الحرب الليبية.. صورة عن مصغرة الواقع الجديدة للقرن الحادي والعشرين | مركز سمت للدراسات

الحرب الليبية.. صورة عن مصغرة الواقع الجديدة للقرن الحادي والعشرين

التاريخ والوقت : الأحد, 12 يناير 2020

دربويز

 

منذ أبريل، نفذت قوات الجنرال خليفة حفتر، هجومًا شديدًا في محيط العاصمة طرابلس، في معركة استنزاف مع ميليشيات موالية لحكومة الاتفاق الوطني المعترف بها من قِبَل الأمم المتحدة. وعلى مدار أكثر من نصف عام من هجمات الطائرات بدون طيار والقصف المدفعي، لم تؤدِ إلى إحداث توازن في الصراع، في حين تسبب القتال في وفاة المئات وتشريد أكثر من 140 ألف مدني وإغلاق عددٍ لا يحصى من المدارس والمرافق الطبية.

وبعيدًا عن ساحة المعركة، فإن هناك نزاعًا جيوسياسيًا يبدو على المحك. فمنذ أن أطاحت حملة جوية بقيادة الولايات المتحدة بنظام الديكتاتور الليبي معمر القذافي في عام 2011 ، أصبحت دولة شمال إفريقيا الغنية بالنفط دولةً فاشلةً. وتتصارع حكومتان متنافستان، هما حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فايز السراج، وأخرى مرتبطة بخليفة حفتر، ومقرها في غرب البلاد، على السيطرة وسط وابل من أمراء الحرب والميليشيات، بما في ذلك الميليشيات التابعة للتنظيمات الإرهابية مثل تنظيم “داعش”. وتدعم الأطراف المتصارعة في الحرب قوى خارجية، ومن ثمَّ، فإن دخولها في النزاع بروح أيديولوجية ومصالحها الاقتصادية، جعل مسألة تحقيق السلام أكثر صعوبة.

فقد حظي حفتر، المسؤول السابق في عهد القذافي، الذي ترك النظام وعاش لفترة من الوقت بالخارج، بدعم من عدد من دول المنطقة التي تعتبر أن حكومة السراج تجعل البلاد مرتعًا لجماعات إرهابية، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان.

وفي الآونة الأخيرة، انضم مئات المرتزقة الوافدين من الخارج إلى أرض المعارك. وفي الوقت نفسه، تلقت حكومة السراج مساعدة من تركيا، التي بدأت بعد تصويت برلماني بإرسال عدد من القوات التركية للمساعدة في الدفاع عن طرابلس.

فقد وقَّع الرئيس التركي أردوغان اتفاقية مع حكومة سراج على الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط ​، حيث تسعى أنقرة إلى الحصول على جزء أكبر من موارد المنطقة المائية. ومع ذلك، فقد ذكر بيان وزراء خارجية فرنسا واليونان ومصر وقبرص، هذا الأسبوع، أن اتفاق أردوغان مع جيش حكومة الوفاق باطل، سواء في مناطق تابعة للدول الثلاث أو لأنقرة التي تأمل الحصول على حقوق الاستكشاف.

ووسط مخاوف داخلية حول الحملة الأجنبية إلى ليبيا، استدعى أردوغان الماضي العثماني لبلاده لتبرير التدخل. وقال أخيرًا: “نحن في هذه الأراضي (ليبيا)، حيث صنع أجدادنا التاريخ لأننا دُعينا هناك لرفع الظلم والاضطهاد”.

ويلاحظ على الوضع المتدهور في ليبيا أنه تنبعث منه رائحة حقبةٍ سابقةٍ، عندما حارب القوى الأجنبية من أجل الاستحواذ على الأراضي الغنية بالموارد التي تستهلكها الاضطرابات السياسية. وقد ذكرت افتتاحية في صحيفة “واشنطن بوست” أن “كل ذلك يحدث ــ جزئيًا ــ لأن الولايات المتحدة لم تكن قادرة على ممارسة نفوذها مع المقاتلين وحلفائهم الخارجيين، وبدلاً من ذلك، أرسلت إدارة ترمب إشارات ملتبسة. فهي من الناحية الرسمية تدعم حكومة طرابلس، لكن في أبريل الماضي، تلقى الرئيس ترمب مكالمة هاتفية من خليفة حفتر وأبدى ترمب دعمًا لموقفه”.

وفي هذه الأثناء، يحاول الأوروبيون فرض المصالحة بأقل تأثير. فقد كان سراج في بروكسل هذا الأسبوع، والتقى عددًا من الدبلوماسيين وبعض القوى الأوروبية الرئيسية. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: “نريد منع ليبيا من أن تصبح مسرحًا لحروب كبرى، بل إنه لا يمكن أن تصبح ليبيا سوريا ثانية، لذلك نحن بحاجة إلى الدخول بسرعة في عملية سياسية، والاتفاق على وقف إطلاق نار فعال وحظر للأسلحة”. لكن داخل أوروبا، يبدو أن هناك خلافات حول آليات العمل والتقدم، وبخاصة بين فرنسا التي يُلاحظ ميلها لحفتر بشكل أكثر وضوحًا.

لقد فشلت التزامات أوروبا تجاه ليبيا، وككافة الجهود التي بذلها كل من الروس والأتراك، فقد التقى هذا الأسبوع أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأعلنا معًا وقفًا لإطلاق النار يفترض أنه يبدأ خلال تلك الأثناء. لقد ترك الأوروبيون والأميركيون هذا الصراع يتواصل من أبريل حتى وصل الأمر لطريق مسدود.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: واشنطن بوست

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر