سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
هاني ياسين
حالة من الفوضي غير المحسوبة، جاءت بسبب انتشار التفجيرات بشكل عشوائي في العديد من الأماكن بمصر وغيرها من البلدان العربية والغربية من خلال عبوات ناسفه بدائية الصنع يتم تجميعها من خلال مكونات بسيطه وطريقة تحضير مستلهمة عبر الصفحات والمنتديات الجهادية بالإنترنت، يتم زرعها في أماكن تجمّع اللجان الشرطية والأكمنة الأمنية، وذلك عبر اشخاص مجهولون يقومون بزراعتها في اماكن مختلفة.
ويكمن الخطر هنا أنها تصيب ولا تفرق بين مدنيين أو عسكريين ومن ثم تشكل حالة من الخطورة والقلق وتثير موجة من عدم الأمان فضلاً عن صعوبة السيطرة عليها أو التكهن بأماكن حدوثها لتفادي وقوعها مبكراً.
العمليات الإرهابية التي وقعت خلال الفترة الماضية في مناطق عدة من العالم ومنها مصر، تبنتها العديد من الجماعات المتصلة بشكل مباشر أو غير مباشر بتنظيم القاعدة أو تنظيم داعش، إن لم هذا التواصل تنظيمياً فلا يخلوا أن يكون تواصلاً فكريًا ومنهجيًا في المقام الأول، الأمر الذي ولدّ ما يعرف بالخلايا العشوائية.
فوجود جماعات صغيرة العدد أو حتي أفراد يعتنقون الأفكار الجهادية ويرتبطون ايديولوجيا بتنظيمات متشددة علي غرار القاعدة أو داعش، ويقومون بالتخطيط لعمليات إرهابية بصورة مستقله ووفقًا لمقتضيات الواقع والبيئة التي يعملون بها وفي حدود الإمكانات التي في حددود قدرتهم.
في هذه الحالة لم يعد الخطر الآن يكمن في التنظيمات أو الجماعات المعروفة سلفاً فكراً وتنظيماً وأفراداً، وإنما بات الخطر يكمن في المجموعات العشوائية الصغيرة التي تُنشئ بشكل مجهول من قبل أفراد جدد غير معروفين، ومن ثم تعطيهم هذه الميزة حرية الحركة بسهولة ويسر ويصعب رصد تحركاتها أو خططها مع ما يتمتعون به من كفاءة في استخدام وسائل التواصل الحديثة.
هذه المجموعات أو الخلايا دائماً ما يكون بينها عامل مشترك أو روابط مشتركة، قد تكون في صورة صداقة أو زمالة أو جيرة أو علاقات نسب ومصاهرة أو شراكة تجارية، إقتصادية أو إجتماعية، لأن عنصر الثقة والأمان في هذه الحالة يكون متوفراً بقوة وهو ما تستلزمة هذه النوعية من التجمعات.
وقد لعبت الشبكة العنكبوتية دوراً هاماً في رسم وتشكيل هذه الخلايا عبر صفحات التواصل الأجتماعي الكثيرة والممتدة والتي تحوي مواد علمية كثيرة بداية من تشكل الخلية مرورا بعنصر التأمين وتصنيع العبوات المفجرة وعمليات الرصد والتنفيذ والخطط وصولا إلي تأمين ما بعد التنفيذ، فلم يعد الأمر يمثل صعوبة مثل السابق، وأصبح يسيراً علي عدد من الأشخاص ثلاثة أو خمسة تشكيل خلية تقوم بتنفيذ عمليات في مناطق عدة بنوع من السهولة.
ولم يقف دور المواقع والمنتديات المسماة بالجهادية عند هذا الحد، بل تقوم بعرض خدماتها علي مثل هذه الخلايا بغية تحفيذهم علي العمل وتوفر لهم الدعم الفني والتقني وترسم لهم الخطط وتختار معهم الأهداف وأنسب الوسائل للتنفيذ، وزيادة علي ذلك الدعوة لتشكيل هذه الخلايا ومد يد العون لهم لتنفيذ الأعمال.
الأمر لم يعد قاصراً علي الشباب فقط، فقد دخلت الفتيات أيضا في ركاب هذه الخلايا بشكل منفصل أو مختلط مع الشباب، لكن في هذه الحالة يكون هناك ارتباط شرعي بينهم كزوجة أو شقيقة لكون هذه الخلايا تنشئ من منطلق ديني يهتم بمثل هذه المسائل الشرعية، حتي وإن كان ما يفعلونه مخالفاً للدين والشرع لكن هو في عرفهم ومنهجهم أمر مباح بل واجب تنفيذه.
الأمر يبدو في ظاهره وباطنه على السواء مؤلماً، ويحتاج لعين البصيرة والحكمة في سد هذا الخلل وإيجاد علاج ناجع لهذه المشكلة قبل أن تتفاقم ويصبح الأمر خارج إطار السيطرة عليه، يحتاج مزيد من التضافر بين الخبراء والمتخصصين الإجتماعيين والنفسيين والسياسيين والأمنين ورجال الدين أيضاً لبحث المشكلة والوقوف علي المسببات وعلاجها.
الأمر يحتاج مزيد من الجهد والمثابرة والبحث خارج إطار الصندوق وترديد الأقاويل والرؤى التي صارت بمثابة “ثيمات” ثابتة لا يعتريها شيء من التطوير أو التغيير ولا تراعي ما جّد وما يستجِد من أمور، تحتاج لمن يفكر بعقل الشباب ويعلم دوافعه ومسبباته وفورة ثورانه ويرشدها.
السيل الجارف لابد له من مجري يحتوي غضبه ويرشّده، لا أن ُيترك فيغرق من حوله، ولا أن نقف في مواجتهه فيأخذنا في طريقه، الأمر يحتاج إلي إحتواء ثورته وترشيدها في مجرى تحت اعيننا ومعيتنا وإلا كانت العواقب وخيمة.
باحث في ملف الإسلام السياسي*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر