سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
نير كشيتري
تعمل تقنية البلوكتشين Blockchain على تحويل سلاسل التوريد وتسهيل المعاملات عبر الحدود. ففي عام 2020، أكملت شركة التعدين والمعادن والبترول الأنجلو-أسترالية BHP أول تداول لها مع شركة الحديد والصلب الصينية Baowu على منصة “مين هاب تكنولوجي” MineHub Technologies القائمة على تقنية البلوكتشين. وقد استخدمت شركة تشاينا مينميتالس China Minmetals ، وشركة التعدين الأنجلو ــ أسترالية منصة “مين هاب”.
استخدمت China Minmetals وBHP أيضًا منصة “مين هاب” لمشاركة البيانات بين الشركات وعبر الحدود، مثل المعلومات المتعلقة بمقايسة الانبعاثات والمعادن. وبالمثل، فإن شركة تويوتا اليابانية تتعقب قطع غيار السيارات في مختلف البلدان والمصانع والموردين، كما أنها تتبادل المعلومات مع الشركات المصنعة وشركات التمويل وشركات التأمين ومقدمي الخدمات والمنظمين والعملاء من خلال استخدام تقنية البلوكتشين، إذ تتوقع شركة تويوتا أن تنخفض معدلات الاستدعاء وزيادة السلامة من خلال اعتماد هذه المنصات.
تتسم معظم سلاسل التوريد بكونها طويلة ومعقدة. وبجانب السلع المادية، فإن سلاسل التوريد تتضمن تدفقات غير مادية للمعلومات والتمويل والمدفوعات. فبدون تقنية البلوكتشين، يعتمد تبادل المعلومات بشكل كبير على البريد الإلكتروني والمستندات الورقية. إذ تتضمن الصفقة التجارية العابرة للحدود عمليات لتبادل ما متوسطه 36 مستندًا مختلفًا و240 نسخة من هذه المستندات. لذا، يجب التحقق من صحة هذه الوثائق ودقتها.
كما أن الاتصالات وتبادل الوثائق هي الأخرى عرضة للاحتيال. فخلال الفترة من أبريل إلى سبتمبر 2014، كشفت الصين ما قيمته 10 مليارات دولار من المعاملات التجارية المزيفة. ونتيجة لهذه المخاوف، تفرض البنوك الصينية معدلات فائدة أعلى، ثم إن لديها ميلاً أقل للتمويل الإضافي، حيث تصبح النتيجة وجود فجوة كبيرة بين الطلب والعرض لتمويل سلسلة التوريد والتمويل التجاري. ووفقًا لبنك التنمية الآسيوي، فقد بلغت فجوة تمويل التجارة العالمية 1.5 تريليون دولار أميركي في عام 2018.
ويعتبر المستهلكون أيضًا ضحايا لعمليات الاحتيال في سلاسل التوريد. فعندما يشتري مستهلك صيني عبوة مكتوب عليها “لحوم البقر الأسترالية”، هناك فرصة بنسبة 50% فقط لأن يكون ما بداخلها لحمًا أستراليًا. كما يمكن أن تحتوي بسهولة على لحم الفئران أو الكلاب أو الخيول أو الإبل.
تعد تقنية البلوكتشين أشبه بالدفتر اللامركزي الذي يحتفظ بالسجلات الرقمية للمعاملة في وقت واحد على أجهزة كمبيوتر متعددة. وبعد إدخال كتلة من السجلات في هذا الدفتر، يتم ربط المعلومات الموجودة في الكتلة رياضيًا بكتل أخرى. وبهذه الطريقة، يتم تشكيل سلسلة من السجلات غير القابلة للتغيير. كما أنه بسبب هذه العلاقة، لا يمكن تغيير المعلومات الموجودة في الكتلة دون تغيير جميع الكتل الأخرى.
لقد تم تضمين عرض القيمة الخاص بتقنية البلوكتشين هذه العملية اللامركزية، مما يلغي الحاجة إلى طرف ثالث موثوق به في نقل القيمة، ويتيح ذلك معاملات أسرع وأقل تكلفة. وتعد المعاملات القائمة على تقنية البلوكتشين هي الأخرى غير قابلة للتغيير، مما يجعلها قابلة للتدقيق، وهو ما يحسن الشفافية.
بجانب ذلك، فمن خلال التخلص من السجلات الورقية وتقليل الاحتيال وتحسين الامتثال التنظيمي، توفر تقنية البلوكتشين فرصة كبيرة لتوفير التكاليف. وفقًا لشركة البرمجيات الأميركية “بان كيو” BanQu ، فإن اعتماد تقنية البلوكتشين قد ساعدت الشركات على تحقيق متوسط لمدخرات في سلسلة التوريد بنسبة 15% وتقليل التعرض للمخاطر بنسبة 50%.
وفي ضوء تنامي المعاملات الاحتيالية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بات بإمكان تقنية البلوكتشين أن تحد من الاحتيال من خلال تعزيز شفافية سلسلة التوريد وإمكانية التتبع التي تستحق النظر من قبل الجهات الفاعلة في جميع أنحاء المنطقة. لقد خلصت دراسة حديثة إلى أن الاحتيال يكلف حوالي 4 دولارات لكل معاملة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في عام 2021 وذلك مقارنة بـ3.40 دولار في عام 2019، مما يشير إلى أن حجم هذه المشكلة يتزايد فقط.
ويمكن لأنظمة البلوكتشين القضاء على المخاطر الأخرى، مثل الفواتير المزيفة. إذ تشير التقديرات إلى أنه بالإمكان تقليص فجوة تمويل التجارة العالمية بمقدار 1 تريليون دولار من خلال استخدام تقنية البلوكشتين، إذ يمكن أن تستفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأسواق الناشئة من تطبيقات البلوكتشين بدرجة أكبر من إزالة التعريفات أو الصفقات التجارية.
ويعتبر تمويل سلسلة التوريد وتمويل التجارة من تطبيقات البلوكتشين الشائعة. وتشمل المنصات الرئيسية في هذا المجال كلاً من: إيزي تريد كونيكت Easy Trading Connect ، وكومجو Komgo، وتشيند فاينانس Chained Finance، وإي تريد كونيكتبeTradeConnect، وكونتور Contour وغيرها. وتركز الحكومات على استخدام تقنية البلوكتشين في سلاسل التوريد. فقد أعلنت الحكومة الأسترالية في عام 2020 عن “خارطة طريق بلوكتشين الوطنية”، إذ أكدت أن تتبع سلسلة التوريد إنما هو أحد الاستخدامات الرئيسية لتقنية البلوكتشين.
ومن بين الحلول البارزة، تستخدم شركة “ألي باي” الأسترالية Alipay Australia البيانات الخاصة بتقنية البلوكتشين، وكذا البيانات اللوجستية التي تم إنشاؤها بواسطة أجهزة “إنترنت الأشياء” Internet of Things لتوفير تمويل لأعمال التجارة. كما يتم سداد المدفوعات الهامة إلى المحافظ الرقمية للموردين بينما تتحرك الشحنات على طول سلاسل التوريد. فعلى سبيل المثال، يتم دفع 30% للموردين عند تخليص الشحنة من الجمارك الأسترالية، ويتم دفع 30% عند تخليص الجمارك الصينية، ويتم نقل الباقي عند تسليم المنتج.
لقد تم نشر حلول البلوكتشين لمعالجة المخاطر في سلاسل الإمداد الغذائي. فقد تعاونت شركة “علي بابا” Alibaba الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية مع شركات مقرها نيوزيلندا وأستراليا لتطوير حلٍ قائم على تقنية البلوكتشين فيما يعرف باسم “إطار الثقة في الغذاء”Food Trust Framework ، الذي يستخدم لتتبع المنتجات الغذائية عالية القيمة المستوردة من نيوزيلندا وأستراليا؛ إذ يتم تعيين رمز “كيور آر كود” QR لكل عنصر للمستهلكين لمعرفة التفاصيل حول المنتج. وتتم المصادقة على كل خطوة في سلسلة التوريد، ويتم تخزين المعلومات المتعلقة بالإنتاج والنقل والجمارك والتفتيش ونقل الملكية بواسطة شركة “علي بابا” والمشاركين الآخرين.
وتعمل تقنية البلوكتشين على زيادة الشفافية، وتوفر مصدرًا مشتركًا للحقيقة في سلاسل التوريد. وينبع عرض القيمة المميزة لتقنية البلوكتشين من قدرتها على مكافحة الاحتيال، وهو أمر مهم بشكل خاص في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بسبب التكاليف الكبيرة والمتزايدة للاحتيال في المعاملات التجارية في المنطقة.
لقد حفَّزَت بعض الأمثلة الحديثة إمكانية الاحتيال في سلسلة التوريد الغذائي والصناعة المصرفية هذه الصناعات على تسريع اعتمادها لتقنية البلوكتشين، إذ من المقرر أن تصبح أهمية منصات البلوكتشين في مكافحة الاحتيال أكثر أهمية في المستقبل؛ إذ يصبح المحتالون والمجرمون على درجة أكبر من التعقيد.
في ضوء ذلك، من المقرر أن تستفيد سلاسل التوريد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بشكل كبير من خلال الشفافية والكفاءة التي يمكن أن توفرها سلاسل الكتل. إذ ستستمر شبكات التجارة وسلاسل التوريد المدعومة بتقنية البلوكتشين في الحد من عمليات الاحتيال وعدم الكفاءة، ودفع التنمية الاقتصادية في جميع أنحاء المنطقة من خلال اعتماد تقنية البلوكتشين.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: East Asia Forum
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر