الحيز الرقمي لصناعة صورة الدولة | مركز سمت للدراسات

الحيز الرقمي لصناعة صورة الدولة

التاريخ والوقت : السبت, 17 ديسمبر 2016

أسماء الصياح

 

التطور التكنولوجي عمل على تحويل طريقة الإتصال الإنساني بدءاً من الثورة الصناعية وحتى شبكات التواصل الإجتماعي، كذلك نوع الحرية التي كان ينشدها، الأفكار التي يتوصل إليها، والأنشطة التي يمارسها.

فالطفرة التقنية، صنعت من البشر بشراً جدد، غيرت من تركيبة الفكر والرأي والإعتقاد والإهتمام حتى وصلت لحدود الشراكة مع الأخر، واختيار الطريقة والأسلوب التي توفر لهما الرضا ليس على المستوى الشخصي، بل وعلى المستوى الدوليالتكنولوجيا وبقدرتها على ربط الجماعات الإنسانية بمختلف أطيافها في مساحة أصغر وبوسيلة كانت أقرب للخيال منها للواقع في سرعتها، ساهم في تشكيل وعي أكبر بضرورة تنظيم هذا الإتصال وتطويره فيما يعود بالنفع على الجميعكذلك فعلت الدول حيث تقع على كاهلها مسؤولية تنظيم إتصالها بالشعوب والحكومات الأخرى بالمقابل، و حتى يبقى هذا الإتصال مستمر وحيوي كان لابد من سلك الطريق الذي يحظى بهذه الميزات وهي تكنولوجيا الإتصال وتحديداً الإنترنت، الذي يصل الشرق بالغرب بسرعة فائقة، وكذلك ماهو معمول به لدى المتلقي بالمقابل.

و كما ذكر نيكول وستكوت أن تجاهل الإنترنت يشكل خطر، وأولئك الذين يؤمنون بأن الدبلوماسية بالإمكان حملها بنفس الطريقة القديمة سيخسرون القاعدة الأساسية في مقابل الذين يفهمون ديناميات جديدة ويضعونها مكان السياسات لاستغلالها لصالحهم.

فالقطاع الرقمي في مؤسسات الدولة الخارجية، أصبح يشكل منحنى مهم في تشكيل الدولة لصورتها الذهنية لدى الدول الأخرى ومواطنيهاحيث أن المادة الرئيسية والطاقة التي تحتاجها الدول في هذا الميدان هي المعلومات، ورغبة المستخدمين للحصول عليها يتطلب من الممارسين للسياسة الخارجية تقديم أنفسهم حيث تتوفر لديهم هذه المعلومات، وأيضاً حيثما تجري مناقشة القضايا افتراضياً، وإيجاد طرق للمشاركة، وذلك جزء أساسي من القوة الناعمة و التي يحددها “ناي” في مصادر اساسية: الثقافة : حيث يمكن العثور على الجاذبية الثقافية في تاريخ الممثل للقوة الناعمة والايديولوجيا والقيم، والقيم السياسية، والسياسة الخارجية: حين يرى الاخرين أن ممثل القوة الناعمة شرعي ولديه سلطة أخلاقية. إذاً هي الثقافة والشرعية والسياسة الخارجية ما على دولة ما أن تعمل عليه لخلق قوة ناعمة تحقق لها انتصار عالمي بحصولها على تأييد دولي وشعبي على مستوى العالم. 

وتطبيقاً على المجال الرقمي، تتجانس هذه المصادر كصفات للعاملين في مجال السياسة الخارجية لدول حيث من خلال الإنترنت تعمل هذه الجهات على تقديم المعلومات تحمل صبغة ثقافية وقيمية وتزود بها المتلقي بشكل غير مباشر بالقيم والتوجهات والأفكار التي ترغب الدول من خلال ممثليها في تكريسها حول الصورة الإعلامية التي تبثها من خلال قنوات الإتصال.

ففي دراسة لكرستينا ارتشتي 2012، حول ذلك ذكرت فيها بأن سفارات الدول في المملكة المتحدة، بعضها لا تحظى بتغطية إعلامية كبيرة من قبل الحكومة البريطانية، حسب مستوى الإهتمام السياسي التي توجهه نحو أي بلد أجنبي، و مثالاً على ذلك السفارة الألمانية التي عملت على إيجاد وسيلة إتصال بديلة، تمثلت بصفحة على شبكة Facebook بأسم السفارة الألمانية في لندن، حيث تضيف مشاركات يومية، تتمحور حول الأخبار عن الثقافة الألمانية والأنشطة المتصلة بذلك داخل المملكة وخارجها، الآمال والطموحات والرؤى المشتركة.

الإعلام الرقمي اضاف للعملية الدبلوماسية وغير صناعة السياسة الخارجية وترتيب عناصرها، اذ لم يعد هناك رأس هرم بالمعنى الحرفي، ولكن سلسلة العمل اصبحت كشبكة مركزية بإستطاعة الدولة الإتصال مباشرة من خلالها بأي من الحكومات او الشعوب، والتأثير بشكل أسرع وأكبر، ما يلزمها أن تهيئ مسؤوليها وتحدد لهم مقاصدها واهدافها وجمهورها التي تستهدفه، وتدرسه من جميع النواحي: الدينية والثقافية والسياسية والتاريخية، بل حتى ترتبط به عاطفياً بلغته وأنشطته التي غالباً ما يتوحد حولها، بطموحاته وأماله، وأن تربط سياستها في ذلك.

باحثة سعودية *

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر