الصحوة المحمودة ودخول الملاعب | مركز سمت للدراسات

الصحوة المحمودة ودخول الملاعب

التاريخ والوقت : الأربعاء, 1 نوفمبر 2017

نادية الشهراني 

 

في اللحظة التي أعلن فيها معالي رئيس هيئة الرياضة، تركي آل الشيخ، قرار السماح للعائلات السعوديةبدخول الملاعب، تعالت الأصوات المؤيدة والمعارضة لهذا القرار. لن أناقش المواقف الحدية لفئتي المؤيدين والمعارضين، فلكلٍّ منهما وجهة نظره ومبرراتها، والاختلافات في وجهات النظر في – رأيي – أزلية وصحية في أي مجتمع، فهي تساعد مريدي الفهم على الفهم، وتتيح الفرصة للمتشددين والمترددين لمراجعة قناعاتهم.

الحقيقة أن كرة القدم، ليست رياضتي المفضلة، ولَم يشغلني يومًا فوز هذا الفريق، أو ذاك محليًا، وربَّما كانت مشاركات منتخبنا في التسعينيات الميلادية في كأس العالم، هي المباريات الوحيدة التي تابعتها بإخلاص، ولكن رمزية الرسالة التي يحملها هذا القرار، هي التي تأسر اهتمامي. ما يهمني كسيدة وأم سعودية، هو هذا الحراك المجتمعي الذي يقوده مهندس الرؤية صاحب السمو الملكي، ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – الذي يسعى من خلاله لاستعادة الحالة الطبيعية للمجتمع المتصالح مع الحياة. هذا الحراك الذي لا يعمل على تحسين الصورة، بل يوجه طاقته لتحسين الأصل مما يحسن الصورة تلقائيًا. يهمني نبذ ممارسات الوصاية التي يمارسها الجميع على الجميع، والتي أدّت إلى خلق حالة حادة من سوء الظن بين أفراد المجتمع الواحد، بل البيت الواحد أحيانًا. يهمني اتساع رقعة الضوء، واحتواؤها لبناتنا وأبنائنا، وإنارة أيامهن وأيامهم، التي ستؤدي – حتمًا – إلى تقليص الممارسات الظلامية بعد أن تنحسر موجة التخوف والترقب، وترتفع أشرعة الوعي.  يهمني – كذلك – أن يدرك هذا المجتمع، أن أفراده ليسوا ملائكة ولا شياطين؛ بل نحن بشر مثل غيرنا ننقاد للأنظمة، وتناسبنا القوانين، ولا يميزنا عن غيرنا، إلا فضل الله سبحانه علينا، المتمثل بهويتنا الإسلامية وثقافتنا السعودية والعربية؛ ثم توّج الله عطاياه لنا بأن منحنا – جميعًا – العقول والأفهام للتفكر واختيار ما يناسبنا ضمن هذا الفهم وهذا الإطار، بالقدر الذي يحافظ على مكتسباتنا، ويسمح لنا بالنمو السليم كمواطنين عالميين، ضمن مجتمع متفرد وعالمي في الوقت ذاته.

يهمني – كذلك – أن تحترق الكروت تباعًا، وتتساقط القضايا التي يسلط بسببها الكارهون في الشرق والغرب، أصابع الاتهام لمجتمعنا، متباكين على حال المرأة السعودية وحقوقها المستباحة من وجهة نظرهم، التي يتلقفها – مع الأسف – الإعلام هنا وهناك، ليصنع منها قضايا رأي عام.

لا شك أن خطوة كهذه، تستلزم سرعة تطبيق قانون التحرش؛ ليتسنى للعائلات والمؤسسات شرحه للفئات المستهدفة من سنّه، وتوضيح خطورة التعدي على حريات الغير، أو استفزاز المجتمع بتصرفات غير مسؤولة تخالف ثوابته.

إن الرهان في المرحلة القادمة، هو على وعي الشابات والشباب. ولعل الجميع يكون أهلاً للفوز بهذا الرهان بأن يظهر حبه لوطنه، وتقديره لمجتمعه، واستحقاقه للثقة، من خلال تصرفاته المسؤولة، ملتزمًا في ذلك، قيد الصحوة المحمودة، التي أفسرها – شخصيًا – باتساع الخيارات أمام الإنسان، وقدرته على التمييز ‏الواعي والتصرف وفقًا لقناعاته، بلا فرض أو إجبار. وهذا القيد، هو جوهر الحياة الصحية الخالية من النفاق والتناقضات.

 

 

 

أكاديمية سعودية – مرشحة للدكتوراه في جامعة ليستر ببريطانيا*

@abdullah_nadia

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر