العلاقات السعودية الإماراتية.. جذور مشتركة وتحالفات استراتيجية | مركز سمت للدراسات

العلاقات السعودية الإماراتية.. جذور مشتركة وتحالفات استراتيجية

التاريخ والوقت : الأحد, 2 ديسمبر 2018

تُدشِّن المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة، حقبة جديدة من التعاون خلال الفترة الحالية، ينعكس بشكل مباشرة على مستوى التطور الذي يشهده البلدان اللذان يشكلان مركز ثقل في النظام الإقليمي على كافة الصُعُد، لا سيَّما الاقتصادية والتنموية، حين بدأت تلك التطورات قبل عقود، ومرت بمراحل تطور غير مسبوقة في العلاقات بين الدول، وبخاصة مع تدشين مجلس التنسيق السعودي – الإماراتي المشترك، الذي أثمر عن نتائج هائلة، من أهمها “استراتيجية العزم”، فضلاً عن مجموعة كبيرة من القرارات والمشاريع الاقتصادية التي تصبُّ في مصلحة البلدين.(1)

الإمارات التي تحتفل في الثاني من ديسمبر بيومها الوطني، شكّلت مع السعودية محور ثقل إقليمي تتأصَّل جذور قوته من خلال علاقات بُنيت على أسس تنموية وسياسية، حتى شكّلت خريطة طريق ذات معالم واضحة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، تقاربت خلالها الرؤى فيما يتعلق بملفات الشرق الأوسط خاصة، ما رشح هذا المحور الهام ليكون قوة في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، لا سيَّما على صعيد محاربة التطرف والإرهاب.(2)

رسائل في اليوم الوطني

تصادف اليوم الوطني للإمارات العربية المتحدة مع صعود مؤشر التقارب مع السعودية، وهو ما يدل على أن البلدين يدشنان عهدًا أكثر اتساعًا في الأهداف والاستراتيجيات الساعية إلى تحقيق ريادة مشتركة على عدة مستويات، استنادًا إلى المصير المشترك للبلدين، بيْدَ أن الاحتفالات الجارية تكشف عن جوانب عدة من التعاضد الإماراتي السعودي، من بينها:

1- على المستوى الشعبي دشّن سعوديون وسومًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتشارك الاحتفال باليوم الوطني الإماراتي الـ47، الذي يوافق 2 ديسمبر من كل عام، وهو ما يظهر مساحة الحب التي يتمتع بها الشعب الإماراتي من جانب الشباب السعودي.(3)

2- يُظهر اهتمام الصحافة السعودية باليوم الوطني الإماراتي، جانبًا من العلاقة التي تربط البلدين، لا سيَّما عبر مستوياتها الرسمية، إذ احتفت صحف السعودية بالمناسبة التي اعتبرتها فرصة للتعبير عن تعاضد البلدين، والتي جاءت في سياق كونها تُشكّل مناسبة للاحتفاء بالجذور المشتركة والمصير الواحد.(4)

3- تكتسب المناسبة الحالية بعدًا آخر استراتيجيًا من خلال نقل مستوى العلاقات الرسمية التي تشهد طفرة كبيرة إلى المستوى الشعبي الذي يستغل الحدث في إضفاء جوٍ أسري بين شعبي الدولتين ذوي الثقافة الواحدة.

4- الدولتان تقومان بجهود كبيرة خلال الفترة الحالية على مستوى التنسيق السياسي والاقتصادي والأمني، حيال عدة ملفات في الشرق الأوسط، وهو ما يحتاج في أية دولة إلى دعم على كافة المستويات الشعبية والمؤسسية والرسمية، وهو ما توفره المناسبات الرسمية التي تكشف عن جوانب عديدة من الثقافة والعادات المشتركة، وهو ما يزيد من قوة البلدين في الشرق الأوسط، بخاصة أن الدولتين تعدان ركنًا أساسيًا من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون الخليجي والأمن القومي العربي.

5- الاحتفالات باليوم الوطني الإماراتي، تزيد من دعائم التقارب الثقافي والاجتماعي بين البلدين، وهو ما يعطي التعاون الاقتصادي دافعًا للنجاح، لا سيَّما ما يتعلق بالمشروعات السياحية، أو الثقافية، أو التراثية التي تعكف السعودية على تدشينها.(5)

 

أبعاد اقتصادية

العلاقات التي تربط البلدين شهدت، خلال السنوات الماضية، تطورًا كبيرًا على كافة الصُعُد، وكان الانفتاح الأكبر فيها عقب تأسيس مجلس التنسيق الإماراتي السعودي(6)الذي يحمل بعدًا استراتيجيًا يستهدف البلدان من خلاله بناء محور هام لمواجهة التحديات في المنطقة، حتى باتت الدولتان قوة واحدة ذات أبعاد جيوسياسية واقتصادية وتنموية، وهو ما تظهره هذه الدلائل:

1- مجلس التنسيق الإماراتي السعودي الذي جرى تأسيسه في 5 ديسمبر 2017، لم يقتصر على النواحي الاقتصادية فقط، وإنما شمل كافة المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وهو ما يعني أن آثاره تستهدف تخطي الإطار العام للدولتين إلى تأثيرهما المباشر في الملفات الدولية، بخاصة أنَّهما يمثلان قوة ذات رقم مهم في الاقتصاد العالمي.

2- تشير الأرقام إلى طفرة كبيرة في العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، بخاصة أنَّ عدد المشاريع السعودية في الإمارات تصل إلى 206 مشاريع بواقع 2366 شركة و66 وكالة تجارية، في حين وصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية إلى 114 مشروعًا.(7)

3-التطور الاقتصادي والتنموي الذي يشهده البلدان خلال الفترة الأخيرة، بالتزامن مع المخططات التي تعكف السعودية على تنفيذها، وفق رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتنمية، تعتبر إزاءه الإمارات واحدة من أهم الدول التي تتناسب مع الرؤية التنموية للمملكة، خاصة أنَّ الإمارات من أكثر الدول المستثمرة في السعودية باستثمارات تتخطى 33 مليار درهم، عبر 30 شركة ومجموعة استثمارية إماراتية تنفذ مشاريع كبرى في المملكة.(8)

4-يسير البلدان وفق رؤية مشتركة لبناء شراكات اقتصادية واستثمارية، تتسق مع خطة المستقبل التي ترتكز على التقنية والتكنولوجيا، لا سيَّما أن البلدين يعتمدان رؤية تنموية بعنوان (2030)، وهو ما دفع العلاقات بين البلدين إلى اتخاذ مسارات أكثر اتساعًا لتشمل العلاقات السياسية والعسكرية والتجارية والثقافية.(9)

5- ما سبق كان مقدمة رئيسية لأن تعدَّ الإمارات أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية على مستوى الخليج والمنطقة العربية ككل، كما أنَّ حجم التبادل التجاري بين البلدين الأعلى في الخليج بنحو 23 مليار دولار.

6- الشراكة الاستراتيجية بين البلدين تسهم في تحقيق أهداف دول مجلس التعاون الخليجي، على مستوى الخطط التنموية والاقتصادية، خاصة ما يتعلق بمخطط إنشاء السوق المشتركة، وشبكة السكك الحديدية والتأشيرة الموحدة.(10)

نتائج الجذور والثقافة المشتركة

التطور السريع في علاقة البلدين تجاوز مفهوم علاقة بين دول جوار، إلى علاقة تاريخية تعززها روابط الدم والإرث والمصير المشترك(11)، وهو ما أضفى على تلك العلاقات أبعادًا أخرى ظهر من خلال الآتي:

1- قيادة البلدين أظهرت قدرًا كبيرًا من التوافق في الرؤى إزاء القضايا الإقليمية والدولية، وهو ما جعل الموقف العربي شبه متوافق في المحافل الدولية.

2- أكثر الملفات اتساقًا في الرؤى بين البلدان، ما يتعلق بالأمن القومي، حيث أظهر البلدان تعاطيًا وفق رؤية موحدة في قضايا الأمن القومي العربي، لا سيَّما الموقف من إيران، وهو ما جعل ثمة ثقل كبير للمحيط الخليجي في تحدياته الإقليمية والأمنية.

3- الثقافة والجذور المشتركة أكسبت البلدين بعدًا آخر أكثر أهمية يتمثل في استثمار العادات والتقاليد المشتركة على المستويات الثقافية والرياضية والاقتصادية، خاصة ما يتعلق بالفعاليات الرياضية التي تقيمها الإمارات، وتلك المتعلقة بالإرث القبلي، أو المشروعات الاقتصادية التي تقيمها السعودية، وتعتبر الإمارات أكثر الدول تعاطيًا معها.(12)

 

تحديات أمنيَّة

استفاد البلدان من التطور الكبير في العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية، وانعكست بشكل كبير على حجم التعاون الأمني، لا سيَّما مع المصير المشترك الذي يربط بلدان مجلس التعاون الخليجي، وهو ما ظهر من خلال الآتي:

1- البلدان يمثلان ثقلاً كبيرًا على كافة المستويات في منظومة مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يجعل الرؤى والطموحات الأمنية والعسكرية ذات أبعاد مشتركة.

2- أظهرت الدولتان تعاونًا أمنيًا وعسكريًا كبيرًا من خلال الفعاليات، التي من بينها التدريبات العسكرية المشتركة، خاصة تدريب “رعد الشمال”، الذي يعدُّ واحدًا من أكبر التمارين العسكرية في العالم.(13)

3- الدولتان هما الأكثر والأكبر مشاركة في التحالف العسكري العربي، الذي يحمل من بين أهدافه حفظ الأمن القومي العربي، والخليجي على وجه الخصوص.(14)

4- الرؤية الأمنية للبلدين متقاربة إلى حدٍّ بعيدٍ، خاصة ما يتعلق بملفات تهم منطقة الخليج والشرق الأوسط، وهو ما يعكس الوعي بخطورة التغيرات على المستويين العربي والإقليمي.

5- الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والسعودية، باعتبارهما أكبر اقتصادين خليجيين وعربيين، تشكل منظومة استراتيجية قوية على المستويين السياسي والعسكري، لمواجهة أية تحديات دولية أو ضغوطات غربية.(15)

6- ما يزيد الحاجة لوحدة المواجهة الأمنية، هو أن البلدين يواجهان نفس التحديات والتهديدات المتعلقة بالإرهاب والتطرف، وهو ما يفسر عملهما معًا لبناء استراتيجية دفاعية موحدة.

نتائج

1- الإمارات والسعودية شكلتا محور ثقل إقليمي تتأصَّل جذور قوته من خلال علاقات بُنيت على أسس تنموية وسياسية وأمنية.

2- احتفالات اليوم الوطني تكشف عن جوانب عدة من التعاضد الإماراتي السعودي.

3- الدولتان تحتاجان خلال الفترة الحالية إلى تنسيق سياسي واقتصادي وأمني، وهو ما يحتاج في أية دولة إلى دعم على كافة المستويات الشعبية والمؤسسية.

4- الاحتفالات باليوم الوطني الإماراتي الذي يتشابه مع نظيره السعودي، تزيد من دعائم التقارب الثقافي والاجتماعي بين البلدين.

5-تأسيس مجلس التنسيق الإماراتي السعودي، يحمل بعدًا استراتيجيًا يستهدف البلدان من خلاله بناء محور هام لمواجهة التحديات في المنطقة.

6-تشير الأرقام إلى طفرة كبيرة في العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، يسير البلدان إزاءها وفق رؤية مشتركة لبناء شراكات اقتصادية واستثمارية، تتسق مع خطة ترتكز على التقنية والتكنولوجيا.

7-الشراكة الاستراتيجية بين البلدين تسهم في تحقيق أهداف دول مجلس التعاون الخليجي على مستوى الخطط التنموية والاقتصادية.

8-الثقافة والجذور المشتركة أكسبت البلدين بعدًا آخر أكثر أهمية يتمثل في استثمار العادات والتقاليد على المستويات الثقافية والرياضية والاقتصادية.

9-الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والسعودية تشكل منظومة استراتيجية قوية على المستويين السياسي والعسكري، لمواجهة أية تحديات دولية أو ضغوطات غربية.

 

وحدة الدراسات السياسية

المراجع

1-الإعلان عن الهيكل التنظيمي لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، سكاي نيوز.

2-العلاقات الإماراتية السعودية صمام أمان المنطقة، البيان.

3-سعوديون يهنئون الإمارات باليوم الوطنى الـ47 من أعماق البحار، اليوم السابع

4- لن نتخلى عن حماية وطننا، مقال عبدالله دحلان

5- الإمارات تحتفي باليوم الوطني السعودي بفعاليات متميزة، البيان

6- 20 مذكرة تفاهم في الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي – الإماراتي، الشرق الأوسط

7- العلاقات الإماراتية السعوديـة نمـوذج فريد للتكامل الاستراتيجي، البيان

8- المصدر السابق نفسه.

9-النص الكامل لـ”رؤية السعودية 2030″، العربية

10- أهداف التعاون التجاري، موقع مجلس التعاون الخليجي. https://bit.ly/2rfQBbA

11- العلاقات السعودية الإماراتية.. خريطة طريق لمواجهة التحديات ومحاربة الإرهاب، العين الإخبارية. https://bit.ly/2FRWtSN

12- العلاقات السعودية – الإماراتية.. جذور تاريخية وتشارك الرؤى والتوجهات، الشرق الأوسط. https://bit.ly/2SjaIRR

13- الملك سلمان وقادة الدول في اختتام مناورات “رعد الشمال”، العربية. https://bit.ly/2rgBdM1

14- التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، بي بي سي. https://bbc.in/2jp3iwj

15- المصدر السابق نفسه.

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر