سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
وسط كوكبة من أبرز السياسيين والاقتصاديين، بدأ المنتدى الاقتصادي العالمي 2018، أعماله في الثلاثاء 24 يناير الجاري، في مدينة دافوس السويسرية، حيث اجتمعت النخبة العالمية على خلفية أخبار جيدة وأرقام أفضل للنمو العالمي، فقد توقع صندوق النقد الدولي معدل نمو عالمي جديد قدره 3.9٪ العام الجاري، وتوقعات أخرى متفائلة لأغلبية المسؤولين في العالمين المالي والاقتصادي، وعبر 400 جلسة نقاش تمَّ عقدها خلال فعاليات المؤتمر التي تواصلت على مدار ثلاثة أيام، تحت شعار “بناء مستقبل مشترك في عالم مفكك”، درات حول 4 قضايا، وهي: قيادة التقدم الاقتصادي المستدام، والتنقل في عالم متعدد الأقطاب ومتعدد المواهب، وتشكيل الحكم الذكي للتكنولوجيا، والتغلب على الانقسامات في المجتمع، ومواجهة عالم مضطرب وسريع التغير.
وفي خضم هذا الحدث الجلل، شاركت المملكة العربية السعودية في أعمال المنتدى كدولة كبرى حققت رقمًا صعبًا في المعادلة الاقتصادية العالمية، خاصة بعد إطلاق مبادرة مستقبل الاستثمار التي سماها مراقبون بـ”دافوس الصحراء”، فقد كان قبل “دافوس السويسرية”، “مبادرة مستقبل الاستثمار” التي أطلقت في 24 أكتوبر 2017، استضافها صندوق الاستثمارات السعودية العامة في الرياض، بمشاركة أكثر من 2500 شخصية رائدة ومؤثرة في عالم الأعمال من أكثر من 60 دولة، ناقشوا الفرص والتحديات التي ستشكل وجه الاقتصاد العالمي والبيئة الاستثمارية في العقود المقبلة.
وكان للسعودية ظهور لافت خلال المنتدى بدورته الـ48 – مستقطبًا أكثر من 70 رئيس دولة ورئيس وزراء و340 وزيرًا من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى 3500 من كبار رجال الاقتصاد وممثلي منظمات الأمم المتحدة والمجتمع المدني- المتطلع إلى نماذج جديدة للمساعدة في دفع عجلة التقدم الاقتصادي المستدام. فالصورة المثالية للاقتصاد العالمي المتوقع، يمكن أن تشير إلى زيادات في الأجور، ومزيد من الانخفاض في معدل البطالة، وإبعاد بعض الفزّاعات عن الأزمة المالية كالقروض المصرفية السيئة والعجز الكبير في الميزانية.
المكانة السعودية فرضت نفسها على المنتدى، الذي شهد وجود العديد من قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ومهندس السياسة الاقتصادية الصينية ليو هي، تناوبوا إلقاء الكلمات في المنتدى للتحذير من “الحمائية”، والدفاع عن النظام العالمي الليبرالي الذي هاجمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مدى عام كامل، وفي مقابل ذلك حاول الرئيس الأميركي التأكيد على أن “أميركا أولاً” لا يعني أميركا وحدها، في خطاب خصصه لطمأنة الشركاء الدبلوماسيين والتجاريين للولايات المتحدة القلقين من مواقفه السابقة، كما حرص على تأكيد صداقة الولايات المتحدة وتعاونها من أجل بناء عالم أفضل.(1)
◄دور المملكة في التصدي للخطر الإيراني على طاولة “دافوس”
لم يمر المنتدى دون الحديث عن الدور السعودي في مواجهة الخطر الإيراني، وهو ما تطرق إليه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في حديثه في إحدى فعاليات المنتدى، بتأكيده على أن السعودية تنتهج سياسة مبادرة في المنطقة لرسم “خطوط حمراء” أمام طهران، كاشفًا صراحة عن الريادة السعودية في استعادة الأمن والسلام في المنطقة، ومواجهة خطر السلوك الإيراني بدعم ميليشيات مسلحة وإقحام الدين في الخلاف السياسي.
والكثير من الدلائل أشارت إلى تصدي السعودية لكل المحاولات الإيرانية، بتوظيف الدين كأداة من خلال السياسة الخارجية الإيرانية، وما نتج عنه من صراعات وقضايا تؤثر على سلام الشرق الأوسط، والشاهد على ذلك الأوضاع في العراق، وكذلك التحديات الماثلة في سوريا ولبنان، واليمن هو مثال آخر على وجهة النظر العربية وأولوية التعامل مع إيران.
وكان لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قول في هذا الصدد، خلال حلقة نقاش عقدت على هامش المنتدى، بحديثه عن رؤيتي الشرق الأوسط المتنافستين، الذي أثبت تبني الرياض لرؤية النور، في مواجهة الظلام والطائفية، التي تستخدمها إيران كي تتدخل في شؤون الدول الأخرى، تحقيقًا لمساعيها الرامية إلى السيطرة على بعض دول المنطقة.
ولم يعد للمملكة سبيل اليوم، بعد محاولات فاشلة قامت بها على مدار 35 عامًا، للتواصل المباشر مع إيران للتوقف عن إرهابها، سوى مكافحته عبر إضعاف حزب الله اللبناني من أجل تقوية الدولة اللبنانية. أمَّا في اليمن، فقد استجابت السعودية للنداء بغيةَ دحر الانقلابيين الحوثيين بالتعاون مع الحلفاء في الخليج، مضيفًا أن السعودية تتعاون أيضًا مع بقية العالم العربي من أجل عزل إيران وقطع دابر توسعها الخبيث في المنطقة.
وفي ظل ما سبق، جاء غياب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، عن حضور المنتدى، مفاجئًا، حيث ألغى على غير العادة برنامجه المعد مسبقًا للحضور في هذه القمة الهامة لاقتصاديات الدول النامية، وهو ما لم يحدث منذ مجيء حكومة الرئيس حسن روحاني. وحتى في سنوات قبل ذلك، كانت إيران تشارك بوفد رفيع دائمًا في هذه القمة، لكن يبدو أن الأمر اختلف هذا العام لهذه الأسباب على الأرجح:
– أزمات الاقتصاد الإيراني والأوضاع الداخلية والاحتجاجات والاضطرابات في إيران، فقد جاءت قمة المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2018 في وقت تشهد فيه إيران احتجاجات لم يسبق لها مثيل منذ تأسيس نظام ولاية الفقيه.
– وجود ترمب والقلق من انهيار الاتفاق النووي، حيث إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب هو الضيف الأبرز في قمة دافوس، الذي لم يتردد – سابقًا – في وصف الاتفاق مع إيران بأنه “صفقة سيئة”.
– ارتفاع سعر العملات الأجنبية وانهيار العملة الإيرانية المرتقب، حيث شهدت سوق الصرف للعملات الأجنبية قفزة غير مسبوقة في إيران خلال الأيام الأخيرة، وهي صدمة كبيرة للاقتصاد الإيراني.
◄السعودية.. تأثير عالمي وحضور مميز
ومن الشواهد على التأثير السعودي في الاقتصاد العالمي، وصعود دور المملكة، عالميًا وإقليميًا، وتقديمها نماذج عملية لتفعيل نشاطات المنتدى ليبقى جديرًا بالتسمية، كمنتدى اقتصادي عالمي، وبقرارات ملزمة من خلال خطط واقعية قابلة للتنفيذ، نذكر بعضًا منها:
نجاح استراتيجيتها في إعادة التوازن لأسواق النفط، كونها دولة محورية من أهم خمس دول مؤثرة في العالم.
موازنة المملكة لعام 2018، التي تعد ثاني موازنة توسعية على التوالي والأكبر في تاريخها، حيث حددت من خلالها ارتفاع الإنفاق بنسبة 5.6٪ في العام القادم، وصولاً إلى 978 مليار ريال سعودي (260 مليار دولار)، وتوقعت ارتفاع الإيرادات بنسبة 12.5٪ وصولاً إلى 783 مليار ريال (208 مليار دولار) (2)
◄أموال التسويات تدعم المواطنين
الاستثمار في المملكة في ظل السياسات الجديدة، والإصلاحات الاقتصادية القائمة، وأموال التسويات مع الموقوفين على ذمة قضايا الفساد، كانت محور اهتمام كبير من وسائل الإعلام العالمية، وفي مقدمتها قناة CNBC وشبكة CNN وغيرهما من وسائل الإعلام التي حرصت على إجراء مقابلات مع وزير المالية السعودي محمد الجدعان، للرد على الكثير من التساؤلات وإيضاح بعض الأمور، ويمكن إبراز أهم النقاط في التالي:
وتيرة الإصلاحات جيدة وأن النمو في القطاع الخاص كان قويًا. (4)
أداء.. منصة سعودية عالمية لتعزيز النزاهة والشفافية
واستمرارا لجهود المملكة الرامية إلى تعزيز النزاهة والمساءلة والشفافية، عبر كافة المستويات، أعلنت المملكة خلال مشاركتها في المنتدى عن إطلاق مركز الأداء الدولي، كإحدى مبادرات المركز الوطني قياس، بهدف رفع كفاءة الأداء الحكومي وفق مقاييس دولية وتعزيز النزاهة والمساءلة والشفافية في القطاع العام وغيره من المجالات، وتقديم المبادرات المبتكرة الهادفة إلى قياس مستويات رضا المستفيد تجاه جودة الخدمات المقدمة له من الأجهزة العامة.
ويوفر مركز الأداء الدولي منصة تفاعلية مصممة لتتبع ما يزيد على 500 مؤشر رئيسي للأداء ضمن 12 ركيزة رئيسية تتيح مقارنة المملكة مع أكثر من 200 بلد، ويعتمد المركز على مقاييس من الهيئات الدولية البارزة، بما في ذلك البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي.(6)
وتستعرض منصة “أداء” مؤشرات قياس في مجالات متنوعة كالصناعة والاقتصاد والصحة والتعليم والتقنية والبنية التحتية والأمن والمالية والطاقة والعمالة والعدالة والتنمية الاجتماعية.
وتبرز أهمية هذه المبادرة في النقاط التالية:
1- خطوة رائدة من المملكة لتشجيع البلدان على استخدام بيانات التكنولوجيا والأداء لتتبع التقدم المحرز في عملها لتحقيق أهداف التنمية.
2- تؤكد التزام المملكة بأهدافها لرؤية 2030.
3- خطوة جدية للتأكيد على المساعي الرامية إلى إحراز تقدم كبير في كامل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وفق أفضل الممارسات العالمية. (7)
◄حضور رسمي شبابي رفيع المستوى
ولم تغفل المملكة عن الدور النسائي الجديد داخل المملكة، تجسيدًا لقراراتها الأخيرة الخاصة بتمكين المرأة، بجانب حرصها على إرسال وفد رفيع المستوى برئاسة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، معالي الدكتور إبراهيم العساف، العائد من جديد بدور فاعل في السياسة المالية والاقتصادية، والأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للاستخبارات السعودية والسفير المخضرم في لندن وواشنطن والوجه المعروف في الأوساط والمحافل الدولية الدبلوماسية والأكاديمية وصاحب التاريخ العريق في المؤتمرات الدولية، والأمير خالد بن سلمان سفير المملكة في واشنطن، والأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، خريجة جامعة “جورج واشنطن” الأميركية.
ويعود ذلك أيضًا إلى اهتمام “دافوس” في دورته الحالية، بالحضور النسائي القوي، حيث شهد المنتدى، للمرة الأولى في تاريخه، سيطرة نسائية على رئاسة المنتدى، ويشكل النساء نحو 20% من إجمالي الحضور. وفي هذا الإطار حضرت صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر (8)، المنتدى ضمن الوفد السعودي المشارك، موجهة رسالة مفادها أن الإصلاحات التي تجريها المملكة في مجالات التحديث المختلفة، تظهر أن الرهان الرئيسي للبلاد على رأس المال البشري، وأن هذه العناصر هي العملة الجديدة للسعودية، وطالبت خلالها العالم بألا ينظر إلى قدرات المملكة على أنها تتمثل فقط بإنتاج النفط، وبصفتها إحدى الشخصيات النسائية المؤثرة على مستوى الاجتماع، وتمتلك إسهامات تؤكد دور المرأة وتوسعه خلال السنوات الأخيرة، بالإشارة إلى أن تحول الاقتصاد السعودي، بعيدًا عن الأُطر القائمة على النفط، يحمل أدوارًا مؤثرة للمرأة في هذه الرؤية، وأن ما يحدث الآن هو أن المرأة لديها خيارات التنفس، والحلم، واتخاذ المواقف، وأن الإصلاحات الرامية إلى تحسين إدماج الرجل والمرأة في المجتمع ستُترجم أيضًا إلى كيفية إنفاق الناس لمالهم.
ويمكن تلخيص أهم الرسائل التي حملتها كلمة الأميرة ريما، في النقاط التالية:
◄مسك.. التراث يعزز الحضور السعودي
التوهج السعودي في منتدى دافوس لهذا العام، كان استثنائيًا، فالحضور الرسمي والسياسي والاقتصادي لم يكن الوحيد، فكان لمؤسسة مسك الخيرية، المؤسسة الرائدة في تشجيع التعلم وتنمية مهارات القيادة لدى الشباب، حضورًا لافتًا، لتحقيق التكامل في التمثيل السعودي من خلال الأنشطة الثقافية المستمدة من البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى المشاركة الفاعلة في جلسات النقاش المعنية بمستقبل الشباب.
وشارك المدعوون في رحلة غذائية تراثية سعودية بامتياز، شملت في اليوم الختامي 24 طبقًا شعبيًا مختلفًا من التراث السعودي، بالإضافة إلى تقديم عدد من المقطوعات الموسيقية السعودية وأنواع التمور السعودية المختلفة التي قدمها شباب وشابات السعودية بأزياء تقليدية.(9)
العساكر.. ضمن الأكثر تأثيرا
امتدادا للتوهج السعودي في دافوس وتتويجا للتأثير الكبير عبر كافة المستويات حظي مدير المكتب الخاص لولي العهد السعودي والأمين العام لمؤسسة مسك الخيرية بدر العساكر باختيار منتدى دافوس ضمن قائمة أكثر الشخصيات المشاركة تأثيرا وتفاعلا عبر منصات التواصل الاجتماعي، أثناء انعقاد المؤتمر، إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الهندي مودي .
– يأتي ذلك بعد أن حرص العساكر على نشر كل أخبار المشاركة السعودية في منتدى دافوس الاقتصادي بأدق تفاصيلها من مشاركة الشباب السعودي إضافة إلى الظهور الإعلامي للوزراء والمسؤولين السعوديين على محطات التلفزيون العالمية، وكذلك مشاركته شخصيا في عدد من المداخلات والمقابلات التلفزيونية.
كما حرص مدير المكتب الخاص لولي العهد السعودي على تغطية نشاط مؤسسة مسك الخيرية بكل تفاصيلها، ويحظى العساكر بمتابعة وتأثير كبير على منصات التواصل الاجتماعي خاصة تويتر حيث يتابعه على حسابه الشخصي أكثر من 869 ألف حساب. (10)
◄نتائج المشاركة السعودية في المنتدى
وأخيرًا يجدر بنا القول إن الحضور السعودي كان له تأثيره الواضح، وهو ما ظهر جليًا وانعكس صراحة، أثناء مناقشات وفعاليات المنتدى، كما تبين في عدد من الأمور من أبرزها:
المراجع
1 – ماذا يفعل قادة العالم في دافوس، اليوم السابع. http://www.youm7.com/3619496
2 – موازنة السعودية لعام 2018. http://ara.tv/zerqg
3 – تقرير الدول الأقل ديونًا في العالم. http://ara.tv/v6c28
4 – من دافوس.. الجدعان يوجه رسالة للمستثمرين: السعودية اليوم مختلفة تمامًا، الرياض بوست. http://riyadhpost.live
5 – الجدعان يكشف من دافوس.. أين ستذهب أموال التسوية مع الأمراء والمسؤولين من موقوفي الريتز كارلتون؟ صحيفة المواطن.
6 – «أداء» السعودي يطلق منصة إلكترونية بمجال قياس الأداء الدولي، جريدة الشرق الأوسط
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر