سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
هيرالد تريبيون
كقاطرة للتقدم، تمثل عمليات التصدير للقارات الأخرى وإقامة المناطق الصناعية، حلم التصنيع الذي يسعى إليه الأفارقة بعد حصولهم على الاستقلال منذ عقود، آملين تحقيق ذلك تدريجيًا بفضل رأس المال والتكنولوجيا الصينية. فقد ظلت الشركات الصينية تستثمر مبالغ كبيرة في المجتمعات الصناعية والمناطق الاقتصادية الخاصة التي نشأت في العديد من البلدان الإفريقية. كما أن تلك الشركات عازمة على تنويع استثماراتها وجني ثمار العولمة،فقد لعبت الصين دورًا هامًا في التحول الاقتصادي بإفريقيا، وهو ما ساهم بقوة في توليد الثروات وخلق فرص العمل.
وتجدر الإشارة إلى أن التجمعات الصناعية في منطقتي “ميكيلي” و”كومبولتشا” بأثيوبيا، اللتين أقامتهما الشركات الصينية بتكلفة 100، و90 مليون دولار أميركي على التوالي، أصبحتا رمزًا لطموح البلد الشرق إفريقي، في أن تصبح مركزًا صناعيًا. كما أصبح منطقة “هاوسا” الصناعية، التي أسهمت في بنائها شركة الإنشاءات المدنية الصينية، والتي افتتحت في يوليو 2016، نموذجًا لجذب شركات تصنيع التكنولوجيا في قطاع المنسوجات والملابس. وكما يصرح “أركيبي أوكباي” رئيس مجلس إدارة الهيئة الصناعية الأثيوبية لوكالة “شينخوا”، فإن الاستثمارات الصينية تتلاءم مع الصورة العامة للتنمية الصناعية في أثيوبيا، حيث أعلن “أوكباي” عن إقامة المزيد من المناطق الصناعية لضمان أن يسهم التصنيع بنحو 20% من الناتج المحلي للبلاد، فضلاً عن 50% من الصادرات بحلول عام 2025.
وفي ذات الوقت، تعتمد كينيا – أيضًا – على الاستثمار الصيني في مجال البنية التحتية الحديثة لتنمية القطاع الصناعي لديها، ويشكل خط السكك الحديدية القياسي في نيروبي – مومباسا مثالاً يحتذى به.
ويعتبر خط السكة الحديد الذي افتتح في منتصف 2017 بمثابة مشروع رائد في رؤية كينيا لعام 2030، وهي الخطة الاستراتيجية التي تسعى كينيا من خلالها لتطوير قوة تدفع منطقة شرق إفريقيا إلى دولة حديثة ومتوسطة الدخل.
ذلك أن مشروع السكك الحديث، إنما هو نتاج لمبادرة “الحزام والطريق” التي اقترحتها الصين، إذ لن يؤدي فقط إلى تعزيز التجارة عبر الحدود والتكامل الإقليمي، بل سيعمل – أيضًا – على تنشيط القطاع الصناعي في كينيا، الذي يسهم بنسبة 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشير التقديرات إلى أن السكك الحديدية الحديثة التي تمولها الصين، قد عززت الناتج المحلي الإجمالي للبلدان الإفريقية بنسبة 1.5%، حيث ساهمت في خلق ما يقرب من 50 ألف فرصة عمل بكينيا.
كما وظفت شركة “سي إتش جيرمنتس” C & H Garments Ltd، وهي شركة استثمارية صينية متخصصة في صناعة الملابس ذات الطابع الإفريقي، بالإضافة إلى الزي الرسمي للقوات الرواندية، نحو 1500 شخص حتى الآن.
وبجانب توفير فرص العمل، تساعد الشركات الصينية – أيضًا – القوى العاملة المحلية على تنمية المهارات، حيث ساهمت في ثورة التصنيع بالبلدان الإفريقية، بما في ذلك تنزانيا.
وتعتبر شركة “صن شاين” الصناعية ، ومقرها دار السلام، واحدة من أكبر الشركات المستثمرة في قطاعات التعدين والتصنيع في تنزانيا. وفي هذا يقول “كريشنا” رجل أعمال وشريك للشركة الصينية منذ عام 2014، إنه استفاد بشكل كبير من ذلك النشاط، ويضيف “كريشنا” أن العمل مع شركة “صن شاين” الصناعية لم يقدم المهارات والخبرات التجارية فحسب، بل إنها ساهمت في طريقة تفكيره، وكذلك الأمر بالنسبة للعديد من المستثمرين المحليين أمثاله.
وقد تلقى مجموعة من الأفراد تدريبًا عاليًا بما يشكل عائقًا أمام تطوير الصناعاتكثيفة العمالةفي تنزانيا، وهو ما يفسر أهمية التدريب المهني لكافة الشركات الصينية التي تسعى إلى تطوير نفسها بالقارة الإفريقية، كما يذهب “توني صن” المدير التنفيذي لشركة “صن شاين”.
آفاق المستقبل
يتفق المراقبون وصناع السياسات والدبلوماسيون على أن التعاون الصناعي بين الصين وإفريقيا ذو مستقبل واعد، وأن ثمة حاجة إلى تعزيزه على المدى البعيد؛ ذلك أن تطوير المناطق الاقتصادية الخاصة التي تلعب الشركات الصينية دورًا كبيرًا فيها، من شأنه أن يعزز نمو الصناعات المحلية ويخلق فرص العمل للشباب. وفي هذا السياق يشير “عبيد بابيلا”، نائب وزير الحكم التعاوني في جنوب إفريقيا، إلى أن بلاده تعمل على تطوير وتنشيط أجندة الصناعة في إفريقيا، وستكون موضوعًا رئيسيًا في قمة “بكين” لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي التي ستنعقد في سبتمبر المقبل.
وتحت عنوان (الصين وإفريقيا: نحو مجتمع أقوى من خلال مستقبل مشترك عبر التعاون والمنفعة المتبادلة)، يتوقع أن تدفع قمة “بكين” القادمة المشاركين فيها من الأفارقة والصينيين إلى مواصلة التعاون على مستوى عال من الجودة ودعم آفاق المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة.
وبالتطلع إلى المستقبل، ستواصل الشركات الصينية جهودها في تعزيز التنمية الصناعية بإفريقيا؛ فقد تقدمت العديد من الشركات الصينية بطلبات للحصول على تصاريح لإنشاء مصانع في أوغندا والعمل في مجال تصنيع مواد البناء والأدوات المنزلية، وهو ما يعني أن الشركات الصناعية المعتمدة ستصبح ملتزمة بإنتاج منتجات عالية الجودة، ومن ثَمَّ المساهمة الإيجابية في جهود التصنيع بأوغندا، كما يقول “غودوين موهويزي”Muhweziمدير الاتصالات في المكتب الوطني الأوغاندي للمعايير. ذلك أنه مع تقدم الشركات الصينية، فإن الحكومات الإفريقية تدعمها من خلال تكثيف الإجراءات اللازمة في وقت قصير، وهو ما يعكس إرادة الدول الإفريقية في خلق البيئة المواتية لجذب الاستثمارات الصينية في القطاع الصناعي، كما يصرح “رافائيل توجو” الأمين العام لحزب اليوبيل الحاكم في كينيا، لوكالة الأنباء الصينية “شينخوا”.
وعلى ذلك، فمن الأهمية بمكان أن تنخرط الصين في تنمية القطاع الصناعي الذي يمثل عاملاً مهمًا للازدهار الاقتصادي وخلق فرص العمل للشباب العاطلين، ما يسهم في الحد من الفقر بدرجة توضح الدور الصيني في تنمية الدول الإفريقية؛ إذ لا توجد سابقة في تاريخ البشرية مماثلة لذلك الدور الذي تلعبه الصين بشكل يسهم إمداد الأفارقة بوميض الأمل، كما يقول “توجو”.
المصدر: صحيفة هيرالد تريبيون
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر