الصراع في إثيوبيا | مركز سمت للدراسات

الصراع في إثيوبيا يوسع قوس الأزمة في الشرق الأوسط الكبير

التاريخ والوقت : الأحد, 29 نوفمبر 2020

جيمس إم دورسي وأليساندرو أردوينو

 

قد يؤدي القتال بين حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي، الحائز على جائزة نوبل للسلام “آبي أحمد”، وأبناء قومية التيجراي في الشمال، إلى تمديد قوس الأزمة المتطور. فإثيوبيا، الدولة المفضلة بإفريقيا لدى المجتمع الدولي، تنزلق نحو حرب أهلية مع تفشي وباء “كوفيد – 19” الذي يقوي خطوط الصدع العرقي. وقد يتردد صدى عواقب الأعمال العدائية المطولة عبر شرق إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.

وقد يؤدي القتال الدائر بين الحكومة الإثيوبية وإقليم التيجراي في الشمال إلى اتساع نطاق الأزمات المتفاقمة حول الشرق الأوسط، والتي تمتد من الصراع الأذربيجاني الأرمني في القوقاز، والحروب الأهلية في سوريا وليبيا، وتصاعد التوتر في شرق البحر المتوسط ​​حتى تصل إلى منطقة القرن الإفريقي ذات الأهمية الاستراتيجية.

كما أن ذلك سيلقي بظلال طويلة على الآمال في استمرار اتفاق السلام الذي عقد منذ عامين مع دولة إريتريا المجاورة. وقد كان من المأمول أن تسمح جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها “آبي أحمد” لإثيوبيا بأن تعالج مشاكلها الاقتصادية والانقسامات العرقية.

وأخيرًا، سيؤدي ذلك إلى زيادة طيف المجاعة المتجددة في إثيوبيا. وكان “آبي” يحتل موقعًا ناجحًا كنموذج للتنمية الاقتصادية الإفريقية والنمو.

وتأتي التوترات المتصاعدة في الوقت الذي فشلت فيه إثيوبيا ومصر والسودان في الاتفاق على نهج تفاوضي جديد لحل النزاع المستمر منذ سنوات حول السد المثير للجدل الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل الأزرق. وقد حذَّر الرئيس الأميركي “دونالد ترمب”، مؤخرًا، من أن مصر، وهي دولة المصب قد تنتهي بـ”تفجير” هذا المشروع، الذي وصفته القاهرة بأنه تهديد وجودي بالنسبة لها.

وتصاعدت المخاوف من مواجهة عنيفة مطولة بعد أن حشدت الحكومة هذا الأسبوع قواتها المسلحة، وهي واحدة من أقوى الجيوش في المنطقة وأكثرها صرامة، لقمع انتفاضة مزعومة في إقليم تيجراي بما ينطوي على تهديد بتقسيم إحدى وحداتها العسكرية الرئيسية المتمركزة على طول المنطقة القريبة من الحدود الاستراتيجية مع إريتريا.

وتصاعد التوتر بين تيجراي والحكومة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. إذ قام “أحمد” في وقت سابق من هذا العام بتحويل المخصصات المالية التي تهدف إلى مكافحة وباء انتشار الجراد في الشمال لمواجهة وباء فيروس كورونا.

وزاد التوتر بسبب رفض أبناء إقليم التيجراي لطلب الحكومة بتأجيل الانتخابات الإقليمية بسبب الجائحة. ثم جاء إعلان “أحمد” حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في البلاد. وقد رأى أهالي التيجراي أن هذه الخطوات تبدد آمالهم في دور أكبر في الحكومة المركزية.

تشير التقارير إلى أن أبناء التيجراي، الذي لديهم سجل طويل في النشاط العسكري على المناطق الحدودية مع الصومال، يتهمون آبي أحمد كان يخطط طوال الوقت لتقليص نفوذ أقلية التيجراي في البلاد بدلاً من تمكينها.

وعلى الرغم من أنهم يمثلون نحو 5% فقط من السكان، فإن أبناء التيجراي كانوا بارزين في هيكل السلطة في إثيوبيا منذ زوال “مينجيستو هيلا مريم” عام 1991، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد. ومع ذلك، قام “أحمد” بفصل عدد من القادة ورجال الأعمال المنتمين لإقليم التيجراي خلال العامين الماضيين في إطار الحملة التي كان يقودها ضد الفساد.

مثل تركيا في القوقاز وشرق البحر المتوسط ​​وشمال إفريقيا، ربما يحاول “آبي أحمد” استغلال الظروف الراهنة التي تتمثل في انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية، مما يجعل القيادة الأميركية في إفريقيا تُترَك بدون توجيه واضح من واشنطن بشأن كيفية الرد على التوتر المتصاعد في القرن الإفريقي.

إن تصاعد النزاع في تيجراي يمكن أن يهدد الجهود المبذولة لتقوية عملية السلام الإثيوبية الإريترية، فيما يدفع الزعيم الإريتري “أسياس أفورقي”، الذي لا يحب إقليم التيجراي، لاستغلال الخلاف لتعزيز طموحاته الإقليمية، وجذب قوى خارجية مثل تركيا وقطر، التي تتسابق نحو النفوذ في القرن الإفريقي.

ويزيد الصراع من حدة التوتر العرقي في أماكن أخرى في إثيوبيا، وهي اتحاد فيدرالي لمناطق الحكم الذاتي المحددة عرقيًا على خلفية المناوشات والاغتيالات التي حدثت في الأشهر الأخيرة مع أفراد قبيلة الأمهرة، والعنف ضد التيجرايين في أديس أبابا، والاشتباكات بين الصوماليين وقبائل العفر، إذ أوردت التقارير جرح ومقتل العشرات. وقد يؤدي الصراع العسكري في تيجراي أيضًا إلى تسريع تدفق المهاجرين الإريتريين إلى أوروبا، إذ يمثل هؤلاء المهاجرون بالفعل جزءًا كبيرًا من الأفارقة الذين يبحثون عن ظروف معيشية أفضل في الاتحاد الأوروبي.

إن بلقنة إثيوبيا القريبة من اليمن الذي مزقته الحرب الأهلية، تضفي الشك في إمكانية أن تبقى إثيوبيا دولة موحدة، وهو ما يهدد بسقوطها وهي الدولة التي تمثل العمود الفقري لمنطقة شرق إفريقيا، بما يخلق أرضًا خصبة لعمليات الجماعات المسلحة. وكما يحذر “ويليام دافيسون”، كبير مُحِلِّلي مجموعة الأزمات الدولية، فإنه بالنظر إلى الموقف الأمني ​​القوي نسبيًا للتيجراي، قد يكون الصراع طويل الأمد وكارثيًا. ويمكن للحرب أن ترهق بشدة دولة إثيوبيا التي تعاني بالفعل من تحديات سياسية خطيرة متعددة ويمكن أن ترسل موجات من الصدمة إلى منطقة القرن الإفريقي وما وراءها.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: Middle East Soccer

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر