“الذئاب المنفردة”.. تحولات تفرض مواجهة جديدة | مركز سمت للدراسات

“الذئاب المنفردة”.. تحولات تفرض مواجهة جديدة

التاريخ والوقت : الأحد, 17 أبريل 2022

وليد عتلم

 

 

التأسيس لمفهوم جديد في قضايا الإرهاب:

ظهر اصطلاح “الذئاب المنفردة” بصورته الجلية في وسائل الإعلام والأوساط السياسية الغربية، وهو نسبياً مفهوم جديد الإطلاق في علم السياسة وطور التشكيل في هذا الحقل المتغير، وهو في طريقه إلى القواميس والمعاجم المتعقلة بحقل العلاقات الدولية. وإذا ما عدنا إلى سبب ربط هذا النمط بكلمة الذئاب، ذلك لأن الذئاب هي تلك الحيوانات التي لديها القدرة على اقتناص الفرص والغدر في الوقت نفسه.

التعريف:

الذئاب المنفردة”: هم أشخاص يقومون بعمليات مسلحة بوسائل مختلفة بشكل منفرد بدوافع عقائدية، أو اجتماعية، أو نفسية، أو حتى مرضية دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، ومن دون أن يكون لهم ارتباط مباشر بشبكة على الأرض المستهدفة.

ومن الناحية النظرية؛ يُعرَّف إرهاب الذئب المنفرد بأنه “قيام فردٍ ما بعمل يُصنَّف من قبل السلطات على أنّه عمل إرهابي دون ارتباط هذا الفرد بجماعة إرهابية؛ سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة”. وفي بعض الحالات؛ فقد تم إلصاق هذا المفهوم بالأفراد الذين قاموا بعملٍ جُرمي كالقتل؛ دون ارتباط القاتل بجماعة منظمة؛ على النحو الذي شوهد في حالات الهجوم المرتبطة بجماعات يمينية متطرفة أو معادية للإجهاض في الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المهم الإشارة هنا إلى أنّ مفهوم إرهاب الذئب المنفرد تطور مع تطور مفهوم الإرهاب بموجاته الأربع -كما قدّمه ديفيد رابابورت في أواخر السبعينيات من القرن المنصرم- وهي: الأناركية، والمناهضة للاستعمار، واليسار الجديد، والدينية.

واستناداً إلى التعريفات السابقة؛ فإنه يمكن التفرقة بين نوعين من الذئاب المنفردة، النوع الأول الذي تقوده دوافع نفسية عاملهُ نفسي، فقد يكون الشخص يعاني من تحديات عائلية أو وظيفية أو مجتمعية فيقوم بإطلاق طاقته السلبية نحو الآخرين، حيث يقوم بالانتقام من محيطه من جهة، وحتى يشار إليه بالبنان والبحث عن الشهرة من جهة أخرى. أما النوع الثاني وهو الأكثر خطورة وانتشاراً فيكون ذو توجهات عقائدية أو أيديولوجية أو قومية.

في هذا السياق، تقول صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن هناك نوعين من “الذئاب المنفردة” هما “المجنون” و”الشرير”، وتستشهد الصحيفة على ذلك بالطبيب النفسي الأمريكي نضال حسن الذي أطلق النار في قاعدة “فور هود” العسكرية وقتل 13 عسكريا عام 2009، ورفض الاعتراف بأنه “مذنب.

في المقابل، تتحدث الصحيفة عن المهاجر الإيراني، مان هارون مونيس، الذي احتجز عشرات الرهائن في مقهى بمدينة سيدني الأسترالية خلال ديسمبر 2014، وكان يعاني اضطرابات نفسية. ووصفه محاميه السابق بأنه “مصاب بجنون العظمة وصاحب سجل جنائي وعمل في السحر”.

بدورها، تشير صحيفة الديلي تليجراف البريطانية إلى حادث قيام المواطن الكندي مايكل زحاف بيبو بقتل جندي وإطلاق النار داخل البرلمان في العاصمة الكندية أوتاوا. وترجح الصحيفة أن يكون الهجوم رد فعل على قرار كندا المشاركة في العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

في هذا السياق؛ يشير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في كتابه “ظاهرة الذئاب المنفردة – الصور والدوافع وسبل المكافحة” إلى أن “دوافع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها الذئاب المنفردة، قد تكون بدوافع نفسية من التعصب العرقي، أو سوء فهم التراث الديني في أصول العقيدة، لافتًا إلى أن الظاهرة تنشط في أوقات ضعف التنظيمات المتطرفة في غالب الأمر، ما يرجح دوافع لعودة ظاهرة “الذئاب المنفردة” مع تراجع قدرة التنظيمات الإرهابية بشكل كبير على تدبير اعتداءات واسعة النطاق يتم التخطيط لها مركزيا، بعد الضربات الأمنية الاستباقية المتتالية التي تعرضت لها.

السمات.. إرهاب بلا قيادة أو تنظيم:

لم يطلق اصطلاح الذئاب المنفردة إلا بعد مباغتة تنظيم القاعدة وتنظيم “داعش” الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية بعمليات مسلحة على أراضيها من أشخاص لا يبدو عليهم التدين ولا مظاهر التشدد كما يصفها الغرب.

1- ظاهرة فردية:

يقول الباحثان في “برنامج حول التطرف” في جامعة جورج واشنطن، ألكسندر ميلياغرو-هيتشنز، وسيموس هيوز؛ إن الأدلة تشير إلى أن العديد من منفذي الهجمات المعروفين بـ”الذئاب المنفردة” لتحركهم بمفردهم، يتلقون في الواقع التشجيع والتوجيه من عناصر في تنظيم الدولة الإسلامية يدفعونهم لتنفيذ هجمات يمكن للتنظيم لاحقا تبنيها. ويذهب الباحثان إلي أن “ثمة أشخاص يبادرون إلى ابتكار أساليب جديدة لنشر العقيدة الجهادية وتشجيع الهجمات”.

والجديد وفقاً لتلك الدراسة، هو أن هؤلاء الأفراد الذين أطلق عليهم الباحثان تعبير “المدربين الافتراضيين” يعملون على ما يظهر بصورة مستقلة لتطوير مخططات اعتداءات بعيدا عن أي إشراف أو توجيه من قادة تنظيم الدولة الإسلامية، مستخدمين شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الرسائل المشفرة.

وتابع الباحثان “يتهيأ لنا أنهم متروكون إلى حد بعيد لشأنهم، مع وسائلهم الخاصة. إنهم يستخدمون حسهم بالابتكار لإيجاد وسائل جديدة لاجتذاب عناصر وتشجيعهم على شن هجمات، وكذلك الظهور بأساليب جديدة لمهاجمة الغرب.

في السياق نفسه، تشير دراسة  صدرت في صحيفة “سي تي سي سينتينل” التابعة لمركز مكافحة الإرهاب في كلية “وست بوينت” العسكرية الأمريكية إلى أن ثمانية مشاريع اعتداءات وهجمات على الأقل من أصل 38 خطط لها أو نفذت في الولايات المتحدة منذ 2014، أي ما يعادل الخمس، دبرها أو نفذها أشخاص أعدهم “مدربون افتراضيون” تابعون لتنظيم الدولة الإسلامية، بما يعني أن “الذئاب المنفردة” نوع مختلف من الإرهاب يعمل دون قيادة أو تنظيم يمكن له أن ينفذ هجماته في أي وقت وفي أي مكان، وهو ما يزيد من صعوبة مواجهته، لأنه يهاجم دون سابق ترتيب او إنذار وعلى نحو مفاجئ.

الحادثة الأبرز في ذلك السياق عملية الدهس والطعن التي شهدتها منطقة وستمنستر في قلب العاصمة الإنجليزية لندن في مارس 2017، والتي نتج عنها مقتل أربعة أشخاص نتيجة الحادث، بمن فيهم الجاني. كذلك حادثة مدينة نيس الفرنسية التي قام فيها مواطن فرنسي من أصل تونسي بقيادة شاحنة لدهس حشود من المحتفلين بالعيد الوطني الفرنسي “يوم الباستيل” في 14 يوليو 2016، والهجوم على بعض المسافرين في أحد القطارات بمدينة فورتسبورج الألمانية، والذي قام به لاجئ أفغاني عمره 17 عامًا مسلح بفأس وسكين، في 19 يوليو 2016، ما دفع عديد وسائل الإعلام الأوروبية ومراكز الدراسات إلى وصف هذا النمط من العمليات الإرهابية بأنه إرهاب “السهم والسكين”.

2- التمويل الذاتي:

كون “الذئاب المنفردة” في أغلب الحالات غير مقترنة بقيادة أو تنظيم، فإنهم يعتمدون بالأساس على التمويل الذاتي. لذلك، في عموم عمليات “الذئاب المنفردة” يلاحظ أنها فقيرة من ناحية الموارد واللوجستيات، حيث يستعين “الذئب المنفرد” بسيارة ونوع واحد من الأسلحة، على عكس العمليات الإرهابية التي تقوم بها التتنظيمات متعددة ومعقدة التنظيم، مثل تنظيمي “القاعدة” و “داعش”، وإن كانت حتى تلك التنظيمات قد توسعت في استخدام نمط “الذئاب المنفردة” وساهمت في شيوعه، حيث تشير إحصاءات مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022 إلى تراجع الهجمات في الغرب بشكل كبير، حيث انخفضت بنسبة 68٪ عام 2021 ، من ذروتها عام 2018. وتركزت العمليات الإرهابية في أوروبا خلال عامي 2018 و2019  على عمليات الطعن وهو النمط الأكثر شيوعاً للذئاب المنفردة، وإجمالاً كان هناك 113 هجومًا في أوروبا عام 2021، وسبع هجمات في الولايات المتحدة. سجلت الولايات المتحدة تحسنًا كبيرًا في تأثير الإرهاب، مسجلة أدنى درجة لها في مؤشر التصنيف العالمي منذ عام 2012. كانت هناك ثلاث هجمات من قبل متطرفين إسلاميين في أوروبا، وهو أقل عدد منذ عام 2014.

3- مخرجات بيئة جديدة للتطرف وشكل جديد للمتطرف:

تتسم غالبية “الذئاب المنفردة” أن أغلبهم يخرجون من أوساط غير متدينة ولا يوجد عليهم أي مظهر من مظاهر التدين، ويصعب وضعهم في شق الإرهاب الديني، بل على العكس نجد أن منهم من يشرب الخمر ويتعاطى المخدرات وله علاقات مع فتيات، وبالفعل كشف ذلك تنظيم “داعش” في كتيب الأمن والسلامة باللغة الإنجليزية الذي وضعه أحد عناصر تنظيم القاعدة باللغة العربية سابقا، ويقدم الكتيب نصائح للخلايا النائمة والذئاب المنفردة في الدول الغربية بما يجب فعله وتجنبه حتى لا يتم اكتشافهم. وارتكز دليل الأمن والسلامة لـ تنظيم “داعش” على كيفية مفاجأة العدو، وتشفير وسائل الاتصال الإلكتروني.

هذا الأمر يفسر أن العمليات التي حدثت في أوروبا والولايات المتحدة قام بها أشخاص تم رصدهم عن طريق كاميرات المراقبة، مما شكل هاجساً امنياً في كيفية تحديد هوية تلك الذئاب إذا كانت جميع المؤشرات التي يمكن تخمينها لمراقبة المشتبه فيه على غرار المنتمين إلى الجماعات الراديكالية في حال ترددهم إلى المسجد أو إلى المراكز الخيرية فإنهم -على عكس الأفراد الذين رصدتهم كاميرات المراقبة- من السهولة بمكان مراقبتهم وتفسير سلوكهم بصورته التراكمية.

واتصالاً بالموضوع، فإن الذئاب المنفردة عادةً ما يكون الانتماء إليها من خلال شبكة المعلومات الدولية -التي تشهد ثورة يوما بعد الآخر وتعددت تطبيقات التواصل من خلالها- تأثراً بما تنتجه الجماعات والحركات الراديكالية من مواد إعلامية مؤثرة، منها على سبيل المثال، نشر صورة طفل ينزف حتى الموت أو امرأة تصرخ للنجدة من ويلات الحروب، فإن تلك المواد تسهل عملية الاستقطاب والتطرف وصولاً إلى تنفيذ عمليات دون أن يبعث الشك فى أجهزة الأمن والاستخبارات لدى الدول المستهدفه.

في هذا السياق، يشير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022، إلى أنه على مدى السنوات الثلاث الماضية في الغرب كان هناك تحول كبير في المحرضين على الإرهاب. انخفضت أعمال الإرهاب الديني بنسبة 82٪ في عام 2021، وتجاوزها الإرهاب ذو الدوافع السياسية، والذي يمثل الآن خمسة أضعاف عدد الهجمات. وأن معظم الهجمات التي تحركها أيديولوجية يسارية أو يمينية يرتكبها أفراد أو مجموعات ليس لها انتماء رسمي إلى منظمة معترف بها. غالبًا ما تكون أهداف هذه الهجمات متشابهة، وعادة ما تكون المنظمات الحكومية أو الشخصيات السياسية، والدوافع متشابهة، حيث كلتا المجموعتين المتطرفة عبر الإنترنت وتحتقران النظام الحالي.

4- ظاهرة ليست قاصرة علي المتطرفين الإسلاميين:

يشير التأصيل التاريخي لمفهوم “الذئاب المنفردة” إلى أن تلك الظاهرة ليست قاصرة علي المتطرفين الإسلاميين، فهذه الظاهرة منذ بداياتها الأولى مارستها كل الحركات المتطرفة من جميع الانتماءات والخلفيات. ففي عام 1995، قام العنصري الأبيض “تيموثي ماكفي” بشن أعنف هجوم إرهابي على الأراضي الأمريكية قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر عندما قصف مبنى ألفريد مورا الفيدرالي في أوكلاهوما سيتي، مما أسفر عن مقتل 168 شخصًا وجرح المئات. وفي 2010، قام جيمس لي الذي يحمل مشاعر عدائية للمهاجرين، باحتجاز ثلاثة أشخاص كرهائن في ولاية ميريلاند. كما قتل العنصري الأبيض ديولن رووف، تسعة من الأمريكيين من ذوي الأصول الإفريقية في الكنيسة التاريخية للسود بتشارلتون بولاية ساوث كارولينا عام 2015.

وقد شجعت التنظيمات الإرهابية ظاهرة الذئاب المنفردة كثيرًا. فعلى سبيل المثال، فإن العنصري الأبيض “لويس بيم” دعا إلى ما يُعرف عام 1983 “بمقاومة بلا قيادة” للحكومة الاتحادية، حيث إن الجماعات الإرهابية التقليدية أصبحت فريسة سهلة للاختراق الحكومي من وجهة نظره، لذا شجع الجماعات الصغيرة والأفراد على العمل بشكل مستقل. كما شجع المقاتل الجهادي أبو مصعب السوري منذ أكثر من عشر سنوات على هجمات الذئاب المنفردة لنفس السبب الذي أثاره “بيم”، وذلك بسبب الخسائر الفادحة التي منيت بها الجماعات الإرهابية عقب 11 سبتمبر، والحرب في أفغانستان والعراق نتيجة المواجهة المباشرة للقوات الأمريكية.

من هنا، فقد اشتهر كل من منطق بيم وأبو مصعب، وشهد إقبالا كبيرًا، فقد وجد عالم الاجتماع Ramon Spaaij، أنه بدءا من عام 1970 إلى 2010 زاد عدد هجمات الذئاب المنفرد في العقد الواحد بنسبة 45% في الولايات المتحدة، وأكثر من 400% في 14 دولة أخرى متقدمة. كما زادت الهجمات في الدول الغربية بعد ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي، حيث وصلت إلى الضعف في الولايات المتحدة وأوروبا خلال عامي 2015 و2016.

5- الإقامة في الدولة محل الاستهداف:

من السمات المتصلة بظاهرة “الذئاب المنفردة” أن الإرهابي الذي يطلق عليه “الذئب المنفرد”، يقيم في كثير من الأحيان، في الدولة التي ينفذ فيها عمليته الإرهابية، مستخدماً الموارد المتاحة في نطاق إمكانياته وبأقل التكاليف الممكنة؛ لذلك فالدراسات المتخصصة في تتبع ظاهرة الإرهاب وأنماطها تشير إلى أن نحو (56) من منفذي هذه العمليات كانوا من مواطني البلد الذي تعرض لهذه العمليات الإرهابية، أي ما يشكل نسبة 73% من إجمالي المنفذين، ويضاف إلى هؤلاء نسبة 14% ممن يتمتعون بإقامة دائمة في البلد الذي نُفّذت فيه العمليات، أو وفدوا من بلد مجاور. وإن نحو 8% فقط منهم تلقوا أوامر مباشرة من “داعش” أو من تنظيم إرهابي آخر لتنفيذ هذه العمليات، أما النسبة الأكبر، أي 92%، فكانوا على صلات غير مباشرة بالتنظيم والجماعات الأخرى.

الذئاب المنفردة” .. واقع جديد يفرض أدوات مواجهة جديدة:

ترجع دوافع شيوع ظاهرة “الذئاب المنفردة” بشكل أساسى إلي تراجع قدرة تنظيم “داعش” على تدبير اعتداءات واسعة النطاق يتم التخطيط لها مركزيا، من ثم بات التنظيم يعتمد على “مدربين افتراضيين” يعملون بصورة مستقلة عن قيادة التنظيم الجهادي لتوجيه “ذئاب منفردة” وحثهم على تنفيذ هجمات محدودة، فقد وجد التنظيم في مساندة وتبني هجمات الذئاب المنفردة متنفسًا جديدًا للادعاء بوجود انتصارات، ورفع الروح المعنوية بين الكوادر الموجودة، وإلهام عناصر جديدة للانضمام للتنظيم.

لذلك، وقف التنظيم دائمًا خلف تلك الهجمات، كما ساهمت التكنولوجيا الحديثة في انتشار تلك الظاهرة، فمنذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح المجال رحبًا أمام نشر الأفكار المتطرفة، ووصولها إلى القاصي والداني، مما زاد من ظاهرة الذئاب المنفردة. على سبيل المثال؛ فإن أحد الإرهابيين المشاركين في قتل كاهن بكنيسة في شمال فرنسا في يوليو 2016، يُقال إنه أعلن عن نيته القيام بذلك عبر وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي.

التجارب الدولية في هذا الشأن في كل من الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، وإسرائيل تشير الي مدي صعوبة مواجهة مثل هذا النمط من العمليات الإرهابية الانتحارية، وهو ما يتطلب الآتي:

أولاً-  تفعيل مفهوم “الأمن الإستباقي” القائم علي المعلوماتية المستمرة والمتواصلة من خلال التجميع والتحديث المستمر للمعلومات والبيانات الخاصة بالعناصر التنظيمية والمشتبه بهم ودوائر اتصالهم، والأنشطة التنظيمية المختلفة لتلك الجماعات، وأماكن وجودها ومقار تدريباتها، وهياكلها التنظيمية، كذلك التحليل المستمر للعلاقات البينية داخل تلك التنظيمات، والعلاقات البينية الخارجية بين التنظيمات وبعضها بعضا، وذلك لإجهاض تلك العمليات قبل أن تبدأ.

ثانياً- تفعيل فكر المراجعات الدينية والفكرية خلال فترات الاحتجاز، خاصة مع العناصر حديثي السن، فكما هم الأقرب للتجنيد هم أيضاً الأقرب والأكثر قابلية لمراجعة وتصحيح الأفكار المتطرفة. فيما يمكن أن نطلق عليه “حضانات التصحيح والاعتدال”.

ثالثاً- العمل علي تفعيل استراتيجية تقوم على عزل الذئب المنفرد وجعله وحيدًا، وبعيدًا عن الاتصال بالجماعات الإرهابية، فكلما كان الذئب المنفرد أقل تفاعلا مع الجماعات المتطرفة التي تقدم له التدريب والتوجيه، كان أقل خطورة.

رابعاً- ضرورة توجيه الأجهزة الأمنية لمراقبة واختراق الحسابات الإلكترونية للجماعات الإرهابية، وممارسة الضغط على الشركات الخاصة، مثل فيسبوك وتويتر لتشديد القيود المفروضة على تلك الحسابات، ومراقبة مستخدميها بانتظام، وتعليق حساباتهم عند الضرورة؛ حيث إن مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي قد يُمكِّن المسئولين من معرفة أماكن تمركز الجهاديين الذين ليس لهم صلات سابقة بالجماعات الإرهابية.

المصدر: مجلة السياسة الدولية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر