سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
وسط تأزم العلاقات بين واشنطن وطهران، عقب انسحاب الأولى من الاتفاق النووي في مايو الماضي، وفرض حزمة من العقوبات على الأخيرة، تعيش إيران حالة من القلق غير المسبوق مع سريان مفعول الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية ضدها في الخامس من نوفمبر الجاري؛ وهي تستهدف وقف صادرات النفط الخام الإيراني بشكل تام، إذ دخلت الحزمة الأولى حيز التنفيذ في 7 أغسطس الماضي، وأثرت سلبًا على كل أركان الاقتصاد الإيراني.
رد إيراني
مع استثناء الولايات المتحدة لثماني دول من الحزمة الثانية للعقوبات الإيرانية من بينها كوريا الجنوبية واليابان والهند، والسماح لها بالاستمرار في شراء النفط الإيراني بعد أن تعيد فرض عقوبات على طهران، حاولت طهران استغلال الأمر لصالحها وقامت بالترويج بأن ذلك الأمر يظهر أن هناك حاجة للخام الإيراني وأنه لا يمكن سحبه من السوق؛ حيث نقل التلفزيون الرسمي عن علي كاردور، نائب وزير النفط الإيراني، قوله: “إن الإعفاءات التي منحت لتلك الدول تظهر أن السوق بحاجة للنفط الإيراني وأنه لا يمكن سحبه من السوق”.(2)
ومن الواضح أن حظر شراء النفط الإيراني سيمثل ضربة مزلزلة لأركان نظام الملالي، إذ تُمثل عائدات النفط 70% من موازنة الدولة؛ وهو ما يعني انهيار اقتصاد النظام ووقف عمليات تمويله للجماعات المتطرفة في المنطقة، وربَّما وقف برامجه النووية والصاروخية.
حرب كلامية
حرب كلامية متصاعدة بين إيران والولايات المتحدة حول تداعيات العقوبات الأميركية على طهران، فالتحذيرات الإيرانية بدأت قبل تنفيذ العقوبات وصاحبها رد أميركي له نفس الحدة.
قائد رئيس الحرس الثوري محمد علي جعفري، قال إنه إذا أوقفت الولايات المتحدة إيران عن بيع نفطها، فلن يُسمح لأي دولة خليجية أخرى بذلك، قائلًا “سنجعل العدو يفهم أنه بإمكان الجميع استخدام مضيق هرمز أو لا أحد”.
التصريح الثاني كان من نصيب قاسم سليماني- العقل المدبر الذي يرأس فيلق القدس، الوحدة الأكثر فتكًا في الحرس الثوري الإيراني – حيث قال لترمب: “إنه تحت كرامة رئيسنا أن يرد عليك. لكن أنا كجندي أرد عليك”. وحذَّر ترمب “نحن قريبون منك، بدرجة لا تتخيلها”.(3)
الرئيس حسن روحاني – أيضًا – كان له نصيب من التحذيرات، إذ حذَّر ترمب من مغبة اللعب بذيل الأسد – على حد توصيفه – مؤكدًا أن أي مواجهة عسكرية بينهما ستكون بمثابة أم الحروب، وهو ما دفع ترمب للتجاوب والرد، عبر تغريدة له على حسابه في موقع “تويتر”، حيث أنذر نظيره بألا يهدد الولايات المتحدة مرة أخرى وإلا واجه عواقب لم يختبرها سوى قلة في التاريخ.(4)
الحزمة الأولى من العقوبات
بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران في الثامن من مايو الماضي، دخلت العقوبات على طهران حيز التنفيذ في أغسطس، وهو ما أدى إلى تأثر شتى جوانب الحياة الإيرانية بشكل سلبي، بداية من أسواق النقد وأسعار السلع، ثم البنوك الإيرانية في الداخل والخارج، بالإضافة إلى فرض عقوبات على شراء إيران للدولار، وتحجيم شراء الذهب والمعادن والفحم والبرمجيات المرتبطة بالصناعات وصناعة السيارات. ليس هذا فحسب، فقد طلبت الولايات المتحدة من الدول التوقف عن استيراد النفط الإيراني بدءًا من أوائل نوفمبر وإلا ستواجه إجراءات مالية أميركية، بل وتضمنت – أيضًا – إيقاف حصول حكومة طهران على الدولار الأميركي.
العقوبات الأميركية أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الإيرانية، وشهدت أغلب السلع ارتفاعًا مطردًا في الأسعار طوال الفترة الماضية، إذ سجلت أسعار الألبان ارتفاعًا بنحو 32%، واللحوم الحمراء ارتفاعًا بزيادة 85%، أمَّا الدواجن فسجلت 50%، والأسماك 100%، والخضراوات والفاكهة 30%.(5)
ويبدو أن رد فعل الشركات العالمية لم يتأخر حيال تلك العقوبات، فمنذ الإعلان عن سريانها، أعلنت شركة “دايملر” الألمانية العملاقة في مجال صناعة السيارات، إيقاف أنشطتها في إيران تماشيًا مع العقوبات السارية. ولم يختلف الأمر بالنسبة لشركة السيارات الفرنسية “بيجو” التي بدأت في يونيو، اتخاذ خطوات لتعليق أنشطتها في إيران امتثالاً للقوانين الأميركية.(6)
ماذا تشمل الحزمة الثانية من العقوبات؟
الحزمة الثانية من العقوبات التي ستدخل حيز النفاذ في الخامس من نوفمبر الجاري تهدف إلى:
– إجبار الدول المستوردة للنفط الإيراني، مثل: الصين والهند وتركيا على خفض مشترياتها، أو بالأحرى وقفها (مع استثناء ثماني دول منها كوريا الجنوبية واليابان).
– أبرز القطاعات التي ستخضع للعقوبات هي: الموانئ وشركات الملاحة المتعلقة بقطاع السفن، والمعاملات المرتبطة بصناعة النفط التي تشمل الشركة الوطنية الإيرانية للنفط، والشركة التجارية للنفط، والشركة الوطنية لناقلات البترول.
– من بين العقوبات المطروحة أيضًا، إدراج نحو 25 مصرفًا إيرانيًا فرضت عليها عقوبات من قبل في قائمة سوداء، وهو ما سيعمل على إعاقة الحركة التجارية لإيران مع العالم.
– حظر تقديم خدمات الرسائل النصية والاستقبال الخاصة بالبنك المركزي الإيراني.(7)
توقعات مستقبلية
مرحلة أخرى من التعثر يرجح أن يمر بها الاقتصاد الإيراني عقب تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية، التي نتوقع أن تشمل:
– تأثر شتى جوانب الحياة الإيرانية – بشكل سلبي – بداية من أسواق النقد وأسعار السلع، إضافة إلى البنوك الإيرانية في الداخل والخارج.
– تراجع معظم الدول أو الكيانات أو الشركات الأجنبية عن شراء النفط الإيراني امتثالاً للقوانين الأميركية.
– استمرار حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، وأن تواجه العملة الإيرانية المزيد من الانخفاض والتراجع.
– دخول عدد كبير من الإيرانيين في دائرة البطالة وارتفاع معدلاتها بعد تأثر القطاعات الصناعية، خاصة أن معدلات البطالة في بعض المحافظات الإيرانية تصل إلى 60%، ولا سيما بين أوساط الشباب والجامعيين.
– لا شك أن حظر شراء النفط الإيراني سيمثل ضربة مزلزلة لأركان نظام الملالي، إذ تُمثل عائدات النفط 70% من موازنة الدولة، وهو ما يمكن أن يشعل مزيدًا من الاحتجاجات في الداخل الإيراني.
وحدة الدراسات الإيرانية *
المراجع
1-موعد فرض حزمة العقوبات الثانية على إيران .. مصادفة أم انتقام؟ روسيا اليوم.
2-إيران: أنباء الاستثناءات الأميركية من العقوبات تظهر احتياج السوق لنفط إيران، سبوتنيك.
3-كيف سترد إيران على العقوبات الجديدة .. روحاني يحذر ترمب من اللعب بـذيل الأسد .. وسليماني يهدد بالحرب، صدى البلد.
4-ترمب وروحاني.. تصعيد غير مسبوق، روسيا اليوم.
5-أسبوع أسود لاقتصاد إيران.. نزيف عملة ونفط بلا مشترٍ ومليون عاطل إضافي، العين الإخبارية.
6-العقوبات على إيران.. هذه مواقف الشركات الأوروبية، الحرة.
7-العقوبات الأميركية على إيران.. من يفوز في معركة كسر العظم؟ إرم نيوز.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر