سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Lionel Laurent
بعد أن سعت الحكومات الأوروبية إلى فعل “كل ما يلزم” لحماية الناس من التداعيات الاقتصادية لعمليات الإغلاق المفروضة للسيطرة على الوباء، يدفع السياسيون الكثير من المال مرة أخرى لمساعدة المستهلكين، لكن هذه المرة للتغلب على ارتفاع أسعار الطاقةالذي أعقب خروج الاقتصادات من الإغلاق.
تعتزم فرنسا تقديم 580 مليون يورو (682 مليون دولار) لمساعدة الأسر الفقيرة على مواجهة ارتفاع التكاليف قبل الانتخابات المقررة العام المقبل. وتفرض إسبانيا ضريبة غير متوقعة على المرافق العامة، وتُقيد فواتير الطاقة الخاصة بالمستهلكين، في حين أن اليونان تقدم إعانات شهرية ومدفوعات أعلى غير متكررة لذوي الدخل المنخفض.
ارتفاع سعر الطاقة
مثل هذه التحركات لا تحتاج إلى التفكير. فقد تضاعف سعر الطاقة القياسي في أوروباهذا العام إلى 100 يورو لكل ميغاواط/ساعة للمرة الأولى على الإطلاق. وهذا يعني أن الأوروبيين سيدفعون 150 مليار يورو (176.7 مليار دولار) إضافية بشكل سنوي مقابل الطاقة الكهربائية التي يستهلكونها، بحسب سيمون تاغليابيترا وجورج زاكمان من المؤسسة الفكرية “بروغل” (Bruegel).
مع ذلك، من المحتمل أن يكون الضغط على زعماء أوروبا قد بدأ للتو. وحتى لو كانت الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع متنوعة ومعقدة -ارتفاع الطلب المصاحب للتخلص من الإغلاق، وأزمة إمدادات الغاز الطبيعي، والافتقار إلى الطاقة المتجددة من الرياح وسط الطقس المعتدل- وربما تكون قصيرة الأجل، فإن الأوروبيين أصبحوا يدركون تماماً احتمالية حدوث اضطرابات اجتماعية أثناء التحول طويل الأمد إلى طاقة أنظف.
ومن المرجح أن تستمر المساعدات في ظل التهديد برد فعل شعبوي عنيف بشأن ارتفاع تكاليف الطاقة وسط تحول الاتحاد الأوروبي الأوسع نطاقاً إلى الانبعاثاتالصفرية بحلول عام 2050.
يقول فرانس تيمرمانز، مسؤول السياسة المناخية الأعلى في الاتحاد الأوروبي، إن عملية التخلص من الكربون لن تكون شاقة فحسب، بل ستكون باهظة الثمن بلا شك أيضاً. كما أن مجموعة المقترحات الجديدة المتعلقة بالمناخ في الاتحاد الأوروبي، بدءاً من توسيع نظام تداول الانبعاثات إلى حظر سيارات الوقود الأحفوري، من المتوقع أن ترفع التكاليف أيضاً.
يقارن الاقتصادي جان بيساني فيري تحول الاتحاد الأوروبي إلى الانبعاثات الصافية الصفرية والصدمة النفطية التي حدثت في السبعينيات، وإن كانت أطول، مع التأثير “السلبي” على المالية العامة، حيث تسعى الحكومات إلى حماية الفئات منخفضة الدخل من الأعباء غير المتكافئة لجعل الكربون أعلى سعراً.
سوء تقدير التكاليف
مع ضبط القادة الأوروبيون لهذه السياسات، لابد أن يكون هناك قدر أكبر من الاعتراف بالتكاليف المقبلة، والتي أسيء تقديرها في الماضي.
كانت بولندا المتخلفة عن المستوى المناخي المطلوب، سعيدة للغاية عند إخبار المستهلكين بأن فواتير الطاقة المرتفعة ترجع إلى سياسة الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي، وهذا النوع من توجيه أصابع الاتهام الشعبوي ربما يكون رخيصاً -حيث تُعد بولندا أكثر دول الاتحاد الأوروبي اعتماداً على الفحم- لكن الرغبة في الاستجابة بمضاعفة التحول الأسرع إلى الطاقة النظيفة تُعد كذلك أيضاً. كما أن انقطاع سبل كسب العيش من الصناعات الجديدة مثل السيارات الكهربائية، على سبيل المثال، يؤدي إلى المزيد من التخفيضات في الوظائف، وسيؤدي أيضاً إلى الحاجة إلى المزيد من المهارات وإعادة التدريب.
من المحتمل إعادة التفكير في المقترحات التي من شأنها أن تجعل التدفئة السكنية والنقل بالوقود المستندين إلى الكربون، على سبيل المثال، أكثر تكلفة.
عن ذلك، يقول توماس بيليرين-كارلين، من المعهد البحثي “جاك ديلورز” (Jacques Delors)، إن هذه المقترحات تبدو وكأنها تمثل قدراً كبيراً من الألم المحتمل للمستهلكين مقابل مكاسب قليلة. كما يحتاج عنصر إعادة التوزيع على الأرجح إلى التوسع على الأقل، فصندوق إعادة التوزيع الاجتماعي المقترح بقيمة 72 مليار يورو، لن يكون كافياً بمفرده على الأرجح.
ونظراً للحاجة إلى المزيد من الاستثمار في التكنولوجيا الخضراء، لا بد أن يكون الاتحاد الأوروبي أكثر مرونة في ظل القواعد التي تحد من عجز الميزانية. وتشير تقديرات مؤسسة “بروغل” إلى أن الإنفاق العام سيكون بحاجة للارتفاع بنحو 100 مليار يورو لتلبية أهداف الكتلة المناخية، إذ ليس من المنطقي خنق فرص النمو مع احتمالية تفاقم الضرر الذي يلحق بالأسر.
من الضروري أيضاً أن يكون هناك خيار واضح بشأن ما يمكن اعتباره استثماراً أخضر في المقام الأول، مع إبقاء مصير الطاقة النووية في وضع الترقب. والجدير بالذكر أن ضغط الغاز الحالي يؤدي إلى عودة عمل محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم الأكثر تلويثاً للبيئة، وهو أمر لا يعطي صورة جيدة عن الاتحاد الأوروبي.
الطاقة النووية
في الوقت ذاته، لا ينبغي إشعار الدول المنفتحة سياسياً بالإحباط تجاه إمكانية استخدام الطاقة النووية كبديل موثوق للطاقة النظيفة. (على الأرجح، لن تغير الدول التي لطالما نفرت من استخدام الطاقة النووية أو تلك التي بصدد التخلص التدريجي منها مثل إيطاليا وألمانيا، مواقفها فجأة).
من هذا المنطلق، يعتقد ماركو جيولي، من معهد الدراسات الأوروبية، أن المفاعلات النموذجية الصغيرة تشكل تقنية مستقبلية مثيرة للاهتمام بشكل لا ينبغي تجاهله.
ما يحدث الآن هو “عاصفة مثالية” لفواتير الطاقة الأوروبية، حسبما قال إدموند شينغ من مصرف “بي.إن.بي باريبا لإدارة الثروات” (BNP Paribas Wealth Management). وبينما يسير الاتحاد الأوروبي في طريقه نحو تحقيق الانبعاثات الصفرية الصافية، يجب أن يستعد لتحقيق المزيد في المستقبل.
المصدر: صحيفة الشرق “بلومبيرغ”
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر