سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
يعتبر التسويق بالمحتوى مثل التسويق المؤثر، عبارة مألوفة لدرجة أن القليل من الناس يتوقفون للتشكيك فيما تعنيه هذه العبارة، وفي الحقيقة يتماشى هذا التخصص بشكل وثيق مع مفهوم العلاقات العامة، وفي بعض النواحي يعتبر التسويق مفهومًا محدودًا للغاية، في هذا الكتاب الذي نلاحظ أن عنوانه يعيد تأهيل العلاقات العامة، حيث يذهب المؤلف “تريفور يونغ” المستشار والخبير والمدون الأسترالي، إلى أبعد من ذلك حيث يعترف أنه ليس لديه الكثير ليقوله عن “إدارة المبيعات”.
ويكمن السبب وراء ذلك إلى أنه عندما تنظر للمحتوى من عدسة العلاقات العامة، فسيكون النهج أوسع وأكثر شمولية من النظر إلى التسويق بمفرده، بعبارة أخرى فإن هناك دور أعمق يمكن أن يلعبه المحتوى في عملك أو في مؤسستك بالإضافة إلى تأثيره المباشر على عملية المبيعات، وفي الواقع فمن الممكن للعلاقات العامة أن تساعد على جعل وظيفة التسويق، تعمل بشكل أكثر فاعلية بشكل عام.
ومع ذلك فإن سوء الفهم يبدأ من تصور الناس لماهية العلاقات العامة وما يمكن أن تفعله للمنظمة، المستشار “يونغ” حريص على إعادة تأكيد الدور الواسع للعلاقات العامة حيث قال: “إن العلاقات العامة أكثر أهمية من مجرد الحصول على الحبر في جوهرها، حيث أن العلاقات العامة تدور حول بناء التقدير والقيمة والسمعة والعلاقات”.
بعد توضيح الخلط بين الدعاية وبين العلاقات العامة، يتحول المؤلف إلى مفهومين متداخلين آخرين هما: العلامة التجارية والسمعة، وتعتبر شركة “نايكي” من أبرز الأمثلة لتوضيح هذا الفارق: فقد ركّزت الشركة بشدة على علامتها التجارية، ولكنها واجهت تهديدات بالمقاطعة من المستهلكين بسبب ممارساتها التجارية، والدرس المستفاد هنا إن العلامة التجارية القوية لا تعني بالضرورة السمعة الطيبة.
أما فيما يخص التسويق بالمحتوى، فإن مؤلف الكتاب يعرّفه- استراتيجيًا- على أنه: “إنشاء ونشر وتضخيم محتوى أصلي، يكون ذا أهمية وملاءمة وقيمة لجمهور معين، بهدف نهائي هو التأثير على النتيجة المرجوة”، ويوفر المؤلف سياق للتحول الى استهلاك الوسائط رغم انتشار القنوات الإعلامية، مع مراعاة الانتباه القصير والوقت المحدود للعملاء، مع التقيد بالثقافة من خلال التحكم في تدفق المعلومات، فنحن نعلم أننا بحاجة إلى حجب الضوضاء.
وفي هذه المرحلة هناك حاجة إلى شرح الفرق بين التسويق بالمحتوى والتسويق الداخلي، فالمصطلح الأخير صاغه مُؤسِسو “هبسبوت HubSpot”؛ هي منصة لإدارة علاقات العملاء، إذ تتمحور عملية التسويق الداخلي بلا خجل حول “العملاء المحتملين، والمبيعات على وجه التحديد”، وهي تركز بشكل كبير على استخدام محتوى لجذب التفاعل إلى موقع الويب الخاص بك، بهدف الحصول على أكبر عدد ممكن من العملاء المحتملين لأعلى مسار في إدارة المبيعات الخاصة بك، حيث يتعلق التسويق الداخلي إلى حد كبير بسير هذه العملية.
قارن هذا النهج مع تسويق المحتوى للعلاقات العامة، والذي يساعد العلامات التجارية على تمييز نفسها عن منافسيها، سواءً كانوا يعبّرون عن قصة علامتهم التجارية والغرض من أعمالهم، أو يتخذون موقفًا بشأن قضية اجتماعية معينة عبر تحريك الأشخاص في مؤسستهم من وراء الكواليس، أو بتثقيف جمهورهم حول موضوع ساخن يؤثر على صناعته، وهذه كلها طرق فعالة للعلامات التجارية لتبرز في مجموعتها التنافسية.
يحدد “يونغ” أربعة أنواع من المحتوى:
1- محتوى المنفعة: يجيب على أسئلة الناس وهو تعليمي.
2- محتوى القيادة: والغرض منه إثارة النقاش والمحادثة.
3- محتوى الشركة: حيث أنه لا يمكن أن تمنع الشركات أبدًا من التحدث عن نفسها.
4- المحتوى الترويجي: يحتوي على عبارة تحث المستخدم على اتخاذ إجراء “اشترِ مُنتَجنا!”
إن محور الكتاب هو تقديم إطار عمل مفيد لتخطيط استراتيجية المحتوى “بدءًا من الاستماع”، بالإضافة إلى نظرة عامة جيدة على التاريخ الطويل المدهش للتدوين، وقد لا تكون المدونات مركزًا للحديث بعد الآن، ولكن باعتبارها من وسائل الإعلام الرئيسية “المملوكة”، فهي بالتأكيد عنصر أساسي في إستراتيجية المحتوى.
ليس هذا فحسب، فالكتاب لا يقتصر على المحتوى المكتوب بالكلمات فقط، إذ يتعلق أحد فصول الكتاب حول الفيديو باعتباره; “وسيط افعالي؛ يمكن أن يساعد في بناء اتصال مع المشاهدين، والذي بدوره يعزز من ثقة الناس بالعلامة التجارية”، بالإضافة أيضا إلى فصل آخر يتعلق بالمحتوى الصوتي: “البطل المجهول لتسويق المحتوى”.
بعدها يتناول الكتاب وسائل التواصل الاجتماعي ويصفها بأنها: “الوحش الذي لا يشبع، ويتطلب إطعامًا مستمرًا”، ويحذر المؤلف هنا من اتباع نظام غذائي من الوجبات السريعة، ويجادل بدلًا من ذلك بأنه: “بينما المحتوى المصغر؛ وهو نص قصير معبر مثل عنوان المقالة، قد يكون قليلا إلا أنه في المجمل من الممكن أن يكون كبيرًا”، وكل المطلوب هو التخطيط المدروس فحسب.
وعلى الجانب الآخر، هناك محتوى أصلي طويل “استثنائي” مثل الأوراق البيضاء؛ تقرير أو دليل موجز، والكتب الإلكترونية، والبرامج التعليمية، والندوات عبر الإنترنت، فالجمع بين المحتوى الإرشادي “وهو محتوى قيم يوضح مجال خبرتك المهنية بمعالجة مشكلة شائعة تواجه جمهورك، باستخدام لغة واضحة غير اصطلاحية”، بالإضافة لأن المحتوى المصغر في حد ذاته هو “مباراة صنعت في جنة العلاقات العامة”.
ولكن هل ينبغي أن يكون المحتوى المميز الخاص بك متاح مجانًا، أم أن يتم الاحتفاظ به كمحتوى مغلق؟ والجواب هو أن الحكمة التقليدية تقتضي إغلاق المحتوى، حتى تتمكن من الوصول إلى البريد الإلكتروني لشخص ما، ولكن هذه الحكمة لها مخاطرها وعلى رأسها تقليل فعالية مُحسنات محركات البحث للمحتوى؛ لأن محركات البحث لا يمكنها الوصول إلى المحتوى الخاص بك من أجل تصنيفه، بالإضافة إلى قلة احتمالية مشاركة الأشخاص للمحتوى المغلق .
ومع ذلك، فهناك خيار مختلط يحاول الجمع بين مزايا الخيارين، وهو إغلاق المحتوى المميز لفترة من الوقت حين يتم نشره لأول مرة، ثم إتاحته بشكل مجاني لاحقًا.
بعد ذلك، يأخذنا الكتاب إلى مفارقة لا تقل أهمية ألا وهي: “الأقل هو الأكثر”؛ بمعنى آخر، ما هو التوازن الصحيح بين إنشاء المحتوى وبين الترويج له؟ عندما يتعلق الأمر بتسويق المحتوى اليوم، فإن الجودة تتفوق على الكمية في كل مرة، كما يجب أن تكون الجودة والاتساق هي الأهداف الرئيسية في هذه اللعبة.
نحن أمام كتاب مفيد؛ مليء بالأمثلة والتجارب الحية، حيث يأمل المؤلف في الوصول إلى جمهور أوسع وإلى اكتساب سمعة أكبر من خلال التدوين وحده، وعلى الرغم من أن المطبوعات لها بعض الجوانب السلبية، إلا أن الأفكار تتمتع بعمر إفتراضي طويل، وإن كانت بعض الأمثلة التي تم الاستشهاد بها والبرامج والتطبيقات المسماة تؤرخ بسرعة، والكتاب منشور ذاتيًا وموجه لجمهور رجال الأعمال، ويمكن وصفه بأنه عملي أكثر من كونه جذاب مثل قطعة أثريّة.
معلومات الكتاب
المصدر: نشرة elleven – العدد التاسع عشر
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر