سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Tim Culpan
تكدح شركات التكنولوجيا الرائدة منذ أكثر من عقد لصنع سماعات الواقع الافتراضي، على أمل ظهور حاجة ماسة ومربحة لتلك الأجهزة في يوم من الأيام، وهذا لم يحدث بعد. لكن الجيش الأميركي يرى أن تزويد الجنود بتلك الابتكارات التي يتم ارتداؤها على الرأس سيرفع كفاءتهم ويعزز سلامتهم.
كانت “أوكولس”، التي أسسها بالمر لاكي في عمر 18 عاماً، من أوائل رواد الواقع الافتراضي. وبعد فترة قصيرة، تبعتها شركة “إتش تي سي” للهواتف الذكية. وتصورتا بيع الأجهزة للمستهلكين القابعين في منازلهم يلعبون بكل اندماج أو حتى مشاهدة الحيتان وهي تسبح. كما تحمست “سوني” و”سامسونغ إلكترونيكس” لاغتنام ما أمَّلتا في أن يكون طفرة تنافس عهد الهواتف الذكية.
لكن تلك الأجهزة كانت باهظة الثمن وثقيلة الوزن ومتوسطة الجودة. قد تكون البيئة التي تقدمها افتراضية، لكن الصداع والغثيان كانا واقعيين. فقد بيعت 10 ملايين سماعة في العام الماضي، وفقاً لشركة “آي دي سي كورب” للأبحاث، بينما بيع 1.2 مليار هاتف ذكي.
عالم ميتافيرس
مع ذلك، ما زال بعض المديرين التنفيذيين مقتنعين أن الجميع سيعيشون قريباً في ميتافيرس، حيث يمتزج الإنترنت بالعالم المادي عبر المناظر ثلاثية الأبعاد المتداخلة. فقد خصصت شركة مارك زوكربيرغ “فيسبوك”، كما كانت تعرف حينها، ملياري دولار في 2014 لشراء “أوكولس”، لتغيّر بعدها اسم الجهاز والشركة إلى “ميتا” لتعكس مستقبلاً يتجاوز وسائل التواصل الاجتماعي.
سرّحت “ميتا بلاتفورمز” نحو 10000 شخص آخرين بعد إلغاء 11 ألف وظيفة في نوفمبر، في ظل تزامن انخفاض نشاط الإعلانات مع فشل إطلاق ميتافيرس. خسر قسم “رياليتي لاب” التابع للشركة أكثر من 20 مليار دولار حتى الآن، كما يتوقع القسم الذي يصنع كل شيء من السماعات حتى الصور الرمزية (Avatar)، أن يستمر في استنفاد السيولة العام الجاري.
“مايكروسوفت” تدخل اللعبة
تحاول “مايكروسوفت” أيضاً دخول هذا المجال. لكن عوضاً عن مطاردة المستهلكين، تسعى الشركة للحصول على عملاء من الشركات التي قد تستخدم نظام “هولولينس” (HoloLens) في إطار مهني مثل التعليم الطبي والهندسة. ويحاكي هذا التركيز على المجال تحوّل عملاقة البرمجيات قبل عقد من بيع أنظمة تشغيل الحاسوب إلى الحوسبة السحابية وتخزين بيانات الشركات.
لكن عندما نذكر كبار العملاء، لا يوجد عميل أكبر من الحكومة الأميركية.
“ماجيك ليب إنك” (Magic Leap Inc) الشركة الناشئة التي تجاوزت قيمتها مليار دولار ويقع مقرها في ردموند، فازت بصفقة بقيمة 479 مليون دولار في 2018 لتطوير نموذج أولي من السماعات بالاعتماد على جهاز “هولولنس” للواقع المعزز.
بينما يعزل الواقع الافتراضي الشخص عن العالم الواقعي ويجعله يعتمد بالكامل على المناظر والأصوات التي يولدها الحاسوب، تتفاعل أنظمة الواقع المعزز مع البيئة المحيطة، فيمكن للعيون والآذان أن تشعر بما يحدث، وفي الوقت نفسه تنغمس في بيئة محاكية. أما في الجيش، فغلق مجال رؤية الجندي خلف شاشة أمر في غاية الخطورة. إذ سيصبح كالأعمى حال حدوث فشل كهربائي أو خلل فني.
يرى الجيش الأميركي أن تعزيز حواس الجندي، وليس استبدالها، قد يمنحه الأفضلية، وتتفق معه دول أخرى، فتستخدم إسرائيل هذه التقنية، ولدى الصين نسختها الخاصة منها، فيما تستعد المملكة المتحدة لاستخدام الواقع الافتراضي في التدريب.
اختراع نظارات الرؤية الليلية وتطوير تلك التكنولوجيا أتاح للجيش الأميركي “السيطرة على الظلام” وتنفيذ العمليات عالية الخطورة من خلال الاستفادة من تفوقهم البصري فيها، مثل الغارة التي قتلت زعيم القاعدة، أسامة بن لادن، في باكستان 2011. لكن انتشار نظارات الرؤية الليلية بين جماعات المعارضة المسلحة والمنظمات الإرهابية في أنحاء العالم قلل من هذا التفوق.
يمكن للواقع المعزز أن يقدم للوحدات العسكرية النوع ذاته من الهيمنة التي وفرتها الرؤية الليلية في الماضي، إضافة إلى البصريات المحسنة في الإضاءة الخافتة، فمن المتوقع أن تتيح نظم الواقع المعزز للجنود التعرف على القوات الصديقة وتتبعها، واكتشاف الأعداء، ورسم خريطة للتضاريس المحيطة، بل وحتى التفاعل مع المركبات غير المأهولة. فيمكن للجندي أن يرى عبر كاميرات طائرة بدون طيار ليحصل على منظر عين الطائر أو يرى خلف الزوايا. سيوفر ذلك للشخص المشارك في معركة جارية وعياً بالأوضاع كما لو كان في لعبة تصويب.
عيوب وعوائق
مع ذلك، كان المسار مليئاً بالصعوبات، فبعد أن أثار النموذج الأولي للواقع المعزز إعجاب الجيش، فازت “مايكروسوفت” بعقد لاحق منذ سنتين بقيمة تصل إلى 21.88 مليار دولار لإنتاج الجهاز. لكن الاختبارات الإضافية في الميدان كشفت عن نفس المشكلات التي عانى منها القابعون على أرائكهم، ومنها الغثيان وإجهاد العين.
بدلاً من أن يوافق الكونغرس على الجولة الجديدة من مبلغ التوريد، ما كان سيضيف آلاف الأجهزة الأخرى، جمّد نحو 400 مليون دولار من تمويل نظام التعزيز البصري المتكامل (IVAS) كان من المقرر صرفها العام الجاري لحين حل المشكلات، ونتيجة لذلك، طرح الجيش في يناير عقداً جديداً بقيمة 125 مليوناً لتطوير نسخة محسنة من نظام التعزيز البصري المتكامل.
رغم المبالغة في حجم تلك الإخفاقات والميزانية المُخفضة، يظل المسار العام للمشروعات كما هو. فبينما تشكل التكنولوجيا عامل التميز ذا الأهمية المتزايدة في أرض المعركة، هناك احتمال ضئيل أن ترفض الحكومة خططاً ستوفر ميزة للجنود.
كما أن ذلك سيمنح ميزة تنافسية للشركات مثل “مايكروسوفت” و”نورثروب غرومان” (Northrop Grumman)، ليس لأن الجيش عميل يصعب إرضاؤه فحسب، بل لأنه عميل لديه الإمكانات المالية الضخمة والرغبة في إنفاق المال على المشروعات الطموحة. وإذا تمكنت الشركات من حل مشكلات سماعات الواقع المعزز، من الأرجح أن تنتقل تلك الإمكانات المتطورة إلى أجهزة المستهلكين، ليتمكن زوكربيرغ من قضاء الوقت مع كل أصدقائه في ميتافيرس.
المصدر: صحيفة الشرق “بلومبيرغ”
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر