سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
بو بيترز
كيف يمكن لنظامنا المتطور للتجارة العالمية وإنتاج الغذاء أن يستمر في ظل انتشار الجوع؟
إن نقص الغذاء مشكلة تواجهها البشرية منذ ما قبل التاريخ المسجل. وفي العالم الحديث للتجارة العالمية، قد يبدو من المستغرب أن مثل هذه المشاكل لا تزال قائمة. ومع وجود الكثير من السبل للتجارة والابتكار الزراعي الشامل، كيف يمكننا الاستمرار في مواجهة نقص الغذاء؟
هنا يمكننا القول بأنه في مواجهة جائحة فيروس “كوفيد – 19″، فإن العالم يواجه نقصًا في الغذاء يمكن أن يترك 265 مليون شخص يواجهون الجوع الحاد بحلول نهاية عام 2020. وهذه كارثة يمكن تكون من أهم القضايا الإنسانية التي يقدمها الفيروس نفسه.
فلماذا يحدث هذا؟ ما هي القضايا الجيوسياسية التي تضع الأساس لانتشار الجوع في العالم الحديث؟ ولماذا تخلق الجغرافيا السياسية للأغذية دوريًا هذه الكوارث؟
هنا، يمكننا إلقاء نظرة تاريخيةٍ موجزة للعلاقة الجيوسياسية بنقص الغذاء، وكيف يساهم الاقتصاد التجاري العالمي في هذا النقص، والحلول المحتملة للمشكلات الجيوسياسية التي نواجهها.
نظرة تاريخية موجزة لنقص الغذاء الجيوسياسي
منذ أن بدأت البشرية تجارة الإمدادات الغذائية لمسافات طويلة، تسللت سياسات ومشاكل التجارة إلى أنظمتنا الغذائية. ففي عام 600م، كان التجار يجلبون السكر من الشرق الأوسط عبر البحر الأبيض المتوسط. وفي وقت لاحق، وضع الأوروبيون الذين جلبوا السكر والمحاصيل الأخرى إلى العالم الجديد، الأساس لنظام عالمي مترابط جدًا لتجارة المواد الغذائية.
ومع تحول ديناميكيات التجارة العالمية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ارتفع استهلاك اللحوم، وتسبب الطلب على القمح في الاتحاد السوفييتي لدعم صناعة اللحوم في نقص القمح في أماكن أخرى. وفجأة، كان هناك ترابط بين التجارة العالمية.
ولم يكن لدينا أبدًا إمكانات أكبر لإنهاء الجوع في العالم، أو لاحتوائه على نطاق واسع.
والرجوع إلى عام 2020، فقد أدت جائحة فيروس كورونا إلى توقف مصانع تجهيز الأغذية حول العالم بسبب مخاوف صحية. وولَّدت عمليات الإغلاق هذه بالضرورة أزمة إنسانية، فقد كان على مصانع الأغذية حماية الموظفين والجمهور من “كوفيد – 19”. لكن النتائج كانت خطيرة على جوانب متعددة.
والآن، يواجه الملايين حول العالم الجوع والمجاعة. ولكن كيف لا تزال هذه المشاكل سائدة؟ وكيف يمكن حلها؟
مشاكل التجارة العالمية
يشكل نقص الغذاء حول العالم تهديدًا حقيقيًا. لقد أظهرت لنا أزمة “كوفيد – 19” أبعاد تلك الأزمة من خلال إعادة حقيقة هذا الخطر إلى الولايات المتحدة نفسها، والتي تجلت في تباطؤ سلاسل التوريد وإغلاق مصانع اللحوم، والتي تتسبب جميعها في سلسلة من ردود الفعل، بجانب مظاهر الإضرار بحياة المزارعين وسبل عيشهم ومحاصيلهم وماشيتهم.
ولكن: لماذا تؤدي التجارة العالمية إلى تفاقم هذه المشاكل؟
هناك العديد من الأسباب التي تجعل العالم المترابط الذي نعيش فيه، عرضة للجوع على نطاق واسع ونقص الغذاء وقضايا الصحة العامة التي تنشأ عن تجارة الغذاء العالمية.
وفيما يلي بعض أسباب هذه الثغرات:
الطبيعة الدورية للجغرافيا السياسية والطعام
إن المشاكل التي يسببها نظامنا المتكامل للتجارة العالمية وردود الفعل السياسية، تخلق سلسلة دورية تستمر في تفاقم القضايا المذكورة آنفًا.
لقد قمنا ببناء نظام خاص بالواردات والصادرات، لا يتناسب مع احتياجات الأشخاص الذين يعملون في هذا النظام.
ونتيجة لذلك، فإن بيئة التجارة العالمية التي نعيش فيها تمتد فيها الموارد إلى الدول المستوردة التي لديها القدرة الشرائية والتجارية للحفاظ على نفسها، حيث يتم تخزين المواد الغذائية بشكل فعال، بينما تعاني الدول الأكثر فقرًا من خسائر كبيرة. ففي حالة الكوارث مثل الأوبئة ذات التأثير الاقتصادي الحاد، تجد هذه البلدان الفقيرة والصحاري الغذائية أسعار المواد الغذائية ترتفع إلى مستويات عالية.
ونظرًا لأن الدول النامية التي تتقدم من الناحية الاقتصادية تتطلب المزيد من الأطعمة ذات الموارد الثقيلة مثل اللحوم ومنتجات الألبان، ويتم تطوير هذه الموارد بشكل أكبر في المجتمعات الفقيرة، ولكن يتم بيعها لمن يدفع أكثر. علاوة على ذلك، فإن التأخير في معالجة الأغذية من عمليات الإغلاق مثل تلك التي تسببها جائحة فيروس كورونا، تؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم، وإعادة توجيه تلك الموارد إلى المناطق التي يمكن أن تتحملها.
إنه نظام دوري يكاد يضمن الخاسر، تمامًا كما أظهرت أزمة “كوفيد – 19” في دول مثل شرق إفريقيا وكينيا.
يضاف إلى هذه المشكلة تغير المناخ الذي يمثل خطرًا على نمو المحاصيل في جميع أنحاء العالم. وفي نفس الوقت، بما أن الولايات المتحدة تكثف إنتاج الإيثانول للوقود من أجل استخدام عدد أقل من الوقود الأحفوري، فإن جزءًا متزايدًا من المحاصيل والموارد الزراعية في البلاد سيتم توجيهه نحو إنتاج الوقود. والنتيجة إذًا هي قلة الموارد الغذائية الموجهة للأشخاص الذين يحتاجون إليها.
وتعادل كل هذه العوامل وضعًا غير مستقر، حيث تحتفظ الدول الغنية بالسلطة على الإمدادات الغذائية، بينما يصبح الحصول على الغذاء مسيّسًا جدًا في الدول الأخرى.
أضف إلى ذلك مخاطر الدول التي ربَّما تتلاعب بالإحصاءات والبيانات والمواد الغذائية لتحقيق مكاسب اقتصادية، وتصبح نتائج الصحة والرفاهية في العالم مشكوكًا فيها.
الحلول الممكنة
إن الأوضاع التي تؤدي إلى نقص الغذاء العالمي معقدة ومترابطة مثل الاقتصاد العالمي نفسه. وبالتالي، فإن إدارة الحلول القابلة للتطبيق التي لا تفضل بلدانًا معينة وتخلق سُبُلاً للصحة العالمية، تمثل تحديًا صعبًا في القرن الحادي والعشرين، ولكن مع ذلك لا يزال الأمل قائمًا.
إذ يعمل الخبراء على الأفكار التالية للمساعدة في ضمان عدم تسبب الظروف الجيوسياسية بنقص الغذاء وحدوث مجاعة جماعية والوفاة في المستقبل:
ولكن من خلال إحراز تقدم نحو نظام مترابط يضبط ويستعد للنقص، بدلاً من تفاقمها، يمكننا تقليل الأضرار الناجمة عن نقص الغذاء في المستقبل.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: جيوبوليتيكال مونيتور Geopolitical Monitor
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر