هيفاء القصير

كان الرد الأقرب على الرف: المجتمع غير جاهز. ذلك المجتمع الذي يتحدث عنه غيابيًا، كل من كان له أهداف مغرضة، خارجية كانت أو حتى شخصية، خصوصًا حين يتعلق الموضوع بالمرأة السعودية؛ فخلال الفترة السابقة فاجأ المجتمع نفسه بسرعة التقبل، وجمال الاحتواء والرغبة بالتأقلم، وسلاسة الانتقال.

ولعل تلك النقلة التي تغير بها وجه السعودية، هي المزلاج الذي تحرك ليفتح بابًا طال الوقوف على أعتابه، كان فقط ينتظر يدًا حازمة، ورؤية واعدة، لتُكمل بها مسيرة دعم المرأة وتمكينها في مجتمعها، ومنحها الثقة المستحقة بصفتها نصف المجتمع.

الأمر الملكي الأبرز في حزمة الأوامر الأخيرة، والمتمثل بتطبيق أحكام نظام المرور على الذكور والإناث، الذي كان حكرًا على الذكور؛ ليس إلا خطًا على أول الطريق يعلن البداية، ولا يزال أمامنا طريق طويل يبدأ ببناء الأنظمة وتعديلها، والتدريب والتعليم، وآلية مناسبة للتطبيق، مرورًا بالتغييرات التي سيتركها هذا القرار في النسيج الاجتماعي، والوضع الاقتصادي للبلد والأسرة، وكيف سيتطور تعاطي المجتمع مع تلك التغيرات، خصوصًا في هذا الوقت، وأعني بذلك الرؤية الوطنية وبرامج التحول الوطني، ومدى تأثير هذا القرار على النسب المستهدفة في الرؤية، وبخاصة المتعلقة بالمرأة، كرفع نسبة مشاركتها في سوق العمل إلى 30% – أو كما توقعت فوربس 28% – بحلول عام 2020، قطعًا سيكون له تأثير إيجابي على ذلك، وسيمتد ذلك التأثير إلى نطاقات أوسع، حيث إنه سيصنع سوقًا جديدة لم تكن موجودة قبل القرار، وستخلق وظائف جديدة، وسينشط السوق وتتغير ملامحه.

السماح بقيادة المرأة، كان من المواضيع الساخنة والمحظورة في نفس الوقت، فقد كان الناس يصنفون وفق آرائهم تجاه تلك القضية، وينقسمون إلى فرق وأطراف متضادة على مدى 27 عامًا؛ لذلك أعتقد أنه من الطبيعي أن يأخذ الموضوع وقته في التغلغل في نسيج مجتمع متين كالمجتمع السعودي.. ولا أعلم، قد أُفاجأ بالسرعة التي سيحدث فيها التأقلم بشكل أسرع مما توقعت.

لم يكن القرار بحد ذاته مفاجأة – بالنسبة لي على الأقل – فقد كانت هناك علامات وإرهاصات، وربَّما آمال سبقت القرار قد مهدت لاستقباله. صحيح أنه صدر في وقت أبكر مما كان متوقعًا له، ولكنه لم يكن مفاجأة .. حتى إن بعض الشركات بادرت بنشر إعلاناتها المتعلقة بقيادة المرأة التي تدل على أنها مُعدة في وقت سابق استعدادًا، وكانت تنتظر إعلان القرار.

“إذا اقتنع السعوديون بالتغيير، فعنان السماء هو حد طموحاتنا”

محمد بن سلمان

مستشارة في الاتصال والتدريب *

@haifa1st