السياسة الأميركية للأسلحة النووية: نظرة في “عدم الاستخدام الأول” | مركز سمت للدراسات

السياسة الأميركية للأسلحة النووية: نظرة في “عدم الاستخدام الأول”

التاريخ والوقت : الأحد, 9 مايو 2021

إيمي إف وولف

 

في 15 أبريل 2021، السيناتور “إليزابيث وارن” والنائب “آدم سميث” قدّما تشريعًا أعلن أن “سياسة الولايات المتحدة هي عدم استخدام الأسلحة النووية أولًا”، ويبدو أعضاء الكونجرس الآخرين منقسمون حول هذه المسألة، فقد جادل السيناتور “ديان فينشتاين” بأن الاستخدام الأخلاقي الوحيد للأسلحة النووية الأميركية هو لردع استخدامها، ومن ناحية أخرى قالت السيناتور “ديب فيشر”: “إن الاقتراح ينم عن رؤية ساذجة ومضطربة للعالم”.

وقد تحدث الرئيس “بايدن” في الماضي عن دعمه لسياسة “الغرض الوحيد” للأسلحة النووية، والتي يرى البعض أنها شبيهة بسياسة “عدم الاستخدام الأول”، لكن الرئيس لم يتخذ بعد خطوات لمراجعة أو تغيير السياسة الأميركية للأسلحة النووية.

قد تمثل سياسة “عدم الاستخدام الأول” تغييرًا عن السياسة الحالية، حيث تعهدت الولايات المتحدة بالامتناع عن استخدام الأسلحة النووية ضد معظم الدول غير المُسلحة نوويًا، ولكنها لم تستبعد الاستخدام الأول في كل الحالات ولم تحدد الظروف التي بموجبها سيتم ذلك الاستخدام.

سياسة “الغموض المحسوب” عالجت مخاوف الولايات المتحدة إبان الحرب الباردة، عندما واجهت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي القوات السوفييتية المتفوقة عددًا وحلف وارسو في أوروبا، ولم تكن الولايات المتحدة تخطط لاستخدام الأسلحة النووية في ساحة المعركة لتعطيل أو هزيمة الدبابات والقوات المهاجمة فحسب، بل كانت تأمل أيضًا في أن يؤدي خطر الرد النووي إلى ردع الاتحاد السوفيتي من شن هجوم تقليدي، ليس اعتقادًا من الولايات المتحدة بأنها تستطيع هزيمة الاتحاد السوفيتي في حرب نووية، ولكن لأنها كانت تأمل أن يعي الاتحاد السوفيتي أن استخدام هذه الأسلحة، من المرجح أن يتصاعد إلى حرب نووية شاملة، وسيعاني كلا الجانبين حينها من دمار هائل.

ومنذ نهاية الحرب الباردة عدلت الولايات المتحدة من سياستها المعلنة لتقليل الدور الواضح للأسلحة النووية في الأمن القومي للولايات المتحدة، لكنها لم تعلن بعد أنها لن تستخدمها أولًا.

إدارة “أوباما” في تقرير مراجعة الوضع النووي لعام 2010 ذكر أن الولايات المتحدة ستنظر فقط في استخدام الأسلحة النووية في الظروف القصوى، ولن تهدد أو تستخدم الأسلحة النووية تحت أي ظرف من الظروف، ضد الدول غير المسلحة نوويًا، والموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والملتزمة بعدم الانتشار النووي، لكن الإدارة لم تكن مستعدة للاعتراف أن الغرض الوحيد للأسلحة النووية الأميركية هو ردع هجوم نووي، لأنها تتوقع نطاقًا ضيقًا من الحالات الطارئة، فيمكن للأسلحة النووية أن تلعب دورًا في ردع الهجمات التقليدية أو الكيميائية أو البيولوجية.

وكما رفضت إدارة “ترمب” في تقرير مراجعة الوضع النووي لعام 2018 فكرة أن الغرض الوحيد من الأسلحة النووية هو ردع هجوم نووي، وبالتالي لم تتبنَّ سياسة “عدم الاستخدام الأول”، كما أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة لم تنظر في استخدام الأسلحة النووية إلا في الظروف القصوى للدفاع عن المصالح الحيوية للولايات المتحدة ولحلفائها وشركائها، ولكنها ذكرت أيضًا أن الأسلحة النووية تساهم في ردع الهجمات النووية وغير النووية ضدها أو ضد الحلفاء والشركاء، لتحقيق أهداف الولايات المتحدة إذا فشل الردع والقدرة على التحوط من مستقبل غير مؤكد.

“عدم الاستخدام الأول” أم عدم استخدامها ؟

على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تستبعد استخدام الأسلحة النووية أولًا، إلا أن عدم التعهد “بعدم الاستخدام الأول” لا يعني استخدام هذه الأسلحة أولًا في أي نزاع، بقدر ما يعني الرأي القائل بأن تهديد التصعيد النووي هو بمثابة رادع للحرب التقليدية أو لردع استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.

يجادل مؤيدو السياسة الحالية بأن إزالة تهديد التصعيد النووي يمكن أن يشجع دولًا مثل كوريا الشمالية أو الصين أو روسيا، الذين قد يفكرون أن بإمكانهم التغلب على حلفاء الولايات المتحدة في مناطقهم، والاستفادة من المزايا التقليدية المحلية أو الإقليمية أمام الولايات المتحدة أو حلفائها، في مثل هذا السيناريو يجادل البعض بأن تعهد “عدم الاستخدام الأول” لن يقوض الردع فحسب، بل قد يزيد أيضًا من خطر تصعيد حرب تقليدية قد تنطوي على استخدام الأسلحة النووية.

علاوة على ذلك نظرًا لأن الولايات المتحدة قد تعهدت باستخدام جميع الوسائل الضرورية بما في ذلك الأسلحة النووية للدفاع عن الحلفاء في أوروبا وآسيا، فإن هذا التغيير في السياسة المعلنة للولايات المتحدة يمكن أن يقوض من ثقة الحلفاء في التزام الولايات المتحدة بالدفاع عنهم، وربما يحفزهم في الحصول على أسلحتهم النووية، ومن وجهة النظر هذه يمكن لسياسة “عدم الاستخدام الأول” أن تقوض من أهداف الولايات المتحدة لمنع انتشار الأسلحة النووية.

يشكك بعض المحللين من خارج الحكومة في هذه الاستنتاجات، كما يؤكد آخرون أن هناك نقصًا في الأدلة على أن التهديد بالتصعيد النووي يمكن أن يردع الحرب التقليدية، بينما يشير البعض الآخر إلى أن أول استخدام نووي للولايات المتحدة قد يؤدي إلى رد نووي وتبادل نووي شامل.

علاوة على ذلك يجادل البعض بأن سياسة “عدم الاستخدام الأول” لن تقوض من التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها، لأن تلك الدول تؤمن بقدرة القوات الأمريكية التقليدية في الدفاع عنها، فضلًا عن معرفتها استعداد الولايات المتحدة للرد باستخدام الأسلحة النووية ردًا على أي هجمات نووية.

في حين يشير آخرون بمن فيهم السيناتور “وارن” والنائب “سميث”، إلى أن تعهد “عدم الاستخدام الأول” يمكن أن يقلل من فرص سوء التقدير النووي، من خلال طمأنة الخصوم بأن الولايات المتحدة لم تصبح على وشك شن هجوم نووي استباقي، مما يعني أن الاستخدام الأول المحتمل للأسلحة النووية ليس فقط غير ضروري، بل إنه قد يحول الحرب التقليدية لكارثة نووية.

تشير التقارير الصحفية إلى أن إدارة أوباما فكرت في تبني سياسة “عدم الاستخدام الأول” في عام 2016. ومع ذلك تشير هذه التقارير إلى أن المسؤولين العسكريون والمدنيون عارضوا هذا التغيير.

وجادل مسؤولو القوات الجوية بأن سياسة “الغموض المحسوب” توفر خيارات للرئيس في الأزمات، وأشار القائد العام للقيادة الاستراتيجية آنذاك الأدميرال “هاني” إلى أن التحول يمكن أن يقوض الردع والاستقرار في بيئة أمنية غير مستقرة.

كما أثار وزير الخارجية “كيري” ووزير الدفاع “كارتر” مخاوف من أن سياسة “عدم الاستخدام الأول” يمكن أن تقوض من ثقة وأمن حلفاء الولايات المتحدة.

وتشير التقارير إلى أن العديد من الحلفاء عارضوا التغيير في هذه السياسة، وأعرب وزير الطاقة “مونيز” عن معارضته.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: Congressional Research Service

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر