سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
رشا عمار
“جميع أنهار أوروبا قد جفت بالفعل”، هكذا وصفت المفوضة الأوروبية للابتكار والأبحاث ماريا غابرييل، الوضع الراهن لظاهرة التصحر التي استفحلت مؤخراً في القارة العجوز، مخلفة تداعيات اقتصادية وإنسانية خطيرة، تشهدها أوروبا للمرة الأولى منذ (500) عام؛ فالقارة التي عرفت بوفرة مواردها المائية تواجه سيناريوهات كارثية؛ بسبب التغيرات المناخية.
ويقول المركز الأوروبي للجفاف، إنّ “نحو (47%) من أراضي القارة الأوروبية، تقع تحت ظروف تحذيرية، مع وجود عجز واضح في رطوبة التربة بينما تشهد (17%) من القارة حالة تأهب، حيث يتأثر الغطاء النباتي بشكل لافت بسبب ارتفاع درجات الحرارة لدرجات قياسية، وما يترتب عليه من زيادة الجفاف والرطوبة، وحرائق الغابات، وهي كارثة تصفها تقارير بأنها الأسوأ في أوروبا منذ (500) عام.
وفي السياق قالت المفوضة الأوروبية للابتكار والبحوث ماريا غابرييل، بحسب “العربية”، إنّ “مزيج الجفاف الشديد وموجات الحر أدى إلى ضغوط غير مسبوقة على مستويات المياه في الاتحاد الأوروبي بأكمله”.
وأضافت: “نلاحظ حالياً أنّ موسم حرائق الغابات أعلى بشكل كبير من المتوسط وتأثيراً مهماً على إنتاج المحاصيل”.
ويتوقع تقرير صدر الإثنين الماضي عن خدمة العلوم والمعرفة التابعة للمفوضية الأوروبية “ازدياد خطر الجفاف في أجزاء كبيرة من إيطاليا وإسبانيا والبرتغال وفرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وإيرلندا ولوكسمبورغ ورومانيا والمجر، وفي دول غير منضوية في الاتحاد الأوروبي هي بريطانيا وصربيا وأوكرانيا ومولدافيا، فيما لا يتوقع الباحثون أن تتغير الظروف المناخية الجافة قبل تشرين الثاني (نوفمبر) في المنطقة الأورومتوسطية الغربية، وفق “دويتشه فيله”.
تضرر الزراعة
أثرت موجة الجفاف التي تعاني منها أوروبا في الوقت الراهن على المنتجات الزراعية بشكل كبير للغاية، وبحسب مجموعة تقارير أوروبية، تركزت التأثيرات في الدول الجنوبية والغربية في حدها الأقصى، فقد فقدت نحو (10%) من المحاصيل الزراعية بفعل موجة الجفاف القياسية التي ضربتها، فضلاً عن تضرر جودة عدد من المحاصيل بشكل كبير.
كما تشير تقارير ألمانية، وفق ما نقله موقع “أرقام” الاقتصادي إلى اضطرار المزارعين زيادة إنفاقهم على المحاصيل بنسبة (6%) لمحاولة تجنب تلفها؛ بسبب الجفاف النسبي الذي أدى إلى انخفاض مناسيب العديد من الأنهار في غرب أوروبا بشكل جعل الحصول على الماء للري بالطرق التقليدية متعذراً بما اضطر المزارعين لنقل المياه في بعض المناطق يدوياً.
وأدى الإجهاد المائي والحراري إلى خفض غلة المحاصيل في أوروبا عام 2022، فيما يرجح مراقبون أن تنخفض إنتاجية حبوب الذرة وفول الصويا وعباد الشمس (16%) و(15%) و(12%) أقل من متوسط الأعوام الخمسة السابقة على التوالي، بحسب “العربية”.
شلل حركة التجارة بسبب جفاف الأنهار
من التداعيات الخطيرة لتفشي الجفاف في أوروبا، انخفاض مستويات الأنهار مثل نهر الراين، مما منع السفن الكبيرة ذات الأحمال الثقيلة من عبور نقاط مرور رئيسية وإجبار شركات الشحن على استخدام سفن أصغر.
تشير تقارير ألمانية، وفق ما نقله موقع “أرقام” الاقتصادي إلى اضطرار المزارعين زيادة إنفاقهم على المحاصيل بنسبة 6% لمحاولة تجنب تلفها بسبب الجفاف النسبي
وبلغ منسوب المياه عند نقطة ضيقة، والتي تقع بالقرب من بلدة كاوب على نهر الراين الأوسط، (37 سم) منتصف الأسبوع الماضي، ووفق “سكاي نيوز” حال ذلك دون مرور السفن الكبيرة والثقيلة التي لا تتمكن من العبور إذا انخفض المستوى عن (40 سم).
ويتوقع التقرير أن تواجه الشركات الواقعة على طول نهر الراين، والتي تعتمد على السفن لنقل المواد الخام والبضائع الجاهزة تأخيرات ونقصاً، وأن تشهد محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم ومحطات الغاز نقصاً في الإمدادات، إذا توقف الشحن على نهر الراين.
أفريقيا أيضاً تعاني
يشهد القرن الأفريقي، أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من (4)عقود، بحسب الباحثة المختصة بالشؤون الأفريقية هايدي الشافعي، “حيث يواجه أكثر من (20 ) مليون شخص، بحلول منتصف عام 2022، جوعاً شديداً في إثيوبيا وكينيا والصومال، بدلاً من (13) مليون شخص في بداية العام، ويتوقع برنامج الأغذية العالمي أن يتخطى عدد من يعانون من الجوع الشديد في البلدان الثلاثة 22 مليون شخص بحلول أيلول (سبتمبر) المقبل، على أن يستمر هذا العدد في الصعود، وتتعمق شدة الجوع إذا فشل موسم الأمطار في تشرين الأول (أكتوبر)، مع استمرار ارتفاع الأسعار في ظل ضعف الاستجابات الدولية.
وفي دراستها المنشورة بموقع المرصد التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تحت عنوان: “مجاعة وشيكة: الجفاف يهدد حياة 22 مليون شخص في القرن الأفريقي”، تقول الشافعي إنه “بالرغم من أنّ القارة الإفريقية تعد الأقل انبعاثاً لغاز ثاني أكسيد الكربون، إلا أنها باتت أول ضحايا التغير المناخي”.
ماريا غابرييل: مزيج الجفاف الشديد وموجات الحر أدى إلى ضغوط غير مسبوقة على مستويات المياه في الاتحاد الأوروبي بأكمله
وأطلقت الأمم المتحدة نداءً بقيمة (4.4) مليارات دولار لتغطية الاحتياجات الطارئة في المنطقة، وتعهد المانحين بتقديم (1.4) مليار دولار في نيسان (أبريل) لتغطية الاحتياجات الإنسانية للأشهر الـ (6) المقبلة، ولكن ما تم جمعه بالفعل منها لا يتخطى (400) مليون دولار، وبالتالي ترى الشافعي أنّ هذا النقص في المساعدات الإنسانية يُعزى في المقام الأول إلى نقص التمويل، ما أدى إلى تقييد الجهود المبذولة للاستجابة المبكرة للاحتياجات الإنسانية وتجنب المجاعة في القرن الأفريقي.
ولا تتوقع الشافعي أن تنحسر الاحتياجات الإنسانية الناشئة عن تغير المناخ في منطقة القرن الأفريقي قريباً، في ظل توقع موجة جفاف خامسة بين تشرين الأول (أكتوبر) وكانون الأول (ديسمبر) المقبلين، وللتغلب على التحديات المعقدة التي تواجهها المنطقة، وتقليل أثر الجفاف وتخفيف حدة المجاعات، يحتاج المانحون الدوليون إلى زيادة التمويل الإنساني الفوري والمستدام، لمنع الخسائر في الأرواح على نطاق واسع في جميع أنحاء القرن الإفريقي”.
المصدر: حفريات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر