الهند وتطلعها لأن تكون إحدى الدول القوية اقتصاديًا في العالم، جعلها تتبنى نهج (الواقعية السياسية) في مجال العلاقات الخارجية”.
تراجع التأييد للقضية الفلسطينية
قبل أيام، استهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، زيارته للهند بإعلانه أمام الصحفيين الإسرائيليين هناك، أن “السفارة الأميركية في إسرائيل ستنتقل إلى مدينة القدس – بحسب تقديرات مؤكدة – خلال عام”، كذلك رحّب بقرار حكومة ترمب، تجميد 65 مليون دولار لدعم وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا).
هذا الحدث يصل بالهند التي قادت الدفاع عن القضية الفلسطينية إلى محطة خطيرة، ليبدو أن العلاقات العسكرية القوية والتعاون الأمني بين إسرائيل والهند قد أتت على الدعم المعتاد من الهند للفلسطينيين وقضاياهم. ولندلل على ذلك، نعود إلى تاريخ التأييد الهندي الرسمي لفلسطين، فالهند وبعد مرور ثلاث شهور على استقلالها عن بريطانيا عارضت قرار تقسيم فلسطين ذا الرقم (181) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في عام 1947، وقد برزت مواقف داعمة للفلسطينيين من قبل “المهاتما غاندي”، ومن بعده “جواهر لال نهرو”، الأمر الذي جعل تأييد القيادة الهندية لفلسطين ثقافة عامة عبر عقود من الزمن. أمَّا عهد الزعيمة الهندية “أنديرا غاندي”، فقد شهد صداقة شخصية قوية مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، وتعمقت هذه العلاقة عندما أصبح ولدها “راجيف” رئيسًا للوزراء، فزادت زيارات ياسر عرفات للهند وتعمقت العلاقة أكثر فأكثر.
وشهدت ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، تقاربًا هنديًا مع وجهة النظر العربية، حتى إن حزب بهارتيا جاناتا – الذي كان معاديًا للمسلمين وصديقًا لإسرائيل- لم يستطع تجاهل العرب، والهند اعترفت بمنظمة التحرير في عام 1975 وقررت منحها الوضع الدبلوماسي الكامل في مارس/ آذار 1982، وكانت الهند أول دولة غير عربية تعترف بإعلان استقلال دولة فلسطين عام 1988.
وبقي الحال لصالح القضية الفلسطينية حتى عام 1992 حين بدأت الهند تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بعد انطلاق عملية التسوية السياسية للصراع العربي – الإسرائيلي، وتحديدًا بعد مؤتمر مدريد في أكتوبر/ تشرين الأول 1991، حيث أعلن رئيس وزراء الهند “ناراسيما راو” من حزب المؤتمر، يوم 29 يناير/ كانون الثاني 1992، عن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الهند وإسرائيل وتبادل للسفراء.
وفيما يتعلق بأسباب تغير السياسة الخارجية الهندية، يمكننا هنا استعراض أربع نقاط جاءت في كتاب “العلاقات الإسرائيلية الصينية والهندية – منظور جيوبوليتيكي” للباحث معين أحمد محمود:
1- ترسيخ مكانة الهند كدولة عظمى: يكمن التغيير المركزي في السياسة الخارجية الهندية بالانتقال من خطاب سياسي – دبلوماسي، يقدس المثالية، إلى خطاب توجهه الواقعية السياسية. واستوعبت الهند وجوب القيام بتغيير كهذا بسبب توتر علاقاتها مع الصين وباكستان. فبينما كانت هاتان الدولتان تتسلحان وتستعينان بمساعدة دول عظمى، كانت الهند غارقة في مشاكل داخلية. والعلاقات مع إسرائيل كانت ملائمة مع توجهات الحكومة الهندية نحو الواقعية السياسية. وقدمت إسرائيل مساعدات عسكرية للهند في حربها مع باكستان وبنغلاديش.
2- صورة الأمة: أصبحت صورة الأمة جزءًا هامًا من قوتها في الحلبة الدولية. وأصرت الهند على أن تثبت أمام المتشككين أنها تستحق لقب “دولة عظمى”، ولذلك اتبعت سياسة خارجية تدمج ما بين “العلامة التجارية للأمة” (Nation Branding) واستخدام القوة الناعمة.وقد آمنت الهند بقدرتها على تأدية دور هام في الحلبة العالمية ورأت نفسها كدولة عظمى، لكنها لم تحظَ بالاحترام المناسب من جانب دول العالم. في المقابل، حظيت بصورة تخدم مصالحها السابقة كدولة ضعيفة تحتاج إلى مساعدة خارجية. وإلى جانب تأييدها على مدار سنوات طويلة للدول العربية عامة والقضية الفلسطينية خاصة، إلا أن الهند لم تُعتبر بنظر دول العالم كمصدر قوة. لكن بعد تعاظم قوتها الاقتصادية والعسكرية، نشأت الحاجة إلى إعادة النظر في صورة الأمة. ويبدو أن هذا المجال مرَّ بتغيرات هائلة في السنوات العشر الأخيرة. فقد تحولت الهند من دولة عالم ثالث إلى اسم مرادف للخبرة في مجالات الحوسبة والإعلام والخدمات. وهذه اعتبارات تتلاءم مع رغبة الهند في توثيق علاقاتها مع إسرائيل، التي تتمتع بخبرات مشابهة.
3- تغيرات في توازن القوى الإقليمي: في أعقاب “الربيع العربي” والحرب في سوريا، وتقبل العالم للنظامين الإسلاميين اللذين انتخبا في مصر وتونس، إلى جانب ظهور تنظيم (داعش)، كل هذا جعل الهند تتخوف من حدوث تغيرات في الشرق الأوسط، وخصوصًا في دول الخليج، التي تستورد منها 68% من نفطها، إلى جانب وجود سبعة ملايين عامل هندي في هذه الدول، يحولون قسمًا من دخلهم إلى الهند. وأي تشويش في تزودها المنتظم بالطاقة، من شأنه المس بتقدمها الاقتصادي والدخل من العمالة في الخليج. والتحسب من تغيرات كهذه، دفع الهند إلى زيادة مشترياتها للأسلحة. وبلغ حجم هذه المشتريات من إسرائيل وحدها، في العام الماضي، 695 مليون دولار. وهذه التطورات تتلاءم مع علاقات الهند مع إسرائيل.
4- سياسة مودي: يمثل مودي جيلاً جديدًا في السياسة الهندية التي تؤمن بالبراغماتية الاقتصادية. وقد تحول توجه الواقعية السياسية إلى مفهوم ضروري من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية. والاعتقاد السائد هو أن الاقتصاد الهندي لا يمكنه التقدم من دون تصنيع سريع. وبإيحاء من النموذج الصيني، تريد الحكومة الحالية تحويل الهند إلى مركز إنتاج. وبلور “مودي” علاقات الهند مع دول العالم بموجب تلك السياسة في تطلع إلى نمو اقتصادي. وهذا التوجه يتلاءم مع توثيق العلاقات مع إسرائيل التي تملك الخبرات في مجالات الهاي – تك والزراعة والاتصالات والأمن. كذلك تركز سياسة “مودي” على إعادة تعريف دور الهند في المنطقة. كما أنه يواصل سياسة حزبه التقليدية، التي ترى في العلاقات مع إسرائيل، حلفًا عضويًا من أجل مصالح الهند الداخلية والإقليمية. وتربط مودي ونتنياهو علاقة شخصية، خاصة في ظل وجود أفكار مشتركة بينهما، مثل تأييد خط عام محافظ ويميني ورأسمالي.
الدول العربية تخسر الهند!!
عكفت الهند في كافة الحروب العربية – الإسرائيلية على تبني موقف داعم وصلب للدول العربية، فكانت من أقوى أنصار الدول العربية تأييدًا في العالم، بدليل العديد من المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية التي أشرنا إليها والقضايا العربية الأخرى، فقد سعت إلى المشاركة في مؤتمر الدول الإسلامية، ونددت بالممارسات والسياسات الإسرائيلية. فعلى سبيل المثال، انضمت الهند في نهاية عام 1975 إلى الدول المؤيدة لقرار الأمم المتحدة ذي الرقم 3379، الذي ساوى بين الصهيونية والعنصرية، واستمرت في تأييد العرب في سياستها الخارجية.
لكن يمكن التأريخ إلى عام 1992 الذي أسلفنا فيه، كتاريخ وضعت فيه الهند سياسة خارجية جديدة أسفرت عن إقامة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وذلك بعد أن خلصت القيادة الهندية إلى أن التقارب المتزايد من إسرائيل لن يضر بموقفها الداعم للقضية الفلسطينية، خاصة أن الهند تذمرت من انعدام دعم الدول العربية للهند خلال حربها مع باكستان، في عام 1965، وبعد ذلك خلال حربها مع بنغلاديش، في مقابل أن إسرائيل في عام 1971، منحت دعمها الكامل للهند من خلال تزويدها بعتاد مدفعي، فقد أيقنت إسرائيل أن تطوير علاقاتها مع الهند سيكون استراتيجيًا في إطار صراعها مع باكستان، تلك الدولة التي أقامت معها العديد من الدول العربية علاقات طيبة.
وكما يقول أستاذ دراسات الشرق الأوسط المعاصر في جامعة جواهر لال نهرو، البروفسور بي. آر. كوماراسوامي: “لقد أعربت نيودلهي تحت سلطة حكومة مودي عن تحول سياستها حيال الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وإعادة تعريف محددات تلك السياسة. وفي حين أن الهند حريصة على زيادة مستوى العلاقات الثنائية مع فلسطين، فإن الهند غير مستعدة لطرح سياستها تجاه إسرائيل من خلال المنظور الفلسطيني التقليدي”.
وفيما كان هدف الهند من التقارب مع إسرائيل، الحصول على جسر متين للعلاقة مع الولايات المتحدة، واعتبارها بوابة للهند نحو دول الاتحاد الأوروبي، كان هدف إسرائيل من الهند اختراق الوطن العربي معنويًا ونفسيًا. فالهند التي تجاور العديد من الدول الإسلامية من جنوب شرق آسيا إلى جنوبها، وصولاً إلى الخليج العربي وغرب آسيا، قد تقدم الكثير لإسرائيل التي تقوم استراتيجيتها على إيجاد موطئ قدم لها في هذه المنطقة الهامة، وهي منطقة كذلك ضمن نطاق اهتمام واشنطن؛ لذلك لم يأتِ الدعم السياسي والمادي الذي تقدمه الولايات المتحدة الأميركية للتعاون الإسرائيلي الهندي من الضغوط التي يمارسها اللوبي اليهودي الأميركي فقط، وإنما أيضًا من الدور الذي تلعبه إسرائيل في الاستراتيجية الأميركية في تلك المنطقة.
كذلك سعت الهند التي انضمت إلى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وتعرضت لعدة هجمات من تنظيم القاعدة، للإعراب عن تخوفها ممَّا اعتبرته “إرهابًا إسلاميًا”، فما لبثت إسرائيل أن قابلت الأمر بالتأكيد للهند على أنها تتعرض لنفس النوع من الإرهاب، في إشارة إلى العمليات الفدائية الفلسطينية، وسعت لإقناع الهند أنها معها بنفس القارب. وهنا يمكن الاستشهاد بما قاله مدير مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية السابق، أفرايم إنبار، عن العلاقات الهندية الإسرائيلية: “إن الأمر أكثر من عقود دفاعية، فهو يتعلق ببرنامج استراتيجي مشترك يشمل الخوف من التطرف الإسلامي ومخاوف من اتساع الحضور الصيني… وبالطبع لا يمكن تجاهل الإمكانات الاقتصادية الضخمة لكلا البلدين”.
وفي قراءة للآثار الجيوبوليتيكية للتعاون الهندي على الأمن العربي، يقول معين أحمد محمود في كتابه “العلاقات الإسرائيلية الصينية والهندية – منظور جيوبوليتيكي”: “إن أية علاقة تعاون بين إسرائيل ودولة أخرى، تمثل خطرًا على العالم العربي والإسلامي؛ لأنها تمنح تل أبيب فرصة للمزيد من التعدي على الحقوق العربية والإسلامية وتعطيها فرصة للخروج من عزلتها. كما أن المخاطر الناجمة عن العلاقات الاستراتيجية الأمنية، تتمثل أساسًا في استخدام الدولة الإسرائيلية لمياه المحيط الهندي بالتعاون مع الأسطول الهندي، بحيث أن الوجود البحري الإسرائيلي يعد تهديدًا مباشرًا لجنوب شرق الوطن العربي”.
السلاح يجمع الدولتين
تناقلت وسائل الإعلام في يناير/ كانون الأول الحالي، خبرًا يفيد بإلغاء الهند صفقة أسلحة عقدتها مع إسرائيل مؤخرًا، وأرجعت التقارير الهندية سبب هذا الإلغاء إلى التوجس من الصفقة ومن تأثيرها سلبًا على تطوير نظام صاروخي متحرك ضد الدبابات.
وقبل أن يمضي الكثير من الوقت على هذا الخبر، أُعلن عن تراجع الهند عن إلغاء الصفقة، وتحقق أمل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي قال قبل توجهه لزيارة الهند: “آمل أن تساهم الزيارة الحالية في حل الموضوع، فأنا أعتقد أن هناك إمكانية كبيرة للتوصل لحل منطقي، علينا الانتظار حتى نهاية الزيارة، علاقاتنا الأمنية مهمة وتحيط بالكثير من الأمور”. وبذلك تستمر مسيرة الهند في شراء الأسلحة من إسرائيل التي أصبحت تعد أحد موردي السلاح الرئيسيين للهند، إذ يقوم البلدان بتوقيع صفقات دفاعية تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار سنويًا.
وتستثمر الهند، أكبر مستورد للمعدات الدفاعية في العالم، عشرات المليارات من الدولارات لتجديد معداتها العائدة إلى الحقبة السوفييتية لمواجهة التوترات مع الصين وباكستان. وقد اعتمدت لفترة طويلة على موسكو كمصدر رئيس لتوفير احتياجاتها التسليحية. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ومن أجل تلبية رغبة الهند في استكمال مشاريعها الخاصة بتطوير الصناعات العسكرية لجأت إلى إسرائيل. وتبرر الهند، التي تعتبر السوق الأمني الأكبر في العالم، انكبابها على السلاح الإسرائيلي، منذ وصول حزب الشعب الهندي “باراتيا جاناتا” إلى الحكم عام 2014، بنقل المعرفة الإسرائيلية والإنتاج إلى الهند، إضافة إلى تعزيز التعاون مع شركات هندية رائدة. وبالطبع، إسرائيل مستعدة لنقل جزء مركزي من الإنتاج إلى الهند، فحسب وثائق قدمت للبرلمان الهندي، وقعت الهند على 7 صفقات مع إسرائيل في السنتين الأخيرتين، وهو رقم يقربها من الصفقات التي عقدتها الهند مع الولايات المتحدة، والتي بلغت 9 صفقات في ذات المدة. ومن أبرز صفقات السلاح الإسرائيلية الهندية:
الصفقة الأضخم .. منظومة “MRSAM”
وقعت الهند وإسرائيل في نيسان/ أبريل الماضي، الصفقة التي وصفت بالأكبر في تاريخ الصناعات الأمنية الإسرائيلية، وهي صفقة تقتضي أن يحصل الهند على كل مركبات منظومة “MRSAM”، ذاك النموذج للمنظومة الدفاعية “براك ٨”، ومنصات إطلاق صواريخ، وصواريخ ووسائل اتصال ومنظومات تحكم ومراقبة ومنظومات كاشوف (رادار).
وقالت شركة “إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء”، إنها توصلت إلى اتفاق قيمته نحو ملياري دولار لتزويد الجيش والبحرية الهنديين بمنظومة للدفاع الصاروخي. وبموجب الصفقة، ستزود شركة الصناعات الجوية (تاعا) الحكومية الإسرائيلية، الجيش الهندي بمنظومات صواريخ دفاعية (أرض – جو) من طراز “براك ٨”، تصل قيمتها إلى ١.٦ مليار دولار. كما ستزود الجيش الهندي بمنظومة “براك ٨” الدفاعية البحرية التي تصل قيمتها إلى ٤٠٠ مليون دولار.
شراء منظومة “فالكون”
يشير تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، إلى أن الهند اتفقت في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2016، مع إسرائيل على شراء منظومة “فالكون”، المعروفة باسم “AWACS” للإنذار المبكر، علمًا أنه يوجد لدى الهند اليوم ثلاث منظومات “فالكون”، تمَّ تركيبها على طائرات “إليوشين 76” الروسية. وتشتمل منظومة “فالكون”، على كاشوف (رادار) متطور، يتم تركيبه على هيكل الطائرة أو فوقها، ويقوم بعملية مسح بـ360 درجة، كما يستطيع اكتشاف تهديدات جوية من طائرات أو صواريخ عن بعد 400 كيلومتر. كما يشتمل على منظومات لتشخيص طائرات معادية أو صديقة، إضافة إلى مركبات استخبارية إلكترونية.
تطوير منظومات الدفاع الجوي
وقعت شركة تطوير وسائل القتال الإسرائيلية “رفائيل”، وشركة “ريلاينس ديفنس الهندية”، في نيسان/ أبريل الماضي 2016، اتفاق تعاون حول إنتاج وتطوير منظومات الدفاع الجوي، وصواريخ (جو – جو)، ومناطيد مراقبة كبيرة، لمصلحة السوق الهندية. وهو اتفاق – حسب المصادر الهندية – يهدف إلى تنفيذ مشاريع محلية لوزارة الدفاع الهندية بقيمة عشرة مليارات دولار.
قذائف صاروخية موجهة بالليزر وقنابل ذكية
وقعت الهند وإسرائيل في فبراير/ شباط 2016، صفقة بلغ إجمالي قيمتها حوالي 3 مليارات دولار، وبموجب الصفقة تحصل الهند على 164 قذيفة صاروخية موجهة بالليزر يتمُّ تركيبها على مقاتلات روسية من نوع سوخوي وياجور، بالإضافة إلى 250 قنبلة ذكية بإمكانها تدمير مواقع محصنة وأخرى تحت الأرض.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، إنه بجانب الصفقة، تعتزم الهند – أيضًا – شراء 321 منظومة “سافيك”، التي يركب عليها صواريخ موجهة ضد الدبابات، و8356 صاروخًا موجهًا.
صواريخ من طراز “سبايك”
وفي أكتوبر/ تشرين الثاني عام 2014، عقد الطرفان صفقة عسكرية ضخمة، زودت إسرائيل بموجبها الهند بصواريخ مضادة للدبابات من طراز “سبايك”، وبلغت قيمتها نصف مليار دولار. وخلال نفس العام، صادقت حكومة نيودلهي على صفقات دفاعية مع إسرائيل بقيمة 662 مليون دولار، فيما وصل حجم التجارة المتبادلة بين الهند وإسرائيل إلى 6 مليارات دولار سنويًا.
ودشن سلاح البحرية الهندي، الفرقاطة “Visakhapatnam” القادرة على التهرب من أجهزة الرادار المختلفة، بعد تزويدها بمنظومات رادار وإنذار إسرائيلية الصنع. وبحسب السلطات الهندية، فإن الفرقاطة المذكورة ستدخل في الخدمة رسميًا في هذا العام.
في الختام، يبدو أن الجهد الإسرائيلي المنصب على المزيد من المكاسب، جراء العلاقة مع الهند، بحاجة ماسة إلى تحرك عربي يعوض الخسارات الاستراتيجية التي تسبب فيها هذا التقارب. فالدول العربية بحاجة ماسة إلى توسيع دائرة علاقاتها الدولية، وتوسيع دائرة التحالف الاستراتيجي في وجه المخاطر الخارجية الجمة التي تحاصر المنطقة العربية في ظل زيادة النفوذ الإيراني، وتصاعد الإرهاب العالمي بشكل لافت على الساحة الدولية، فضلاً عن الاعتبارات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية الأخرى. وعلى ذلك، فإنَّ الهند تعدُّ دولة ذات ثقل دولي، يمكن أن يحقق التقارب معها مكاسب جمة.
المراجع
1- “إسرائيل والهند توقعان صفقة (القبة الحديدية) بملياري دولار”، نظير مجلي، صحيفة الشرق الأوسط، على الرابط: https://aawsat.com/home/article/968926/
2- “العلاقات الهندية – الإسرائيلية يحكمها توازن القوى العالمي والتغيرات في الشرق الأوسط”، مركز مدار، على الرابط: https://www.madarcenter.org
3- “الهند تتراجع عن إلغاء صفقة الأسلحة مع إسرائيل”، رامي حيدر، موقع عرب 48، على الرابط:
4- “ماذا تريد إسرائيل من الهند؟” محمود فطافطة، وكالة معًا الإخبارية، على الرابط:
https://www.maannews.net/Content.aspx?id=936239
5- “إسرائيل والهند.. علاقة استراتيجية عسكريًا ودبلوماسيًا”، محمود وتد، موقع عرب 48، على الرابط:
6- “Why India’s Narendra Modi Can Afford to Ignore the Palestinians”، David Rosenberg، .haaretz، https://www.haaretz.com/middle-east-news
7- “من الهند .. نتنياهو يعلن موعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة”، صحيفة سبق الإلكترونية، على الرابط:
8- العلاقات الهندية – الفلسطينية… انقلاب الصورة! رويد أبو عشمة، وكالة معًا الإخبارية، على الرابط: https://www.maannews.net/Content.aspx?id=804471
9- “العلاقات الإسرائيلية الصينية والهندية – منظور جيوبوليتيكي”، معين أحمد محمود، مركز باحث للدراسات الفلسطينية، سنة 2016.
10- العلاقات الهندية – الإسرائيلية وسياسة الهند تجاه الصراع الإسرائيلي– الفلسطيني”، الباحثة أوشريت بيرودكار، دراسة “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر