سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
إسلام كمال الدين
في إطار سعي المملكة العربية السعودية للانفتاح على جميع القوى الدولية والإقليمية، واستغلال ثقلها الإقليمي، وقوتها السياسية والاقتصادية في شتى المجالات، اتجهت إلى توسيع العلاقات الاستراتيجية مع روسيا، في إطار رغبة حقيقية من الطرفين لتعزيز التعاون بينهما، ولا سيما في الملفات الاقتصادية التي تخدم كليهما، إذ إن روسيا تدرك بشكل كبير حجم المملكة وقوتها الاقتصادية والسياسية في المنطقة.
وفي الثلاثين من مايو – أيار الماضي، زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، العاصمة الروسية موسكو، والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليفتح أفقاً جديدًا للعلاقة بين المملكة العربية السعودية وروسيا، وفي مقدمتها التعاون الاقتصادي.
ما بين الصندوق الروسي والسعودي
وخلال الزيارة أعلن صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، أن صندوق المملكة العربية السعودية السيادي، يعتزم المشاركة في مشروع تطوير موقع مطار “توشينو” السابق في موسكو.
وقال الصندوق الروسي في بيان له إنه “تمَّ توقيع مذكرة نوايا حول الانضمام إلى مجموعة من المستثمرين من أجل المشاركة في تطوير منطقة مطار “توشينو”، الذي يقع شمال غرب موسكو. ويواصل الصندوق الروسي والصندوق السيادي السعودي، العمل على الدفع بفرص الاستثمار في قطاعات، مثل تجارة التجزئة والعقارات ومصادر الطاقة البديلة والبنية التحتية اللوجستية والنقل،” بحسب ما نقلت صحيفة “RT” الروسية المملوكة للدولة.
اتفاقيات مهمة
وستُعدُّ روسيا شريكًا أساسيًا للمملكة العربية السعودية في المستقبل القريب، خصوصًا في ظل توجه المملكة لتعزيز الاستثمار في المجال الصناعي وتدعيم الصناعات غير النفطية، ولا سيما للتخطيط لمرحلة ما بعد النفط، وتنويع مصادر الدخل بتنويع مجالات الاستثمار.
وفي إطار خطة المملكة “2030”، يمكن الاستفادة من تعزيز العلاقات السعودية الروسية في الصناعات العسكرية، وفي صناعات التعدين والصناعات المرتبطة به، وكذلك إنشاء مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء، نظرًا إلى توجه المملكة للاستثمار في تلك المجالات وللخبرات الروسية القوية في تلك المجالات.
وكان منتدى “الأعمال والاستثمار السعودي الروسي”، الذي عقد في العاصمة الروسية موسكو، قبل عامين من الآن، تمخض عن توقيع 15 اتفاقية استثمارية متبادلة بين الدولتين، تستثمر من خلالهما المملكة أكثر من 10 مليارات دولار في مشاريع روسية، ووعدت روسيا تقديم الدعم للمملكة في بناء منشآت نووية لتوليد الطاقة، وأعلنت المملكة عزمها بناء 16 مفاعلاً نوويًا، وإعطاء روسيا الدور الأكبر في تشغيل تلك المفاعلات، فضلاً عن معدل التبادل التجاري بين الجانبين الذي بلغ 1,46 مليار دولار نهاية عام 2014، ومن المتوقع أن يصل إلى 7,5 مليار دولار عام 2020.
التبادل التجاري
وعلى مستوى التبادل التجاري بين روسيا والمملكة العربية السعودية، فقد ازداد في الفترة ما بين سنوات 2003 – 2008 من 211.8 إلى 488.7 دولار أميركي (بلغت قيمة الصادرات الروسية 465.9 مليون دولار أميركي). وتتألف الصادرات من المعادن والمنتجات المعدنية، والعلف والورق والكارتون والخشب وسيارات الشحن.
وفي عام 2002 انطلق مجلس الأعمال الروسي السعودي، وفي أبريل/ نيسان عام 2008 أقيم في الرياض، برعاية غرفة التجارة والصناعة الروسية ومجلس الأعمال الروسي العربي، المعرض الروسي الأول “روسيا والمملكة العربية السعودية – آفاق مستقبلية جديدة للتعاون التجاري – الاقتصادي”، وندوة أعمال. على حين تمَّ إقامة المعرض الثاني عام 2010.
ومنذ عام 2002 تعمل اللجنة الحكومية المشتركة الروسية السعودية في مجال التجارة والاقتصاد والتعاون في المجال العلمي والتقني. وانعقد في الرياض عام 2005 اجتماعها الثاني، على حين تم عقد الاجتماع الثالث للجنة المشتركة في بطرسبورغ في يونيو/ حزيران عام 2010.
التعاون في مجال الطاقة
ولم يتوقف التعاون على التبادل التجاري والصناعي فحسب، بل إن مجال الطاقة يعدُّ من أبرز المجالات المشتركة بين البلدين، ففي عام 2004 تمَّ التوقيع على اتفاقية بين الشركة الروسية المساهمة “لوكويل أوفرسيز هولدنغ” وحكومة المملكة العربية السعودية، حول مساهمة الشركة الروسية في عمليات التنقيب وبناء مصنع لتسييل الغاز بجانب حقل “غوار”، وهو أكبر حقل نفطي في العالم يقع في جنوب شرقي المملكة العربية السعودية.
وفي عام 2004 اُفتتح مكتب للشركة الروسية المساهمة “ستروي ترانس غاز” في مدينة الخبر، وقامت هذه الشركة في سنة 2005 بطلب من غرفة التجارة والصناعة لمدينة الرياض بوضع تصور لإنشاء شبكة وطنية لنقل وتوزيع الغاز في المملكة العربية السعودية، ووضعت تصميمًا لتوزيع الغاز في مدينة الرياض. ومنذ سنة 2006 تعمل في مدينة الخبر ممثلية شركة “غلوبالستروي – أنجينيرينغ”. ثم إن أمام الشركات الروسية فرصة كبيرة لدخول السوق السعودي في الفترة المقبلة، خاصة في إطار خطة المملكة للتنمية والانفتاح على الجميع مع رؤية المملكة “2030.”
تعاون اقتصادي .. ورسائل لإيران والولايات المتحدة
وللتعاون السعودي الروسي في مجال الطاقة، منافع أخرى يمكن أن يتمَّ استثمارها، للوقوف أمام الطموحات الإيرانية في سوق النفط العالمي، فالتعاون بين البلدين سيصعِّب من منافسة إيران لروسيا والسعودية.
وسوف تستطيع السعودية وروسيا، بيع برميل النفط بسعر أقل من 100 دولار، ولن تستطيع إيران تقديم عروض منافسة للمملكة.
كذلك سيحقق التعاون الاقتصادي بين البلدين، مكسبًا قويًا للمملكة، إذ ستجد الولايات المتحدة منافسًا لها في السوق السعودي شديد الأهمية بالنسبة لها؛ وهو ما سيكون رسالة قوية من المملكة، التي لم تكن مرتاحة للسياسة الأميركية في الفترة الأخيرة، تجاه الملف السوري والاتفاق النووي الإيراني.
باحث مصري*
@eslamkamal2000
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر