البنك الإفريقي للتنمية.. الفرص والتحديات | مركز سمت للدراسات

البنك الإفريقي للتنمية.. الفرص والتحديات

التاريخ والوقت : الإثنين, 18 نوفمبر 2019

حنان مرسى

 

تحتاج إفريقيا إلى التجارة والاستثمار أكثر من احتياجها للمساعدات التنموية. وينعكس ذلك في التزام البنك الإفريقي للتنمية ببحث كافة الفرص المتاحة لحشد المصادر المحلية.

وستبقى احتياجات إفريقيا التمويلية كبيرة جدًا على مدار العقود القليلة المقبلة. ومن ثَمَّ، ستظل هناك ضرورة لجمع رأس المال العام والخاص لاستكمال التحول الهيكلي للاقتصاديات الإفريقية لتصبح مجتمعات صناعية وما بعد الصناعية.

وبالطبع ستواجه الحكومات إشكالية استدامة الاستثمار في إفريقيا في العقود المقبلة، ويعدُّ تمويل الديون الخارجية أساسيًا في دعم بناء البنية التحتية الأساسية وتوفير الخدمات العامة.

سيسمح حشد المصادر المحلية لإفريقيا بالتوجه نحو الاستقلال المالي. ففي عام 2015، تضاعفت إيرادات الضرائب الإفريقية في عشر سنوات لتصل إلى أكثر من 500 مليار دولار أميركي، وهو ما يعادل تقريبًا ثلاثة أضعاف قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر، والمساعدات التنموية الخارجية، والحوالات المالية.

ولكن، يمكن أن تبلي إفريقيا بلاءً أفضل إذا ما اتخذت بعض الإجراءات لتحسين إدارة الضرائب. فعلى سبيل المثال، زادت الإصلاحات الضريبية لجمهورية توغو من عوائد الضرائب لتصل النسبة مقارنة بإجمالي الناتج المحلي من 16% في عام 2010 إلى 20% في عام 2015 بفضل التوجيهات المالية والتقنية المقدمة من البنك الإفريقي للتنمية.

وتعكس طبيعة التدفقات المالية إلى إفريقيا ديناميكية أسواقها المحلية. ففي عام 2017، وصل إجمالي التدفقات المالية إلى حوالي 180 مليار دولار أميركي. ووصل إجمالي الحوالات المالية إلى 66.2 مليار دولار أميركي، وسجل إجمالي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر 57.5 مليار دولار أميركي بدعم من الاستثمارات التأسيسية من الاقتصاديات الناشئة. وستظل عوائد الضرائب أهم مصدر للتمويل المحلي في البلدان الإفريقية، ولكنها انخفضت مع انخفاض أسعار السلع.

هناك حاجة ملحة للاستمرار في سياسة تطوير الأدوات المبتكرة لتمويل التنمية، مع التركيز على تعميق أسواق رأس المال المحلية ومزاحمة رأس المال الخاص من خلال آليات تخفيف المخاطر لفتح المجال لمصادر جديدة يمكن أن تحل محل الدين.

كما يمكن لتطوير آليات مشاركة المخاطر مع القطاع الخاص من خلال التمويل المسبق لإيرادات الضرائب المستقبلية، وتأسيس عقود تأمينية سيادية، والاستفادة من الضمانات الحكومية والأخرى متعددة الأطراف، أن يساهم في الحد من مخاطر استثمارات القطاع الخاص في المشروعات كثيفة المال.

وينبغي زيادة مشاركة القطاع الخاص في تنمية البنية التحتية من خلال وضع الأطر التنظيمية المناسبة وزيادة حجم الشراكات بين القطاعين العام والخاص. ويمكن للبنك وغيره من المؤسسات المالية الدولية المساعدة في زيادة مشاركة المخاطر مع القطاع الخاص والحد من احتياجات الإقراض العام. ويمكن للديون غير مستحقة الأداء، إذ يعتمد السداد على إنجاز بعض المشروعات، أن تحسن من الحوافز للمسؤولين الحكوميين والشركات الخاصة لاستكمال المشروعات الضخمة بدون تأخير أو مشكلات تتعلق بمراقبة الجودة. ويمكن للدائنين متعددي الأطراف أن يوفروا المعايير والإرشادات وشرائح التمويل منخفضة المخاطر للمشروعات طويلة الأمد.

كذلك يمكن للبنك أن يساهم في وضع الإرشادات والمبادئ لأفضل الممارسات الدولية لتصميم وتنفيذ مثل هذه الآليات الجديدة لتعزيز الشفافية وحماية المقترضين ضد الركود في أسعار السلع، وضمان إجراء ممارسات تنافسية مع موردي البنية التحتية، وصولاً لأفضل تكلفة لتنمية المشروعات.

ويمكن للبنك أيضًا أن يستغل صفقات المنفعة المتبادلة مثل “المصادر الطبيعية مقابل البنية التحتية” مع المقرضين التقليديين أو الثنائيين الجدد. فقد يفيد تبادل المصادر مقابل البنية التحتية؛ إذ تستخدم عوائد المصادر الطبيعية كآليات سداد مباشرة أو إضافية في تمويل مشروعات البنية التحتية الضخمة، في تعزيز التنوع الاقتصادي والحد من الاحتياج إلى الاقتراض الأجنبي المباشر.

ويبحث البنك استخدام سندات العاملين بالخارج لمزاحمة أموال القطاع الخاص وحشد المصادر الطبيعية والمحلية. وقد أُصدرت هذه السندات – بالفعل – من قبل العديد من الدول الإفريقية، مثل: إثيوبيا ونيجيريا، لاستخدام تدفق الحوالات المالية من المهاجرين في الاقتصاديات المتقدمة وتوجيه هذه الأموال في استثمارات البنية التحتية. وقد يوفر البنك – على سبيل المثال – ضمانات أو يشارك في تمويل جزء من عوائد هذه السندات لتصبح أكثر جذبًا للمهاجرين ولضمان تمويل المشروعات الاستثمارية الفعالة.

ويعتبر الابتكار في حشد المصادر والاستثمارات الدولية أساسيًا للتحول الاقتصادي، إذ يوفر معادلة جديدة للنمو، بالإضافة إلى خلق ثقة لدى الجيل الجديد من شباب رواد الأعمال الأفارقة والقادة أصحاب الرؤية الجديدة والطموحة وتشجيعهم على الاستثمار والاشتراك في المشروعات الجديدة والابتكار.

لا يمكن لإفريقيا الجديدة أن تعتمد على السلع أو المساعدات الأجنبية أو المنح من أي نوع. فإفريقيا تعدُّ استثمارًا كبيرًا وصفقة مربحة توفر الكثير من الإمكانات أكثر من حزم الاستثمار الأخرى في البلدان المتقدمة.

والأمر ليس محض خيال؛ إذ يمكن رؤيته في زيادة التنوع والتصنيع في الاقتصاديات الإفريقية والتقدم المتزايد نحو تحقيق أولويات التنمية الخمس في إفريقيا.

ويتضح ذلك أيضًا من خلال منتدى الاستثمار الإفريقي، إذ يمكن استغلال مثل هذه الأفكار وغيرها في إجراء المفاوضات والمساومات لصناعة الصفقات الرابحة بالنيابة عن إفريقيا.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات 

المصدر: cnbcafrica

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر