سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
محمود غريب
فيما انشغلت وسائل الإعلام على المستويين الإقليمي والدولي بالأزمة القائمة بين بعض الدول العربية وقطر، فإن تطورات هامة شهدتها ملفات أكثر حيوية في الشرق الأوسط، حاول أصحابها تحريك أوراق سياسية وأمنية لاستغلال حالة التفرد الإعلامي بقضية «الإرهاب القطري» لكسب نقاط ضمنوا – ولو مؤقتا ونسبيا -غياب التركيز الإعلامي إزاءها.
****
لاعب جديد في المشهد الليبي
بشكل مباغت أفرجت كتيبة أبوبكر الصديق التي تشرف على سجن الزنتان الذي قبع داخله نجل الزعيم الليبي السابق سيف الإسلام معمر القذافي، عن نبأ يفيد بأن نجل العقيد بات حرا طليقا يمارس حياته الطبيعية، في غفلة عن التركيز على الملف للدول المؤثرة والمتأثرة بالوضع في ليبيا.
الكتيبة التي أفرجت عن سيف القذافي لم تكتفي بإطلاق سراحه ومغادرته الزنتان فقط، لكنها دعت إلى الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين ومن بينهم قطعا أنصار الزعيم السابق، وفق قانون العفو العام، ما يعني أن المعادلة السياسية في ليبيا ستشهد لاعبا جديدا خلال الأيام المقبلة، وهو ما فطنت إليه بعض القوى السياسية التي أصدرت بيانات بعد ساعات من إعلان الخبر، في لهجة تحذيرية من «استخدام ورقة سيف الإسلام سياسيا أو اجتماعيا، أو محاولة فرض واقع سياسي لا يرتضيه الليبيون»، عقب تلميحات من البعض بأحقية سيف القذافي في العودة للحياة السياسية باعتبار تبرأته من كافة التهم المنسوبة إليه وعدم تورطه في أي أعمال عنف أو إرهاب، وهي التطورات الهامة والخطيرة في المشهد الليبي والتي تُرشح لبروز نجم لاعب جديد على الساحة الليبية، خاصة مع وجود سواعد تلتف من حوله في الداخل والخارج الليبي، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.
المجتمع الدولي لم يعد ينظر إلى الوضع في ليبيا بنفس منظور العام 2011، بتصنيفات تخضع لمعايير طرفي المعادلة السياسية، الأول ثوري، والثاني ما يُسمى في دول الربيع العربي بـ«فلول» النظام السابق، بل أضحت المعادلة مختلفة بانصهار كافة الأطراف في البوتقة السياسية، والجلوس على طاولة المباحثات لم تستثن أحدا؛ في أعقاب تطورات أمنية وسياسية، ما يرشح لاعتبار نجل العقيد واحدا من أطراف هذه المعادلة، ويضيف لمسار التنازع رقما جديدا، لكنه مصبوغ بمحاولة متوقعة لسيف القذافي استعادة ما يراه هو وقبيله «تصفية حسابات مؤامرة فبراير»، وفق منظورهم.
****
تطورات سورية
ربما لا أكون مبالغا حين أعتبر أن الملف السوري حجز الورقة الأولى في أجندة وتفكير أغلب الدبلوماسيين والأمنيين العرب – والخليجيين على وجه التحديد – قبل فتح «الملف القطري» مؤخرا؛ وهو ما يمكن اعتباره سببا لتأجيل حسم الملف من الناحية الشكلية على أقل تقدير، غير أن الانشغال الخليجي بملف الدوحة أتاح لأطراف أخرى فرصة التحرك لاقتحام سراديب القضية المؤجلة.
الساعات الماضية كشفت عن جانب من هذه التحركات، بحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، عندما نقلت عن مسؤولين أمريكيين أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تجري محادثات سرية مع روسيا في الأردن بشأن سورية، وتحديدا بهدف إقامة «منطقة خاصة» جنوب غرب البلاد، وسط غموض يلف التحركات الأمريكية التي لم تعطي أزمة الملف القطري اهتماما كبيرا، أو ربما تحاول ملأ الفراغ الخليجي، أو هكذا تعتقد.
ما يُعمق فكرة اللعب على وتر الانشغال العربي، أن الإدارة الأمريكية أبقت على سرية المحادثات لرغبتها في إقامة اتصالات مع موسكو على الرغم من استمرار التحقيقات في واشنطن حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ما يعني قطعا أن استغلال فرصة الانشغال العربي لحسم موقف في سورية يخضع لاعتبارات ما يمكن تسميتها مجازا «فقه الأولوية» لدى إدارة البلدين.
المُطلع على تطورات الملف السوري خلال الفترات السابقة يستشف من بين السطور المبهمة أن واشنطن وموسكو يحاولان ترسيم المنطقة، بهدف الحد من توتر مرتقب ربما في مدينة درعا على الحدود مع الأردن والقنيطرة، المنطقة المحاذية لمرتفعات الجولان، وهي المسألة التي ربما لن تجد تأييدا من طهران، وهو ما يبرر سرية المحادثات لإنجاح الصفقة التي تعول عليها الولايات المتحدة كثيرا للاتفاق على أطر يمكن أن تتحول فيما بعد إلى صيغة أخرى لممارسة روسيا دورا لإقناع حلفاء إيران على القبول بالأمر الواقع.
وميدانيا رسم تقدم تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» الكردي العربي المدعوم أمريكيا فى الشطر الغربي من مدينة الرقة التى يتخذها تنظيم «داعش» معقلا له، ملامح أخرى بشأن التحرك الميداني للجبهة الأمريكية في سورية، يعمق التحرك السياسي السابق في قلب الملف.
****
تغييرات يمنية
وفي الملف اليمني، شهدت العمليات الميدانية تصاعدا غير مسبوق خلال الأيام الأخيرة عند البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء وجبهات القتال في محافظات تعز ومأرب والجوف، أسفرت عن مقتل قائد عسكري رفيع في القوات الحكومية العميد الركن حميد التويتي، غير أن القوات الحكومية تمكنت بعد ساعات من عملية عسكرية جديدة من استعادة سوق شعبية في مديرية الصلو جنوبي شرقي محافظة تعز والتقدم باتجاه قرية الشرف آخر معاقل الحوثيين في المديرية المطلة على خطوط إمداد رئيسة بين مدينتي عدن وتعز، وهو ما يلقي بضوء أكثر اتساعا إزاء إمكانية أن يشهد الملف اليمني تغييرات ميدانية واسعة خلال الأيام المقبلة.
غير أن النقطة الأكثر بروزا والتي لم تلقي وسائل الإعلام الضوء عليها، إعلان وزارة الدفاع السودانية نيتها إرسال دفعة جديدة من قواتها المشاركة في العمليات العسكرية للتحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن، وهو ما يدفع في اتجاه تغييرات قوية مرتقبة في هذا الملف، لاسيما مع تصاعد المواجهات الميدانية.
باحث في الشأن السياسي العربي*
@eldaramy12
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر