الدبلوماسية العامة الرقمية وتجربة المكسيك | مركز سمت للدراسات

الدبلوماسية العامة الرقمية وتجربة المكسيك

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 29 أغسطس 2017

أسماء الصياح

 

في دراسة حالة الدبلوماسية العامة في المكسيك، يذكر “فرناندو مورا”، أن العوامل الهيكلية والنظامية، تعرقل الدبلوماسية العامة المكسيكية التي تؤدي دورًا هامًا في تحقيق أهداف السياسة الخارجية. فاعتبارات المكسيك التاريخية والجغرافية والسياسية الفريدة، يمكن أن تعوق الدبلوماسية العامة، أو تكون بمثابة محفزات للنمو المستدام. إذ يذكر “مورا” في دراسته، أنه خلال فترة رئاسة فيليبي كالديرون، كانت الحاجة لنشر أخبار الاعتقالات والإنجازات ضد عصابات المخدرات على مستوى عالٍ؛ وهو ما أعاق جهود الدبلوماسية العامة.

ففي عام 1993، كانت القضايا الاقتصادية تُهيمن على التغطية المكسيكية في الصحافة الأميركية – وهي الفترة التي كانت تعاني فيها المكسيك أزمة اقتصادية – وكانت 13٪ فقط من المقالات في صحيفة نيويورك تايمز وصحيفة وول ستريت جورنال، تتعامل مع الجريمة والفساد والهجرة غير الشرعية. وفي المقابل، فإن 84% من المقالات التي نُشرت في عام 2010، في الصحيفتين أنفسهما، كان محتواها عن الجريمة أيضًا.

ونتيجة لذلك، فإن المواطن العادي الأميركي، يربط المكسيك بنسبة أقل بالفرص الاقتصادية، وبنسبة أكثر بالعنف والفساد والهجرة غير الشرعية.

وفي المجال الرقمي، ذكر الباحث بعض المساهمات البسيطة للمواقع الإلكترونية في تحسين الصورة الذهنية عن المكسيك، وتحديدًا في مجال السياحة. أمَّا ما يخص شبكات التواصل الاجتماعي، فكانت معظم السفارات المكسيكية والقنصليات في الخارج، لا تفتتح حسابات تويتر، أو صفحات فيسبوك، خلال إدارة كالديرون، فقد كانت تفتقر إلى استراتيجية حكومية واسعة ومتماسكة، فمالت إلى أن تكون أحادية الاتجاه، وفي معظم الحالات، لم تتشارك مع الجماهير المحلية.

ويقترح “مورا” مسارين للدبلوماسية العامة في النظام القادم: مسار واحد للولايات المتحدة على وجه التحديد، ومسار لبقية العالم. وفي كلتا الحالتين، يجب على سكان المكسيك المشاركة في الحوار والاتصال الخاص بها لصالح سمعة المكسيك الدولية.

ولكن: ما هدف السياسة الخارجية للمكسيك من الإنترنت؟ يجيب “ويليام دوتن” بأن المكسيك في رؤية مشروعها “المكسيك العالمية Global Mexico”، إلى جانب كل الدول الأخرى في العالم، لديها مصلحة حيوية في تشكيل إنترنت مفتوح وآمن وعالمي. هذه الصفات الثلاث – الانفتاح والأمان والعالمية – تشرح الكثير حول سبب انتشار الإنترنت على نطاق واسع، ويعمل جيدًا في خلال العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين.

وفي سياق آخر، يذكر “بريتني هاريس” أن مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة تويتر، هي أدوات هامة في تعزيز ممارسات السياسة الحكومية، إلا أن السياسة الحكومية كممارسة أنتجت سمعة سلبية، بسبب التدفق التقليدي غير المتوازن للمعلومات من أعلى إلى أسفل، الذي هيمن على هذه الممارسة.

إن تكيُّف الدبلوماسية في عصر الإنترنت، سيكون تحديًا في تاريخ الدبلوماسية، إذ إن شبكة الإنترنت تطور جديد وخطير، وفي كثير من النواحي، قد تستغرق زمنًا طويلاً حتى يُعرف مزاياها وعيوبها، ولكن الدبلوماسية تتطور من حيث اختيار دبلوماسيين معينين لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة كمصادر للمعلومات، أو وسيلة للوصول إلى جمهور جديد. ولمَّا كانت الدبلوماسية، كثيرًا ما تقود الأحداث وتجعلها أكثر استقرارًا، فإن شبكة الإنترنت أصبحت ضرورة أساسية للدبلوماسية، كما أصبحت بالنسبة للصحافة، ومع ذلك، لا يمكن أن تترك في معظم النواحي للصدفة. ومن المرجح أن تتطلب التزامًا واضحًا لفهم فعالية استخدام وسائل الإعلام الجديدة في تحقيق السبل التي تدعم وتعزز أهداف السياسة الخارجية، مثل “Global Mexico”.

ويواصل “مورا” قوله بأن مهارات التعامل مع الآخرين وشخصية الدبلوماسي التقليدية، لا يُحتمل أن تتفوق في الإنترنت. ومع ذلك، فإن الدبلوماسية قد تتطور، ويمكن أن تُدمج موهبة الدبلوماسي التقليدي مع مواهب المدِّون الماهر في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتحليلات الحسابية، بدلاً من القلق: أتحلُّ الإنترنت محل الدبلوماسيين أم لا.. وعلى ذلك، ينبغي أن يكون التركيز على كيفية استخدام الإنترنت بطرق جديدة وفعالة لتعزيز الدبلوماسية الدولية. فالقيادة بالأسلوب الهرمي من أعلى، وكذلك من أسفل إلى أعلى، ستكون حاسمة لتحرُّك الدبلوماسية في العصر الرقمي.

@asmasay1

[email protected]

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر