الدعاية الجديدة تعكس هوس إيران القديم بالمعارضة الديمقراطية | مركز سمت للدراسات

الدعاية الجديدة تعكس هوس إيران القديم بالمعارضة الديمقراطية

التاريخ والوقت : الأحد, 3 مارس 2019

أليو فيدال كوادراس

 

نشرت مجلة “دير شبيجل”، أخيرًا، مقالاً عن منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية المعارضة، إذ كرَّر المقال عرضًا لقائمة الأكاذيب والاتهامات العارية من الصحة التي يوجهها النظام الحاكم في إيران للجماعة التي يعيش 2000 من أعضائها حاليًا في ألبانيا. وقد لاحقت هذه الاتهامات أعضاء منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية بمقر إقامتهم السابق في معسكر “أشرف” الذين أجبروا على الفرار تحت ضغط من الجماعات المسلحة العراقية التابعة للنظام الثيوقراطي الحاكم في إيران.

ومن بين المهتمين بشؤون الشرق الأوسط، فإن هناك عددًا قليلاً نسبيًا قد تابعوا التغطية الإعلامية حول “مجاهدي خلق”. لذا، فإن العديد ممن يقرؤون الروايات التي تقدمها الصحف، مثل “دير شبيجل”، يلاحظون ادعاءات كاذبة للمرة الأولى؛ ذلك أنهم لا يدركون أن الكثير من الروايات التي يتم ترويجها تعود إلى وزارة الاستخبارات الإيرانية وغيرها من القائمين على الدعاية الإيرانية. ثم إن العديد من المراقبين يدركون أن طهران لديها هوس بتدمير منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية بشكل فعلي منذ وصول النظام الثيوقراطي إلى السلطة.

وهذا ما يرجع إلى أن منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية كانت دومًا من أبرز المدافعين عن البديل الديمقراطي للنظام الثيوقراطي الذي أسسه “آية الله الخميني” عام 1979. وقد كان أعضاء المنظمة من بين أولئك الذين تمَّ استهدافهم حينما شرع نظام “الخميني” في مساعيه للسيطرة على الأوضاع عقب وصوله للسلطة مباشرة. وفي عام 1988، كانت “مجاهدي خلق” هدفًا لحملة الإعلام الذي تبناها نظام “الخميني”.

وفي غضون بضعة أشهر، كان بعض السجناء السياسيين يتم تقديمهم للمحاكمة بشكل منهجي على خلفية انتماءاتهم السياسية. وقد كان من المقرر شنق أولئك الذين فشلوا في إظهار ولائهم للنظام الوليد بشكل جماعي ودفنهم في مقابر جماعية سرية. وفي النهاية، قُتل ما يُقدَّر بنحو 30 ألف شخص، على الرغم من أن هذه التقديرات غير دقيقة لأن النظام نفذها بشكل سري، في حين أن المجتمع الدولي لم يتابعها على نحو ملائم أو رسمي.

وحتى أكثر التقارير الدرامية عن مذبحة 1988 لم تتصل بسوى عدد من الأعمال العنف الظاهرية التي يشنها النظام الإيراني ضد المعارضين السياسيين بشكل عام، ولا سيَّما منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية. وفي هذا يقال إن أكثر من 100 ألف عضو ومؤيد للمنظمة قتلوا بالإعدام والتعذيب والاغتيال والاستهداف بالخارج على مدى الأربعين سنة الماضية. لكن مجلة “دير شبيجل” أغفلت ذلك في مقالها الأخير، بجانب الكثير من الأقاويل التي تكشف أكاذيب النظام في مساعيه لتدمير أعدائه السياسيين.

وبالرغم من مجزرة 1988 وغيرها من عمليات القتل، فإن “مجاهدي خلق” نمت وتطورت من حيث الشعبية والقوة التنظيمية على مرِّ السنين، وأصبحت جزءًا من ائتلاف معروف باسم “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، الذي يقود مسيرة لـ”حرية إيران” كل صيف بالقرب من باريس، وهو الحدث الذي يشارك فيه ما يقرب من 100 ألف من المغتربين الإيرانيين والموالين الذين لهم ارتباطات بمجالات السياسة والدفاع والاستخبارات والأوساط الأكاديمية بالولايات المتحدة وأوروبا ومعظم أنحاء العالم، وقد نشطت اجتماعات ولقاءات هذا المجلس في باريس العام الماضي.

وفي شهر يونيو الماضي نجح “التجمع الوطني للديمقراطية والانتخابات” في استقطاب اثنين من الإرهابيين التابعين للنظام الإيراني رغم توقيفهما على الحدود الإيرانية وبحوزتهما حوالي 500 جرام من المتفجرات كانا قد حصلا عليها من أحد الدبلوماسيين الإيرانيين رفيعي المستوى، وهو “أسد الله أسعدي” الذي اعتقل من قبل السلطات الأوروبية مع اثنين من الانتحاريين، وهو الحادث الذي سلط الضوء على رغبة طهران المستمرة في القضاء على حركة المقاومة الديمقراطية بأية طريقة. وفي عام 2018 ألقي القبض على ناشط إيراني في ألبانيا بتهمة التخطيط لهجمات على تجمع تابع لـ”مجاهدي خلق” الإيرانية، وتمت إدانة جاسوسين في المحكمة الفيدرالية الأميركية قاما بجمع معلومات استخباراتية بدا أنها مهدت للهجمات التي تمت على نشطاء المقاومة في الولايات المتحدة.

والملاحظ على المناقشات الأخيرة حول الشؤون الإيرانية، وكذلك ما حدث في مؤتمر “وارسو”، أخيرًا، بشأن سياسات الشرق الأوسط ومؤتمر “ميونيخ” للأمن، أنها لم تخفِ الشكوك بشأن باستعداد طهران لمواصلة استخدام الإرهاب في محاولة لتعزيز قبضتها على السلطة.

وفي أعقاب تلك المناقشات، ينبغي أن ندرك أن مثل هذا النظام أكثر استعدادًا لاستخدام الأكاذيب والدعاية كجزء من سياساته. فمثل هذه التكتيكات تحمل مخاطر، بالتوازي مع طهران لإقناع صانعي السياسة الغربيين المحتملين بقبول دور عالمي لدولة رائدة في الإرهاب في العالم، بافتراض أنه لا يوجد بديل آخر. لكن الواقع أنه يوجد بديل آخر، وقد تبناه الشعب الإيراني على نطاق واسع حينما شارك في مظاهرات على مستوى البلاد ضد النظام الثيوقراطي طوال عام 2018. وحتى المسؤولون الإيرانيون أقروا بخطورة هذه الاحتجاجات، التي رفعت شعارات “مجاهدي خلق” و”المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”.

وعلى النقيض من الصورة التي حاولت طهران تصديرها عن المعارضة الديمقراطية الإيرانية، حددت “مريم رجوي” رئيس المجلس الوطني للمقاومة، خطة من 10 بنود لمستقبل البلاد تنصُّ بوضوح على إجراء انتخابات حرة، واحترام حقوق الإنسان، والمساواة بين الرجل والمرأة، والفصل بين الدين والدولة، وكافة المبادئ الأساسية للحكم الديمقراطي التي يعارضها النظام الثيوقراطي منذ 40 عامًا. وقد حصل البرنامج السياسي للسيدة “رجوي” على دعم مئات من أعضاء البرلمان الأوروبي والبرلمانات الأخرى في جميع أنحاء العالم.

والآن، فقد حان الوقت لكي تعترف الحكومات الغربية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل ديمقراطي للديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر/ أوراسيا ريفيو

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر