سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
راج لاكشمي
أعلنت الصين، مؤخرًا، عن مبادرات مالية متعددة بهدف مزعوم هو تخفيف الديون عن البلدان الإفريقية المثقلة بالديون. وتأتي هذه المبادرات استجابة لدعوة هذه الدول إلى تعليق الديون للتخفيف من الآثار الاقتصادية السلبية لجائحة “كوفيد – 19”. ويتضمن ذلك مبادرات صينية ثلاث بينها حزمتان للتخفيف من عبء الديون والالتزام بالمساعدة المالية. وقد تمَّ الإعلان عنها بين أبريل ويونيو 2020، بما يكشف عن الدوافع المحتملة لبكين في تقديمها.
المبادرات الثلاث
في أبريل، أكَّدت وزارة الخارجية الصينية عزمها على المشاركة في مبادرة تعليق خدمة الديون لمجموعة العشرين، بما يوفر تعليقًا مؤقتًا للديون للبلدان المؤهلة التي لم تكن قادرة على الوفاء بمستحقاتها بين مايو وديسمبر 2020. ومع ذلك، يغطي البرنامج تعليق الديون للقروض الثنائية فقط. ويستثني ذلك حملة السندات التابعة للقطاع الخاص التي تشكل ثلث إجمالي الدين الإفريقي. ولمعالجة هذا القلق، فقد شجعت الصين مؤسساتها المالية الخاصة على إجراء مشاورات مع الدول الإفريقية لوضع ترتيبات للحصول على قروض تجارية على أساس كل حالة على حدة.
وفي 18 مايو، وخلال الدورة الثالثة والسبعين لمنظمة الصحة العالمية، وعد الرئيس “شي جين بينغ” بالتعهد بتقديم ملياري دولار أميركي على مدى عامين للمساعدة في الاستجابة لوباء “كوفيد – 19″، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلدان النامية المتضررة. ويمكن توقع أن تقوم بكين بمزيج من المشاركات الثنائية والمتعددة الأطراف للوفاء بهذا التعهد. وبالنظر إلى النمط الحالي لحساب أي مبلغ يتم إنفاقه في إفريقيا من أجل الوفاء بالتزامات منتدى التعاون الصيني الإفريقي، يبدو من المرجح أن هذين الالتزامين، (مبادرة مجموعة العشرين والتزام الملياري دولار) لا يستبعد بعضها بعضًا.
وقد تمَّ الإعلان عن أحدث مبادرة من قبل الرئيس “شي” في 17 يونيو، كجزء من “القمة الصينية الإفريقية الاستثنائية حول التضامن ضد كوفيد – 19”. وينطوي على إلغاء القروض بدون فوائد للبلدان الإفريقية المتعثرة اقتصاديًا. إن تأجيل القروض بدون فوائد ليس بالأمر غير المعتاد بالنسبة للصين. فقد تمَّ إلغاء حوالي 3.4 مليار دولار من هذه القروض بين عامي 2000 و2019، وفقًا لتقرير حديث صادر عن مبادرة الأبحاث الصينية الإفريقية في جامعة جونز هوبكنز. وتشكل القروض بدون فوائد حوالي 9% من إجمالي النسبة المئوية للقروض الصينية لإفريقيا. وكانت غالبيتها عبارة عن قروض ميسرة وتجارية لا يزال استحقاقها دون عوائق إلى حد كبير ودون معالجة.
الأهمية الاستراتيجية
بذلت الصين العديد من الجهود، وعلى رأسها “مبادرة الحزام والطريق”، لإنشاء بنية اقتصادية بديلة تحاول تقويض أولوية البنية التحتية الحالية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة. ولا يمكن عزل أحدث مبادرات الإغاثة الصينية عن هذه الصورة الأكبر للمنافسة الاستراتيجية بين القوى العظمى. كلتا المبادرتين الإغاثيتين اللتين تمَّ الإعلان عنهما بين مايو ويونيو، لديهما القدرة على تعزيز مكانة الصين كمزود عالمي للمساعدات الاقتصادية في أوقات الحاجة مثل الوباء المستمر.
يبدو أن المبادرات الأخيرة للصين موجهة بشكل خاص نحو إعادة صياغة صورتها. فإدارة السمعة عملية مهمة بالنسبة لبكين. وهي تسعى إلى مواجهة الآراء غير المواتية لدبلوماسية الصين في فخ الديون بين العديد من البلدان ونخبة صنع السياسات فيها. فقد أدى رد الفعل الدولي ضد بكين على سوء تعاملها مع تفشي وباء “كوفيد – 19” في مدينة ووهان الصينية إلى تفاقم مشاكل الإدراك الحالية. أظهرت دراسة حديثة أجراها مركز بيو للأبحاث الارتفاع التاريخي بشأن التصورات السلبية الدولية وانعدام الثقة في القيادة الصينية. ومن المحتمل أن يكون ذلك قد قاد الصين إلى التفكير بجدية في الحاجة إلى معالجة الهواجس بشأن نواياها، لا سيَّما في إفريقيا، حيث تستثمر بكين بشدة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
علاوة على ذلك، تهدف المساعدة المالية الصينية إلى تأمين الدعم من البلدان الإفريقية المتلقية في منصات الأمم المتحدة. وفي الأشهر الأخيرة، أثارت التحركات الاستبدادية الصينية عبر مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها، لا سيَّما هونغ كونغ، انتقادات دولية واسعة النطاق. وتشعر بكين بالقلق من احتمال شن هجوم دبلوماسي بقيادة واشنطن في المحافل الدولية. وبالتالي يمكن أن تسعى إلى زيادة الدعم الإفريقي إلى أقصى حد في حالة ظهور مثل هذا الاحتمال في مجلس الأمن الدولي. وتشير البيانات الصحفية الصادرة عن الدول التي تلقت إغاثة صينية، والتي سجلت ثقتها في بكين فيما يتعلق بهونغ كونغ، إلى هذا الاتجاه.
خاتمة
يوفر سخاء الصين في زمن الوباء إغاثة محدودة وقصيرة الأجل للتحدي الأكبر لأزمة الديون الإفريقية. ويكشف الفحص الدقيق لهذه المبادرات الثلاث عن بعض النقاط العمياء البارزة، مثل القروض الخاصة والتجارية المعززة بتسهيلات، والتي لم تتم معالجتها بعد. ومع ذلك، فإن بكين لديها أهدافها الخاصة المرتبطة بتقديم مثل هذه الإغاثة ضمن السياق الأوسع لجهودها المستمرة لتعزيز مكانتها العالمية.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر