الحوار بين كوسوفو وصربيا | مركز سمت للدراسات

الجائحة تضفي شكوكًا جديدة حول الحوار بين كوسوفو وصربيا

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 21 أبريل 2020

بارباريم إسوفي

 

في حين أن كل الأنظار لا تزال متجهة صوب محاربة جائحة” كوفيد – 19″، لم تفارق كوسوفو شكوكها ومعاركها السياسية للحظة واحدة منذ بدء الأزمة الصحية.فقد جاء أولاً انهيار حكومة “ألبين كورتي” بعد 51 يومًا فقط من توليه منصبه، تاركًا العديد من العمليات المهمة معلقة في الميزان.

ثم جاء تعيين الدبلوماسي السلوفاكي “ميروسلاف لاجاك”، مبعوث الاتحاد الأوروبي لمحادثات كوسوفو وصربيا، الأسبوع الماضي. وقد ترتب على هذا التطور الأخير حبس الرئيس “هاشم ثاتشي” ورئيس الوزراء “كورتي”.

وفي غضون ذلك، لا يرى المحللون أي احتمال حقيقي لاستئناف سريع لعملية الحوار المتوقفة مع صربيا. فيقول “جيزم فيسوكا”، الأستاذ المشارك في دراسات السلام والصراع بجامعة مدينة دبلن بأيرلندا: “إن الإغلاق العالمي بالتأكيد سيؤخر احتمالات التسوية بين كوسوفو وصربيا هذا العام، والتي كانت في الأساس قاتمة على أي حال، لذا فمن المتوقع أن نرى أعمالاً تحضيرية أو جهودًا متوازية بشأن شكل المحادثات المستقبلية التي تجري خلال النصف الثاني من العام، لكن هذا سيتأثر بشكل كبير بالانتخابات في نهاية المطاف في صربيا وكوسوفو وفي الولايات المتحدة أيضًا”.

وبحسب “فيسوكا”، ففي ظل هذه الظروف، فإن استئناف الحوار المتقطع لن يستغرق فقط أيامًا أو أسابيع أو شهورًا.فربَّما نرى بصيصًا من الأمل قرب نهاية العام، بشأن الإجماع الناشئ حول شكل المحادثات المستقبلية، وذلك على الرغم من أن هذا قد يرتبط بالتطورات الأخيرة في كوسوفو والمنطقة الأوسع بأسرها.

مبعوث جديد ونزاعات جديدة في كوسوفو

في 3 أبريل، وهو اليوم الذي تمَّ فيه تعيين “لاجاك” مبعوثًا للاتحاد الأوروبي للمحادثات، أرسل إليه رئيس الوزراء “كورتي” رسالة تهنئة، متمنيًا له النجاح في منصبه الجديد.وقال “كورتي”: إن الحوار يجب أن يتوسطه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية”.وفي غضون ذلك، أعرب الرئيس “ثاتشي” عن مزيد من الاحتياطات بشأن تعيين “لاجاك”، بسبب هويته الوطنية.فـ”لاجاك” البالغ من العمر، 57 عامًا، هو وزير خارجية سلوفاكيا السابق، وهي واحدة من خمس دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي لا تعترف باستقلال كوسوفو، إلى جانب إسبانيا واليونان ورومانيا وقبرص.ويوم الأحد الماضي، عندما تحدث “لاجاك” على “تويتر” عن محادثة هاتفية للرئيس الصربي “ألكسندر فوتشيتش”، مع أحد مستشاري “ثاتشي”، أرتان بهرامي، وصفها بأنها “بداية خاطئة”.وقال “إن المبعوث الخاص لحوار كوسوفو/ صربيا لا يركز على أهداف أو منظور كوسوفو بشأن الحوار ولكن على صربيا. ويجب على أي شخص يتطلع إلى دور “وساطة” أن يتصل بكوسوفو أولاً، لذا فإن (البداية خاطئة).

وفي عام 2018، صوّر “ثاتشي” و”فوتشيك” تبادل الأراضي كحل وسط محتمل، وهي فكرة قالت الإدارة الأميركية في ظل إدارة دونالد ترمب إنها مفتوحة للاستكشاف، لكنها قسمت الاتحاد الأوروبي. وقال بعض القادة الأوروبيين، ولا سيما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن ذلك لم يكن بداية.فقد عاد “كورتي” إلى قضية تبادل الأراضي المشوشة في رسالته إلى “لاجاك”، عندما قال إن الحوار لا ينبغي أن يتحول إلى عملية “حفظ ماء الوجه” أو الحفاظ على سمعة السياسيين وقادة الدولة.وأضاف كورتي: “نحن لسنا بحاجة إلى حوار يتضمن خرائط على الطاولة أو عملية تقودنا إلى إعادة رسم الحدود”، مشيرًا إلى أن شعبي البلدين يجب أن يكونا المستفيد النهائي من الحوار.ويقول “فيسوكا” إن القلق في كوسوفو بشأن تعيين دبلوماسي من دولة غير معترف بها كمبعوث للاتحاد الأوروبي أمر مفهوم، معتبرًا أن رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، “جوزيف بوريل”، يأتي من دولة أخرى غير معترف بها.وقال “فيسوكا” إن كوسوفو يجب ألا ترفض تعيين “لاجاك” تمامًا، حيث يجب عليها أن تستخدم تعيينه، وكذلك دور “بوريل”، للتوافق بشكل وثيق مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه والتي لم تعترف بكوسوفو حتى الآن.

فمن وجهة نظره، فإن الرد المختلط على تعيين”لاجاك” يمكن أن يعمل حتى لصالح كوسوفو، مما يدفع الاتحاد الأوروبي للقيام بدور أكثر توازنًا وأكثر عدالة في تسهيل المحادثات بين كوسوفو وصربيا. وقال: “قد يدفع الاتحاد الأوروبي للقيام بدور وساطة أكثر فعالية”.

وأضاف: “على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يستغل هذه الاستجابة المختلطة لإخفاء غموضه تجاه كوسوفو والمنطقة التي تقف وراء عدم وجود إجماع وطني بين الأطراف الرئيسية في كوسوفو”. لقد حدث هذا في الماضي، كما تمَّ في حالة تأجيل تحرير التأشيرة تحت ذريعة ترسيم الحدود مع الجبل الأسود والحال نفسه لغياب الإرادة على مكافحة الفساد.وبالتالي، فإن المطلوب هو إجماع داخلي ودفع نحو المزج بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، تبدو فرص “كورتي” في الحصول على أغلبية جديدة في البرلمان ضئيلة. فلم يشارك في أي مناقشات جديدة مع الأحزاب الأخرى، مفضلاً إجراء انتخابات مبكرة جديدة بمجرد أن ينتقل الوباء.والسؤال الآن ينصب على ما إذا كان دستور كوسوفو يسمح لـ”ثاتشي” بتمرير تفويض رئيس الوزراء إلى الحزب الذي جاء في المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية في العام الماضي، بالرابطة الديمقراطية لكوسوفو، بقيادة مصطفى مصطفى.

وبينما تدير حكومة “كيرتي” المؤقتة أزمة الجائحة، قال معهد كوسوفو الديمقراطي، وهو مركز أبحاث مقره في بريشتينا، أخيرًا، إن الخلاف السياسي الداخلي في البلاد لا يؤثر فقط على التطورات في السياسة الداخلية، بل على علاقات كوسوفو مع الشركاء الدوليين أيضًا.و قد ترك حكم المحكمة الدستورية العام الماضي الحوار مع صربيا في أيدي رئيس الوزراء، لكن معهد كوسوفا يجادل بأن تصويت 25 مارس بحجب الثقة في البرلمان في حكومة “كورتي” يعني أنه لم يعد لديها تفويض للتعامل مع الحوار.

وقال المعهد في بيان له إن: “المحادثات مع صربيا يجب أن تتم عندما يكون لدى كوسوفو حكومة تتمتع بالشرعية الكاملة لممارسة وظائفها الدستورية”. وقد دعا معهد السياسة الأوروبية في كوسوفو، وهو مركز أبحاث آخر، جميع القادة السياسيين إلى توحيد وتحديد المصالح الحيوية للبلاد في الحوار. وحث الطيف السياسي على خلق وحدة داخلية بشأن تعزيز الحوار بشأن تطبيع العلاقات مع صربيا كمعيار رسمي رئيسي لتحقيق تطلعات مواطني كوسوفو إلى عضوية الاتحاد الأوروبي.

وقال “فيسوكا” إن مفتاح التسوية المستدامة مع صربيا لم يكن فقط حول من هو الوسيط، أو أين تتم العملية.فقد ركز على الوحدة السياسية باعتبارها حلاً مقبولاً لدى غالبية مواطني كوسوفو الذين يلعبون دورًا أكثر أهمية في بقاء واستمرارية تسوية مستقبلية مع صربيا. كما قال إنه في حين أن دعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة له نفس الأهمية بالنسبة لكوسوفو، فإن “الأهم هو الإجماع الوطني حول كيفية المضي قدمًا في المحادثات المستقبلية والاحتفاظ بالشرعية الشعبية”. كما أنه يرى أن دفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من أجل التسوية، إلى جانب الوحدة الوطنية داخل كوسوفو، أمر حيوي لتحقيق نتيجة مستدامة.

وقال إن شكل المحادثات من الاتحاد الأوروبي فقط يخاطر بتعريض كوسوفو لنقاط ضعف استراتيجية مختلفة بسبب عدم وجود موقف موحد من الاتحاد الأوروبي بشأن استقلال كوسوفو. فقد تبدو الصيغة الأميركية فقط واعدة، لكنها يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر على حد سواء بسبب عدم القدرة على التنبؤ من قبل إدارة ترمب ومتطلبات المشاركة النهائية للقوى الكبرى الأخرى، التي قد تشكل العملية.

وبالمثل، فإن صيغة الأمم المتحدة فقط تعرض كوسوفو لموقف روسيا والصين المناهض لاستقلالها.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: بلقان إنسايت 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر