التحورات والسياسة واللقاحات.. العوامل وراء أزمة كوفيد في الهند | مركز سمت للدراسات

التحورات والسياسة واللقاحات.. العوامل وراء أزمة كوفيد في الهند

التاريخ والوقت : الأربعاء, 5 مايو 2021

مايكل صافي

 

تسجل الهند حالياً أكثر من مليون إصابة بفيروس كورونا كل ثلاثة أيام. ويعتقد أن أضعاف هذا العدد من الإصابات تقع ولا يتم تسجيلها في هذا البلد الشاسع الذي يعاني ضعف الرقابة الصحية العامة. وقد تجاوز عدد الوفيات 2800 حالة يوم الأحد الماضي؛ ولكن يعتقد أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير.

يتكهن علماء الأوبئة وغيرهم من الخبراء أن عدة عوامل قد تضافرت خلال الأشهر الماضية أدت بالهند إلى أن تعاني أسوأ انتشار لجائحة “كوفيد-19”.

 التحورات

تقول إحدى النظريات إن الموجة الثانية في الهند مدفوعة بفيروس متحور شديد العدوى. حظي ما يعرف بـ”التحور المزدوج” أو المتحور “B1617” باهتمام شديد، على الرغم من أن علماء الفيروسات قد لاحظوا أنه ليس من السلالة السائدة في مختلف أنحاء البلاد، وأنه لم يتم أخذ العدد الكافي من عينات الفيروس لتأكيد مسؤولية أي متحور عن الموجة الثانية.

المتحور البريطاني يسبب العدوى في أجزاء من الهند إلى جانب طفرات أخرى لم تتم دراستها بالشكل الصحيح بعد. ويعتقد علماء الأوبئة أن هذه العدوى أكثر سرعة في الانتشار من تلك التي ضربت البلاد العام الماضي.

قال الدكتور شهيد جميل، عالم الفيروسات ومدير كلية تريفيدي للعلوم الحيوية بجامعة أشوكا، لصحيفة “الغارديان”: “يمكننا القول بناء على سلوك هذه التحورات إنها أشد قدرة على العدوى. على الرغم من أننا في الهند لم نتمكن من ربط هذه المتحورات بارتفاع عدد الإصابات؛ فإنه بناء على ما رأيناه سابقاً (في المملكة المتحدة وغيرها) يمكننا القول إن هذا هو التفسير المنطقي”.

الإخفاقات السياسية

كان هنالك عدد من المتحورات المثيرة للاهتمام في الهند منذ ديسمبر الماضي على الأقل، عندما كانت أعداد الإصابات في حالة تراجع، ولذلك فمن غير المرجح أن تكون هي العامل الوحيد وراء التفشي الجديد. كانت الهند قد خففت إلى حد كبير من إجراءات التباعد الاجتماعي والحجر الصحي بحلول شهر مارس، في قرارٍ ينظر إليه الآن على أنه سوء تقدير سياسي كبير.
بدأت الأعداد الرسمية للإصابات بالهند في التراجع بشكل حاد منذ سبتمبر، وكان من الممكن أن يشكل ذلك فرصة لتعزيز نظام الرعاية الصحية في البلاد، وبناء البنية التحتية لإعطاء اللقاحات قبل الموجة الثانية الأشد التي شهدتها الدول الأخرى، وهذا أمر قال العلماء إنه واقع لا محالة.

بدلاً من ذلك، واصل رئيس الوزراء ناريندرا مودي، تجمعاته الانتخابية التي كان يتفاخر في أثنائها بأعداد مؤيديه، وسمح بمباريات الكريكت في ملاعب مغلقة يحمل أحدها اسمه. وأعلن حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يرأسه، أن الهند تغلبت على “كوفيد-19″، في بيانٍ يشيد بهذا الإنجاز، صدر في فبراير.

ومن بين التجمعات التي سمحت بها السلطات الهندية كان “كومب ميلا”، وهو أحد أكبر التجمعات البشرية في العالم؛ حيث يجتذب ملايين الحجاج إلى نهر الغانج على مدى عدة أسابيع، ما يوفِّر البيئة الملائمة لانتشار الفيروسات المتحورة الموجودة.

بالنسبة إلى الكثير من الهنود الذين يعيشون في أحياء فقيرة مكتظة أو يضطرون إلى العمل لكسب قوتهم، يكون التباعد الاجتماعي أمراً مستحيلاً؛ ولكن أبناء الطبقة الوسطى في المدن الكبيرة تمكنوا من اتخاذ احتياطات “كوفيد-19” في العام الماضي؛ مما ساعد على كبح انتشار الفيروس. وفي فبراير، حذا كثيرون في الهند حذو قادتهم وتخلوا عن هذه الإجراءات، وعادوا إلى المطاعم والصالونات ومراكز التسوق. وقد تبين أن هذا القرار كان قاتلاً بالنسبة إلى البعض.

ضعف البنية التحتية الطبية

تمتلك الهند العديد من المستشفيات والكوادر الطبية الممتازة؛ ولكن نظام الرعاية الصحية الحكومي يعتبر أحد أسوأ الأنظمة في العالم من حيث التمويل، حيث يحصل على ما يزيد قليلاً على 1% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي. هنالك أقل من طبيب واحد لكل ألف مواطن، وينخفض هذا العدد أكثر في المناطق الريفية والولايات الفقيرة.

والنتيجة هي نظام هش قائم على عدد من الأسرَّة يقل كثيراً عن المطلوب، وعجز توريدات المعدات الطبية والأدوية والأكسجين عن مواجهة الحاجة الناتجة عن ارتفاع أعداد الإصابات.
وهذا يعني أيضاً قدرة أقل على تتبع حجم انتشار الوباء؛ ففي المناطق الريفية يعتقد أن معظم الناس يموتون في منازلهم من دون تسجيل سبب وفاتهم.

اللقاحات

دخلت الهند الجائحة كأكبر منتج للقاحات في العالم؛ وهي لا تزال تنتج أكثر من 80 مليون جرعة شهرياً؛ ولكن الصين والولايات المتحدة تفوقتا عليها مؤخراً بعد أن قامتا باستثماراتٍ كبيرة في قدراتهما التصنيعية العام الماضي. بينما الهند، على النقيض من ذلك، تعاني نقصاً في اللقاحات، مع أن الإقبال على أخذ اللقاح بين الهنود كان أقل من المتوقع؛ حيث تلقى تسعة من كل 100 مواطن جرعة واحدة على الأقل حتى الآن.

ولكن نظراً لعدد السكان الهائل، فإن استكمال عملية التطعيم إلى الحد الذي يضمن الخروج من الجائحة هو أمر ليس في متناول السلطات في الهند. بلغ عدد اللقاحات التي أعطيت في جميع أنحاء العالم مليار جرعة حتى يوم السبت الماضي. وإذا افترضنا أن هذه اللقاحات كلها أعطيت في الهند فقط، وبافتراض أن كل شخص يحتاج إلى جرعتَين (لقاح جونسون آند جونسون هو الوحيد الذي يُعطى بجرعةٍ واحدة حتى الآن)، فإن العدد الإجمالي للقاحات سيكون كافياً لنحو 500 مليون شخص؛ مما يترك 400 مليون هندي بالغ دون لقاح.

 

المصدر: كيو بوست

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر