سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
يتضح لنا عند قراءة التقرير الأخير لرؤية الطاقة الدولية والصادر عن الوكالة الدولية للطاقة، أنه إذا كانت هناك أية فرصة حقيقية للعالم لتحقيق أهدافه المناخية، فسيتعين على الصين والهند اتخاذ بعض الإجراءات حيال استخدامهما للفحم.
فقد أفاد تقرير الوكالة الدولية للطاقة (IEA) بأن الفحم مسؤول عن 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يجعله المسبب الرئيسي لهذه الانبعاثات.
فإذا أرادت دول العالم أن تحد من ارتفاع درجات الحرارة نتيجة التغير المناخي إلى أقل من درجتين مئويتين (3.6 فهرنهيت)، فينبغي لها أن تحد من استهلاك الفحم أكثر بكثير من المتوقع حاليًا.
وقد حدد تقرير الوكالة الدولية للطاقة ثلاثة سيناريوهات لاستخدام الطاقة حتى عام 2040، وهي: السياسات الحالية، والسياسات المتفق عليها، وسيناريو التنمية المستدامة.
ويعتبر الخياران الأخيران هما الأهم؛ لأن السياسات المتفق عليها تشير إلى التصور الأرجح وفقًا للخطط والسياسات الحكومية المعلنة. أمَّا التنمية المستدامة، فتشير إلى الطريق الذي يتعين على الحكومات أن تسلكه لتحقيق الأهداف المناخية المرجوة.
كان الفحم مسؤولاً عن 14.66 مليار طن من انبعاثات الكربون في عام 2018، وأشار التقرير إلى أنه وفقًا للسياسات المتفق عليها، سينخفض هذا الرقم قليلاً إلى 14.34 مليار بحلول عام 2030، و13.89 مليون بحلول عام 2040.
ولكن أهداف التنمية المستدامة تدعو إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى 8.28 مليار طن بحلول عام 2030، و3.4 مليار بحلول عام 2040.
ومن ثَمَّ، فإن الهوة بحلول عام 2040 بين السياسات المتفق عليها وأهداف التنمية المستدامة، ضخمة جدًا وتقدر بحوالي 11.24 مليار طن، وهو ما يساوي تقريبًا إجمالي انبعاثات الكربون في عام 2018 بسبب استخدام النفط الخام، ويزيد حوالي 60% عن انبعاثات الغاز الطبيعي.
فإذا أرادت دول العالم – فعلاً – التحول إلى سيناريو التنمية المستدامة، فسيترتب على ذلك تحول كبير من استخدام الفحم إلى اللجوء إلى الطاقة المتجددة في مختلف أرجاء العالم.
ولكن فعليًا، يعتبر مستقبل الفحم إلى حد بعيد في يد الصين والهند، فهما مسؤولتان عن 60.2% من الكهرباء العالمية المولدة من هذا الوقود الملوث وفقًا للبيانات الصادرة عن معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).
الصين والهند والفحم
تعتبر الولايات المتحدة الأميركية مسؤولة عن 11.1%، والاتحاد الأوروبي مسؤولاً عن 5.2% من حرق الفحم، ولكن هذه النسب تقل تدريجيًا بسبب انخفاض سعر الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة وزيادة اختراق الطاقة المتجددة دول أوروبا.
صرحت الوكالة الدولية للطاقة أنه وفقًا لسيناريو السياسات المتفق عليها سيتغير استخدام الصين للفحم من 2.83 مليار طن إلى 2.84 مليار في 2030، وإلى 2.57 مليار طن بحلول عام 2040، ولكن وفقًا لخطة التنمية المستدامة يجب أن يقل هذا الاستخدام إلى 2.07 مليار بحلول 2030، و1.15 مليار بحلول عام 2040.
وصل الطلب على الفحم في الهند إلى 586 مليون طن في 2018، وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يزيد الاستخدام على 938 مليون بحلول 2030، و1.16 مليار بحلول 2040 وفقًا لسيناريو السياسات المتفق عليها، ولكن هذا الرقم يجب أن يصل إلى 546 مليون لتحقيق سيناريو التنمية المستدامة.
ويرى تقرير الوكالة الدولية للطاقة أن الهند تحتاج إلى الحد من طلبها على الفحم، كما يجب على الصين أن تخفض استهلاكها بنسبة 60% بحلول عام 2040.
وسيتطلب ذلك تغييرًا كبيرًا في اتجاه السياسات في البلدين، وهو ما يصعب تحقيقه على الصعيدين السياسي والمالي.
وربَّما يزداد الأمل في تحقيق ذلك في الهند؛ لأنها تستخدم – بالفعل – الطاقة المتجددة بأسعار تنافس الطاقة المولدة من الفحم.
كذلك قد تساهم المشكلات المنتشرة بسبب التلوث في الكثير من المدن الهندية في التحول عن استخدام الفحم، خاصة في ظل زيادة السخط الشعبي إزاء هذه المشكلات.
ولكن التحدي أصعب في الصين بسبب حجم قطاع الفحم لديها، بالإضافة إلى التكلفة المرتفعة في حال الاستغناء عن الوقود.
وتقترح وكالة الطاقة الدولية أن تستخدم الصين نظم احتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع، ولكن هذا الاقتراح مكلف ويصعب تنفيذه حاليًا على الصعيد السياسي.
كما أن استبدال الفحم بالطاقة المتجددة أو المائية أو النووية أيضًا باهظ التكلفة، وخاصة أن مسار التنمية المستدامة يعني إقصاء الكثير من مصانع توليد الطاقة بالفحم قبل انتهاء عمرها بحوالي 50 عامًا.
ويمكن – بالطبع – اتخاذ وجهة نظر مخالفة لتوقعات الوكالة الدولية للطاقة، ولكن بغض النظر عن شكل مستقبل الطاقة في العالم، يجب أن ينخفض استهلاك الفحم كثيرًا لتحقيق أهداف التغير المناخي.
وفي الواقع يعتمد العالم على دولتين فقط لتحقيق هذه الأهداف، ولكنهما ليستا أي دولتين. فالصين والهند لديهما أكبر كثافة سكانية. كما أن سعي الدولتين للتطور الاقتصادي يجعلهما في حالة شره مستمر للطاقة.
ويوجد لديهما مصادر محلية ضخمة للفحم والتكنولوجيا المطلوبة لحرقه في مصانع توليد الطاقة المحلية.
ويبدو أن فطام هاتين الدولتين من استخدام الفحم هو التحدي الحقيقي بالنسبة للنشطاء العاملين في مجال التغير المناخي.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: energy economictimes indiatimes
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر