سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كونتر بانت آرثر
تنامى إلى مسامعنا أخيرًا ضجة حول الذكاء الاصطناعي (AI)، ولكن على عكس ما يشاع من دعاية إعلامية بشأن الميتافيرس وغيرها، فإن الإثارة المحيطة بالذكاء الاصطناعي لا تخلو من مميزات. إذ تتمتع التقنيات الذكية في الوقت الحالي بالقدرة على إحداث ثورة في كل المجالات تقريبًا، بما في ذلك الطاقة المتجددة.
لقد استكشف منشور صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2021 حمل عنوان “تسخير الذكاء الاصطناعي لتسريع انتقال الطاقة”، دور الذكاء الاصطناعي في التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة، وغطى موضوعات من حوكمة أنظمة الطاقة إلى إدارة المخاطر التشغيلية.
فبعد عامين فقط، يتم تطبيق الذكاء الاصطناعي بالفعل لدعم العديد من جوانب التوسع في الطاقة الشمسية وإنتاجها. وتعد الطاقة الشمسية حاليًا من بين أسرع مصادر الطاقة المتجددة نموًا، ولكن الاعتماد الواسع النطاق والتوسع السريع للطاقة الشمسية يعوقهما تحديات كبيرة من حيث كفاءة البناء، والترابط مع أنظمة الطاقة الحالية، وتوسيع نطاق الشبكة وتكلفتها. ومع ذلك، حتى في ظل الكفاءة المتوسطة، فإن تركيب الوحدات الكهروضوئية على 0.6% من مساحة اليابسة في الولايات المتحدة يمكن أن يفي بسهولة بالطلب على الكهرباء للبلد برمَّته.
ويعد توسيع نطاق النمو المادي إحدى الطرق التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخدم بها قطاع الطاقة الشمسية. لقد كانت التكاليف المرتفعة لإنشاء أنظمة الطاقة الشمسية والمزارع من الناحية التاريخية، تمثل رادعًا أسهم بشكلٍ كبير في الحد من الاعتماد على هذا المصدر المتجدد للطاقة. ونظرًا لأن العوامل البيئية تنطوي على تأثير كبير في إطار هذه المعادلة، فإن كل مشروع يقدم مجموعة من التحديات الفريدة لموقعه المادي. ثم إن حالات ركود التوصيل البيني، والسماح بالتأخيرات، والتحديات التي يفرضها ازدحام النقل، تمثل أمورًا شائعة يمكن أن تزيد من خنق المشاريع. وقد تم إصدار بعض التصاريح المعقدة ومتطلبات التشغيل (التي يمكن أن تختلف بشكل كبير بسبب اللوائح المحلية)، وهو ما أسهم في دعم التحليل البيئي والجمالي المكثف، وتركيب المعدات المتخصصة والإشراف عليها، بما يتوافق مع الاعتبارات الحكومية والتنظيمية المرتبطة بالبنى التحتية للمرافق واسعة النطاق؛ إذ بدأت تتراكم النفقات المرتبطة ببناء أنظمة الطاقة الشمسية في التراكم. وباستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن إدارة هذه التعقيدات بسرعة وكفاءة أكبر، مع تقليل تكاليف المشروع. وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
اختيار موقع الطاقة الشمسية: يعد اختيار مواقع المزارع الشمسية المحتملة وتحليلها أمرًا بالغ الأهمية، إذ تؤثر الظروف البيئية بشكل حاسم على قدرات الإنتاج والتخزين. فنظرًا لقدرتها على تحليل كميات كبيرة من البيانات الجغرافية والبيئية، تستخدم العديد من الشركات الذكاء الاصطناعي لتحديد المواقع ذات الموارد والظروف الشمسية المثلى، وكذلك للتحقق من سهولة الوصول للاتصال بالبنى التحتية للشبكة الحالية، أو تحديد المواقع المثالية لما يعرف بـ”التطوير اللاحق”.
تخطيط وتصميم ما قبل البناء: فقبل البدء في العمل، يمكن للتصميم التكراري والرباعي الأبعاد المدفوع بالذكاء الاصطناعي تزويد المقاولين العامين بخطط البناء التفصيلية والجداول الزمنية ونماذج الموقع المعروفة باسم “التوأم الرقمي” وتصميمات المعدات المصممة خصوصًا لمعدات الطاقة الشمسية وظروف الموقع والقيود. أمَّا خلال مرحلة ما قبل البناء، فيمكن استخدام نماذج المعدات والأنظمة الشمسية الافتراضية هذه لاختبار السيناريوهات المحتملة، وتحسين المعدات وتخطيط الموقع، والتصميم من أجل زيادة الكفاءة، مما يساعد أصحاب المصلحة على زيادة مخرجات النظام مع تحديد المشكلات المستقبلية وتجنبها. ويمكن للتخطيط المدفوع بالذكاء الاصطناعي أن يقلل من الحاجة إلى التخصيص والتعديلات في الموقع أثناء (أو بعد) البناء، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في التكاليف. ثم إنه يلغي التأخيرات المحتملة والتغييرات المكلفة في خطة المشروع ونطاقه.
تخفيض تكلفة البناء: لقد قدمت التطورات الحديثة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي حلولاً أثبتت قدرتها على تقليل تكلفة إنشاءات البنية التحتية الرئيسية بنسبة تصل إلى 30%. وتستفيد المشاريع الكبيرة والمعقدة (مثل إنشاء نظام الطاقة الشمسية) بشكل خاص من دعم تحسين البناء المدفوع بالذكاء الاصطناعي، الذي يزيد من استخدام الموارد في الموقع. من إعادة تخصيص العمالة والمعدات إلى الجدولة الديناميكية، يمكن لأدوات التحسين التي تقدمها شركة مثل ما يعرف بـ”تكنولوجيا أليس” ALICE Technologies، أن تسهم في تحسين استخدام الموارد والكفاءة حتى في أكثر مشاريع الطاقة الشمسية تعقيدًا.
التغلب على التأخيرات في البناء: عندما يتعلق الأمر ببناء وتركيب البنى التحتية الرئيسية للمرافق، فإن الوقت يساوي المال. وتعد احتمالية حدوث تأخيرات مكلفة في إنشاء الطاقة الشمسية أو الربط البيني أمرًا حقيقيًا، ولكن عندما يتم إنشاء الطاقة الشمسية بشكل جانبي، يمكن للأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تحديد خيارات لإعادة توزيع الموارد والحفاظ على تقدم المشروع من خلال اقتراح خيارات للمهمة أو المعدات أو إعادة تكافؤ العمالة للحفاظ على استمرار المشاريع إلى الأمام. أمَّا عند حدوث مشكلات في سلسلة التوريد أو نقص في العمالة المتخصصة أو تأخيرات في التوصيل البيني، فإن تعديلات الجدولة أثناء التنقل والتعافي السريع (بفضل الذكاء الاصطناعي) توفر ميزة هائلة في إدارة الإنشاءات المعقدة.
تبسيط الترابط: يتطلب دمج أنظمة الطاقة الشمسية في شبكات الطاقة الحالية تحسين إنتاجها. فنظرًا لأن الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية متقطعة، فإن الدراسة الدقيقة والتخطيط لاحتياجات التوريد والتخزين يعدُّ أمرًا بالغ الأهمية لتجنب الاضطرابات في الخدمة أو إرباك أنظمة الشبكة الحالية. ولضمان التوسع الناجح على نطاق واسع لتوليد الطاقة الشمسية، فإن التحليل والتنبؤ الذي تم إجراؤه بعناية لإنتاج وإمداد الطاقة الشمسية يعدُّ أمرًا محوريًا للتشغيل والتنظيم الناجح.
ومع استمرار استخدام الطاقة المتجددة في التطور والتوسع (أو كحصة من إمدادات الطاقة العالمية)، أصبحت التنبؤات الدقيقة لتوليد الطاقة الشمسية ذات أهمية متزايدة للطلب على الطاقة، وتحسين وقت تشغيل الإنتاج، وتوسيع أنظمة الطاقة وسعة التخزين. وبالتالي، فإن قدرة الذكاء الاصطناعي على تقييم وتحليل كميات هائلة من البيانات المعقدة بدقة، بجانب القدرات التنبؤية التي تسمح له باقتراح مسارات بديلة مبتكرة، يمكن أن تجعله ذا قيمة كبيرة لعملية الترابط.
التنبؤ وتحليل أداء النظام الشمسي: باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن تحليل كميات هائلة من البيانات البيئية بشكل مستمر ومتسق، مما يتيح التنبؤ الدقيق والتعديلات في الوقت الفعلي على الظروف الحالية. إذ يؤدي هذا إلى تحسين التخطيط والتخزين والكفاءة التشغيلية، والقضاء على إهدار الطاقة غير الضروري أو عمليات الإغلاق بسبب الطقس، أو المخاطر البيئية، أو عدم التطابق في العرض أو الطلب، فضلاً عن تقليل أعطال المعدات وتلفها.
إن استخدام الذكاء الاصطناعي يتم بالفعل من قبل بعض مزودي الطاقة الشمسية لتحسين أداء نظام الطاقة والتنبؤ باحتياجات الصيانة. إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد الأنماط التي قد تشير إلى الأداء المستقبلي بناءً على الظروف الشمسية والبيانات البيئية وسجلات الصيانة السابقة، فضلاً عن توقع التحديات المستقبلية واحتياجات الإصلاح أو الترقيات المحتملة. ونتيجة لهذه المعلومات، يمكن إنشاء جداول أداء وصيانة محسّنة، مما يزيد من كفاءة النظام إلى أقصى حد على المدى الطويل.
جدولة الطلب: فيما يتعلق بما ورد آنفًا، يتم دعم تحليل استخدام الطاقة الشمسية والتنبؤ المستقبلي للطلب على الطاقة من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعي. إذ يمكن أن يؤدي ضعف التنبؤ بالطلب إلى انقطاع التيار الكهربائي وتقليص الطاقة المتجددة. ومع ذلك، تمتلك أنظمة الذكاء الاصطناعي القدرة على تحديد أنماط الاستخدام المعقدة وإبراز المشكلات المحتملة قبل حدوثها. فباستخدام بيانات الاستهلاك التاريخية، يمكن للذكاء الاصطناعي توفير نظرة ثاقبة لطلب المستهلك (على أساس فردي وجماعي)، وكشف البيانات المفيدة لتحسين النظام.
تقليل النفقات التشغيلية والمخاطر: من خلال التطبيق الذكي للذكاء الاصطناعي، يمكن لمطوري الطاقة الشمسية تقليل التأخير وتقليل تكاليف البناء وتحسين وقت المشروع حتى الانتهاء. فخلال دورة حياة مشروع الطاقة الشمسية، يمكن أيضًا تطبيق الذكاء الاصطناعي لزيادة إنتاج الطاقة الشمسية، مع تقليل النفقات التشغيلية والمخاطر. إن ذلك ليس سوى البداية؛ فلا شك أن اكتشاف تطبيقات جديدة للتقنيات التي يحركها الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يوفر مسارات أكثر إشراقًا للابتكار في مجال الطاقة الشمسية مع نضوج الصناعة وتطورها.
ولتحقيق الأهداف العالمية المتمثلة في انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، فإن قطاع الطاقة المتجددة سوف يحتاج إلى كل المساعدة التي يمكنه الحصول عليها. وعندما ينضم مؤيدو الطاقة الأكثر خضرة ونظافة إلى إشادة الذكاء الاصطناعي، سنبدأ في رؤية تطورات حقيقية وبسرعة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات*
المصدر: Solar Builder Magazine
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر