سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
فادى طلعت
يتناول التقرير الصادر من “The Center for Strategic and International Studies “csis الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وحرب السيطرة عليها وعلي نفط الخليج بين الولايات المتحدة والصين، حيث إن الولايات المتحدة انغمست في حروب لا نهاية لها في الشرق الأوسط، مثل أفغانستان والعراق وسوريا، ولذلك لا تريد خوض الحرب فى تايوان وبحر الصين الجنوبي، لتجنب الصين في منطقة تمكِّنها من الاستفادة القصوى من قوتها العسكرية. أيضا، اعتماد الصين المتزايد على واردات البترول يجعلها أكثر عرضة بشكل مطرد لأي انقطاع أو حدود لتدفق الصادرات البترولية من الخليج، وعبر المحيط الهندي ومضيق ملقا.
الصين مصممة لتكون شكلاً من أشكال المنافسة “البيضاء” مع الولايات المتحدة. هذا التعبير استخدمه كاتب التقرير انتوني كوردسمان للتعبير عن أن الصين لا تفصل بين جهودها العسكرية والمدنية، وبرامجها الاقتصادية، مثل “الحزام والطريق”، وأنها تريد التنافس مباشرة مع الولايات المتحدة في كل جانب من جوانب التطوير العسكري والتكنولوجيا تقريبًا. ولكن إذا أرادت الولايات المتحدة ردع الصين بنجاح وإجبارها على المنافسة السلمية والتعاون، فيجب عليها التنافس على المستوى العالمي، لأن مواجهة الصين بخطر المواجهة المحلية ستكون أكثر تكلفة من الناحية العالمية، مما يستحق الانتصار، حيث أشارت بعض الدراسات والمناورات الأمريكية أن الميزة الأمريكية السابقة قد تآكلت بشكل حاد، وأنه يمكن للولايات المتحدة أن تخسر بعض سيناريوهات الحرب المحتملة، مما يعنى استغلال كل ميزة رئيسية في المنافسة السياسية والاقتصادية مع الصين، وكذلك في المنافسة العسكرية، بمعني مجاراة الصين من حيث القوى التعويضية في شرق المحيط الهادى مع النفوذ الاستراتيجي للولايات المتحدة في مجالات أخرى، وأن تفعل ذلك بحسب الشروط الصينية.
أهمية النفط للصين، والأهمية القصوي لمنطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا للدولتين:
وبمقارنة واردات واستهلاك الدولتين في البترول، فإن الصين سوف تعتمد بشكل حاد على صادرات النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج، وقد يمتد هذا الاعتماد حتى عام 2050، بحسب توقعات الطاقة العالمية. وعلي الناحية الاخري، اعتماد الولايات المتحدة المباشر على واردات النفط من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انخفض إلى النقطة التي أصبحت فيها شبه مكتفية ذاتيًا في البترول والغاز. وهذا يعني أنه إذا قامت الصين و –أو- روسيا بإزاحة الولايات المتحدة عن نفوذها الاستراتيجي في منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، فسيؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة في نفوذهما الاستراتيجي على جزء كبير من آسيا.
استهلاك الصين للبترول، واعتمادها علي الواردات النفطية:
تعرض توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن المصدر الوحيد الموثوق به للصين لكثير من مستواها الحالي من الصادرات البترولية والزيادات المستقبلية التي ستحتاجها هو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وهذا يوضح مدي أهمية منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا الاستراتيجية المرتبطة مباشرة بالصين في إنشاء قاعدة مستقرة للمنافسة العالمية الأمريكية مع الصين في أجزاء كثيرة من العالم. وتريد الصين أيضا إلى مد نفوذ “منطقتها البيضاء”، ومن الممكن استخدام خيارات “المنطقة الرمادية” العسكرية.
تسعي الصين دائما للاستحواذ علي الطرق الحيوية في منطقتها، أو حتي مناطق تجارتها، وهذا يجعل أمن منطقة الخليج والسيطرة على الطرق البحرية المؤدية إلى آسيا من بين المصالح الاستراتيجية الحيوية للولايات المتحدة.
ونظرًا لأهمية حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي، وللحفاظ على استقلال تايوان، فإن القدرة العسكرية للسيطرة على الطرق البحرية غرب مضيق ملقا وفي المحيط الهندي أمر بالغ الأهمية للصين، وهي تقدم للولايات المتحدة ميزة كبيرة في القوة التعويضية. علاوة على ذلك، فإن الزيادات في المفاوضات الروسية مع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول الخليج بشأن حصص إنتاج النفط وأسعاره يمكن أن تزيد من النفوذ الاستراتيجي الروسي، وربما الروسي – الصيني، في كل من آسيا، وعلى المستوى العالمي الأوسع إذا لم تستمر الولايات المتحدة في دعم شركائها الخليجيين الاستراتيجيين. أيضا، تسعى كل من الصين وروسيا بالفعل إلى زيادة مبيعات الأسلحة، والأدوار الاستشارية، والوجود الاستراتيجي.
ملكية الموانئ البحرية الصينية في بحر الصين الجنوبي ومنطقة المحيط الهندي منذ أكتوبر 2013:
اتكاء دول آسيا علي استيراد النفط جعل الشراكات الاستراتيجية للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أداة مهمة وخطيرة في الحفاظ على القوة التعويضية للولايات المتحدة ضد الصين. علي الناحية الموازية، يشكل اعتماد الصين المتزايد على واردات البترول الأهمية الحاسمة لتوسيع نهج الولايات المتحدة للتنافس مع الصين بما يتجاوز البعد العسكري لمعالجة القوة السياسية والاقتصادية “المدنية”، بالإضافة إلى النفوذ على المستوى العالمي.
بعد هذه المناقشات، نري أن الأولوية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تبدلت من حماية واردات النفط الأمريكية إلى التنافس مع الصين وروسيا، وإلى الحفاظ على نظام اقتصادي عالمي يحبذ الولايات المتحدة. ولكن لا تزال الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج تمثل مصلحة استراتيجية حيوية للولايات المتحدة كما كانت خلال فترة الذروة، لاعتماد الولايات المتحدة على واردات البترول، وقد تكون أعلى في المستقبل. أنهي أنتوني هذا التقرير بقوله: “هذه العوامل مجتمعة تجعل القوة المدنية لا تقل أهمية عن القوة العسكرية. كما أنها توفر فرصًا أكبر بكثير للانتقال من المنافسة والمواجهة إلى شكل من أشكال التعاون القابل للحياة أكثر من سباق التسلح وبناء القوات العسكرية. حتى على المدى القصير، فإن النصر العسكري من خلال أي شكل جدي من أشكال القتال الفعلي يهدد بالتحول إلى تناقض لفظي، والجهود المدنية والعسكرية الفعالة لها نتائج محتملة مختلفة تمامًا”.
المصدر: مجلة السياسة الدولية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر