الصين في أوروبا: هل يسير “طريق الحرير” الجديد في الاتجاهين؟ | مركز سمت للدراسات

الصين في أوروبا: هل يسير “طريق الحرير” الجديد في الاتجاهين؟

التاريخ والوقت : الإثنين, 22 أبريل 2019

دنكان بارتليت

 

تأتي الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الصيني “لي كه تشيانغ” إلى أوروبا في وقت متوتر في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي؛ إذ يود “تشيانغ” أن يقنع قادة الاتحاد الأوروبي بأن توثيق العلاقات مع بكين من شأنه أن يعزز اقتصاداتها، ويحسن من وضع الإدارة العالمية، ويضع الجميع على الطريق نحو مستقبل مشترك مشرق.

كما أنه يعد بأن الوئام مع الصين سيمنح أوروبا ميزة مقارنة بالولايات المتحدة، لأن الحالة العدائية التي يتبناها دونالد ترمب أدت إلى حرب تجارية كارثية. لكن داخل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الرأي حول الصين منقسم؛ إذ تحذر بعض الدول من انعدام الثقة والمعاملة بالمثل، بينما تتجاهل حكومات أخرى، مثل إيطاليا، هذه التحذيرات وتواصل تعميق علاقاتها مع بكين.

أرضية مشتركة

يشارك وزير الخارجية الصيني “وانغ يي” في اجتماعات بروكسل مع رئيس المجلس الأوروبي “دونالد تاسك”، ورئيس المفوضية الأوروبية “جان كلود جونكر”. وفي هذا الإطار يعمل السيد “يي” على إيجاد أرضية مشتركة بين الصين والأوروبيين، مثل الدعم المتبادل على أساس متعدد الأطراف، وذلك في مواجهة منطق الحمائية التي يتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

فالسيد “يي” يبدو سعيدًا حينما يرى حلفاء أميركا من الأوروبيين لا يدعمون التعريفات التجارية الضخمة التي تفرضها واشنطن على الصين؛ وهو ما عبَّر عنه وزير الخارجية الفرنسي “جان إيف لودريان” حينما قال للصحفيين، أخيرًا: “إذا كنا سنتحدث عن “طريق حرير” جديد، فيجب أن يكون هذا هو الطريق الذي يسير في كلا الاتجاهين”.

اليد العليا

وينسجم ذلك مع الرأي السائد على نطاق واسع داخل البرلمانات والمؤسسات الأوروبية بأن الصين تسعى دائمًا للحفاظ على اليد العليا في تعاملها مع شركائها الخارجيين؛ لأنها تتبع أجندة تستند بحزم إلى أيديولوجيات قيادتها الشيوعية. فقد وصفت “وثيقة استراتيجية” حديثة صادرة عن المفوضية الأوروبية الصين بأنها “منافس منهجي يروج لأساليب بديلة للحكم.”

وكثيرًا ما يحذِّر الأوروبيون، وبخاصة النخبة الاقتصادية في أوروبا، من أن الحزب الشيوعي الصيني يشدد قبضته على الشركات المملوكة للدولة، ويتحرك في بعض الأحيان بـ”الفيتو” ضد قرارات الشركات الهامة لأسباب سياسية. ويشكو أعضاء الـلوبي الاقتصادي أيضًا من عدم وفاء الصين بتعهداتها بفتح أسواقها أمام المزيد من الشركات الأوروبية.

طريق دبلوماسي مسدود

كل ذلك من شأنه أن يخلق تحديًا دبلوماسيًا أمام القادة الذين يشاركون في قمة بروكسل. ومن ثَمَّ، فمن غير المرجح أن يكون عددٌ كافٍ منهم على نفس القدر من قبول اتفاق مع الصين عند تقديم بيان ختامي مشترك يؤيد بشدة أحد المنافسين.

ومع ذلك، فقد تمتع الصينيون، أخيرًا، بنجاح كبير في الدعاية في الأوساط الأوروبية. ففي الشهر الماضي، أقرَّت إيطاليا رسميًا “مبادرة الحزام والطريق” المثيرة للجدل بين الأوروبيين، لتصبح أول دولة من مجموعة السبع الكبار التي تقوم بذلك رسميًا.

بريطانيا و”مبادرة الحزام والطريق”

يضغط الآن وزير المالية البريطاني، المستشار “فيليب هاموند”، على بريطانيا من أجل تأييد “مبادرة الحزام والطريق” وتستعد لزيارة بكين في استعراض للدعم في وقتٍ لاحقٍ من هذا الشهر. فالسيد “هاموند” لن يهتم إن كان هذا سيؤثر بدرجة كبيرة على مكانة بريطانيا التي باتت على وشك مغادرة الاتحاد الأوروبي بعد أشهر من مفاوضات معقدة وذات تداعيات سياسية على الحكومة البريطانية.

ومع ذلك، فإن تأييد “مبادرة الحزام والطريق” ربَّما يضع السيد “هاموند” في صراع مع كبار القادة في حكومته، التي يقودها حزب المحافظين الذي يعاني – بالفعل – حالة اضطراب بسبب السياسة الخارجية الناتجة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. إذ قام مجلس العموم، أخيرًا، بانتقاد الحكومة لوضع التجارة مع الصين في مكانة تعلو قضايا الأمن القومي وحقوق الإنسان.

وأخيرًا، فقد خلص التقرير الرسمي لمجلس العموم إلى أنه “يجب أن ندرك أن هناك حدودًا صارمة لما يمكن أن يحققه التعاون مع الصين؛ ذلك أن قيم ومصالح الحزب الشيوعي الصيني، وبالتالي الدولة الصينية، غالبًا ما تكون مختلفة تمامًا عن قيم المملكة المتحدة”.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: جيوبوليتيكال مونيتور Geo-Political Monitor

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر